سلطة تشريفات

17 سبتمبر 2016
+ الخط -
صحيح أن شر البلية ما يضحك، والبلية هنا، هي عملياً السلطة الفلسطينية، التي تحوّلت أخيراً إلى نوع من سلطة التشريفات وتقديم التعازي برئيس الإدارة المدنية الجنرال الإسرائيلي منير عامر، تارة والتهاني بعيد الأضحى تارة أخرى. فقد أوفدت السلطة الفلسطينية، يوم الخميس، وفداً خاصاً، غاب عنه هذه المرة، رئيس ما يسمى بلجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي، محمد مدني، ليحل محله جمال المحيسن، لتقديم التهاني بعيد الأضحى للفلسطينيين في الداخل، وشكر لجنة المتابعة لشؤون الفلسطينيين في الداخل "على جهودها لرأب الصدع الفلسطيني".

بات واضحاً اليوم، أكثر من وقت مضى، أن السلطة الفلسطينية فقدت البوصلة كلياً، وهي بدلاً من الانشغال بواجبها الأول المتوقع منها، وهو حماية الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تشغل بالها في محاولة "اختراق المجتمع الإسرائيلي"، وتطويع فلسطينيي الداخل ليسيروا في ركبها، على هدى أوسلو والتنسيق الأمني بأسلوب المخاتير التقليدي عبر تقديم واجب العزاء بمصرع جنرال إسرائيلي، والمشاركة في مؤتمر "التعايش اليهودي العربي" تحت رعاية رمز تهويد بلدة ترشيحا الفلسطينية، شلومو بوحبوط، كما تقديم واجب التهنئة لقسم من الشعب الفلسطيني.

لا نفهم وجود حاجة لمثل هذا الوفد وهذه التهاني، للفلسطينيين في الداخل دون غيرهم، لأن المفروض أن تشمل تهنئة القيادة الفلسطينية لشعبها في العيد كافة قطاعاته وأماكن تواجده، وبالتالي لا مبرر لزيارة التهنئة هذه بوفد خاص، إلا اذا كان الهدف منها انتزاع موقف مؤيد لسلطة محمود عباس، ليس من شخص النائب السابق محمد بركة، إنما من مجمل الفلسطينيين بالداخل تحت مسمى لجنة المتابعة في هذا الوقت الحرج، مع تبادل الطرفين (السلطة ولجنة المتابعة) للمديح حول دور كل منهما في محاولة رأب الصدع الفلسطيني.

ولعل ما يؤكد هذا الاعتقاد تصريح المحيسن بحسب بيان لجنة المتابعة نفسها فيما يتعلق بالعيد والتهنئة قوله: "إن الشارع الفلسطيني تغيب عنه أجواء بهجة العيد، باستثناء الشعائر الدينية. فشعبنا يكون في أيام العيد أمام أضرحة الشهداء"، قبل أن يستذكر 7 آلاف أسير في سجون الاحتلال. هذا القول ينفي الحاجة إذاً لتقديم التهاني فكيف نقدم التهاني فيما يزور بقية أبناء شعبنا أضرحة الشهداء؟

المساهمون