سهير شقير: صوتٌ من الحدائق السرّية

17 سبتمبر 2014
+ الخط -

نادرةٌ هي التجارب الغنائية العربية المعاصرة التي استطاعت أن تقدّم صوتاً أوبرالياً متفرّداً يؤدّي أغانيه بقوالب موسيقية شرقية. فبعد أسمهان، لم تشهد الساحة العربية سوى قلّة من الفنانات اللواتي يمتلكن تلك السّمات الصوتية المتفوّقة. السورية سهير شقير (1967) هي من دون شك واحدة منهن.

لشقير صوت أوبرالي حادّ وعميق، وقدرة عالية على التحكّم بطبقات صوتها ذي المساحات الواسعة، ومتانة في تنقّلها من القرار إلى الجواب بعفوية؛ كأنّ الموسيقى هي من تتبع صوتها، وليس العكس.

واللافت في تجربة صاحبة "صوت الجرس"، أنها لم تغنِّ ما يتطلّب منها كل تلك القدرات فحسب، بل اتجهت أيضاً إلى الأغاني الرقيقة التي تحتاج أداءً هادئاً مثل "عالبال" و"حنّ"، الأخيرة التي لحّنها وشاركها غناءها شقيقها سميح الذي بدأت مشوارها الفني معه عام 1987. كما أنها قدّمت أعمالاً للأطفال مثل "يا قصب" و"يا باح ويا باح".

حين نتابع مسار صوت سهير ولا نستطيع محاصرة تدرّجاته، يكون من حقّنا وواجبنا طرح هذين السؤالين: لِمَ لم تحظ هذه التجربة بما يليق بها من إدراك؟ إدراك لقيمةِ هذا الصوت الذي استوعب أشكالاً غنائية متنوّعة، وكان يمكن أن يثري المكتبة الموسيقية العربية لو أتيح له بعض ما يستحق من فرص.

ولماذا لا تبرز، تحت مسمّى الفن الملتزم، إلا التجارب التي تقترب من الحيّز التجاري وتستسهل الذائقة العامة التي غالباً لا تكلّف نفسها، هي أيضاً، عناء الإنصات إلا لما هو "تطريبي"، غافلةً عن الأشجار التي تنوّر في الحدائق السرّية؟

دلالات
المساهمون