حبس عبد الهادي يطغى على أحاديث الحوار الوطني المصري

04 اغسطس 2024
من مجمع سجون بدر، شرق القاهرة، 16 يناير 2022 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

تطغى قضية قبض السلطات المصرية على الناشط السياسي والمؤسس في الحركة المدنية الديمقراطية، يحيى حسين عبد الهادي، قبل أيام قليلة، ثم قرار النيابة المصرية حبسه، على الأحاديث المتعلقة في جلسات الحوار الوطني، خصوصاً أن بعض السياسيين والمعتقلين السابقين كانوا قد برّروا مشاركتهم بالحوار، بأنها جاءت من أجل الدعوة للإفراج عن المعتقلين السياسيين، حتى جاءت عملية القبض على عبد الهادي لتنسف ذلك التصور. وكان معارضون مصريون، قد انتقدوا بعض المشاركين في جلسات الحوار الوطني المعنية بملف السجناء السياسيين والحبس الاحتياطي، خصوصاً ممن سبق أن كانوا سجناء سياسيين، وهو ما برّره مشاركون في بيان وتصريحات على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.

اعتقال متزامن مع جلسات الحوار الوطني

من جهتها، دانت الحركة المدنية الديمقراطية القبض على عبد الهادي، قائلة في بيان، إن القبض عليه "إشارة سلبية هدفها الترويع وتتناقض مع دعاوى الانفراجة"، وإنها "تتعجب من أن يحدث كل ذلك في وقت تناقش فيه جلسات الحوار الوطني قضية الحبس الاحتياطي، الذي تحول إلى اعتقال مقنع في قضايا الرأي على عكس ما قيل ويقال منذ سنوات عن توجه مؤسسات الدولة لتحقيق انفراجة في هذا الملف الظالم الكئيب، وقد زاد عليه في هذه الحالة وحالات أخرى القبض بما يشبه الاختطاف". وهدّدت الحركة المدنية التي تضم بضعة أحزاب سياسية، بإمكانية تجميد نشاط الأحزاب "في حالة استمرار السلطة في انتهاك الدستور والقانون".

هدّدت الحركة المدنية بإمكانية تجميد نشاط الأحزاب في حال استمرار السلطة في انتهاك الدستور والقانون

كما اقترح الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري، أحمد بهاء شعبان، تشكيل وفد لزيارة النائب العام (محمد شوقي عياد) لبحث ملف الحبس الاحتياطي، وبحث تنفيذ إضراب رمزي لرؤساء الأحزاب في الحركة محدّد المدة في حال استمرار الانتهاكات.

وقال شعبان لـ"العربي الجديد"، إن "اعتقال المهندس يحيى حسين عبد الهادي، وبهذه الطريقة الفظة، كان له وقع شديد السلبية على المناخ العام في مصر، والمحتقن أساساً بسبب اتساع نطاق المعتقلين، وآخرهم فنان الكاريكاتير الشاب أشرف عمر لانتقاده فنياً البذخ الصارخ في الإنفاق على قطار المونوريل (بالكهرباء)، على حساب لقمة عيش ملايين البسطاء، وكذلك لمرور أكثر من عشرة أشهر على محبوسي التضامن مع الشعب الفلسطيني، والمماطلة في إطلاق سراح باقي سجناء الرأي السلميين، وبعضهم مضى عليه في الحبس سنوات بدون محاكمة". وأضاف شعبان: "هذا أيضاً بالإضافة إلى المماطلة في تعديل قوانين الحبس الاحتياطي الذي تحول إلى عقوبة في حدّ ذاته، وكذا تصحيح طريقة الانتخابات التي تدار بالقائمة المطلقة، ولغيرها من الأسباب". وتابع شعبان: "كل ذلك طُرح بوضوح، وعلى نطاق واسع من أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية، وكان التنصل من تنفيذها كما جرى الاتفاق عليه، وكان أيضاً السبب الرئيسي لمقاطعة الحركة الحوار، والانسحاب من جلساته".

ولفت السياسي المصري إلى أن مشاركة بعض السياسيين المحسوبين على المعارضة أو على الحركة المدنية، أخيراً في جلسات الحوار الوطني، وخصوصاً الجلسة التي ناقشت موضوع الحبس الاحتياطي، "تمّت بمبادرة شخصية، ولم تخضع للنقاش داخل أروقة الحركة"، قائلاً إن "رد فعل المشاركين فيها على اعتقال المهندس يحيى حسين عبد الهادي، خاضع لتقدير التهم الخاصة، وإن كنت أعتقد أن هذه التقديرات لا شك ستتأثر بالمناخ العام".

وكانت الحركة المدنية قد أنهت مشاركتها في الحوار الوطني، بانتهاء جلساته قبيل انتخابات الرئاسة الماضية التي أجريت نهاية العام الماضي، ورهنت مشاركتها مرة أخرى بتنفيذ التوصيات التي خلصت إليها الجولة الأولى من الحوار وعلى الأخص، "إصدار قانون الانتخابات متضمناً القائمة النسبية، وإصدار قانون جديد للحبس الاحتياطي، والإفراج عن سجناء الرأي بمن فيهم المحبوسون بسبب الانتخابات الرئاسية والتضامن مع فلسطين".

هجمة أمنية متصاعدة

من جهته، قال عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، المستشار في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، لـ"العربي الجديد"، إنه "من المؤكد أن ما جرى مع المهندس يحيى حسين عبد الهادي، سوف يؤثر تأثيراً قوياً ومباشراً على الحوار الوطني، فهناك تعليقات من غالبية أعضاء مجلس الأمناء ومن المشاركين في الحوار الوطني، ترفض بشدة ما حصل مع عبد الهادي، وهناك حالة استياء أيضاً من الطريقة التي تمّ بها اختطافه، حيث تم التعرض له من خلال إيقاف السيارة التي كان يستقلها في شارع صلاح سالم وسط القاهرة، وإنزاله منها وإلقاء القبض عليه، وبالتالي هناك حالة استياء أيضاً من الطريقة التي تعاملت بها الأجهزة الأمنية معه، وخطفه بطريقة مهينة تشبه طريقة تجار المخدرات".

أحمد بهاء شعبان: مشاركة بعض السياسيين المحسوبين على المعارضة أو على الحركة المدنية، في جلسات الحوار، تمّت بمبادرة شخصية

وأضاف ربيع: "للأسف لا يوجد أي نوع من أنواع المواءمة أو الشعور بأجواء الحوار الوطني عند من ارتكب هذا الفعل، لأن من قرّر اعتقال يحيى حسين عبد الهادي بهذه الطريقة، كأنه في واد والحوار الوطني في واد آخر"، مشدداً على أنه "هناك حالة ضيق واستياء شديدة للغاية لدى غالبية المشاركين في الحوار الوطني وكذلك مجلس أمناء الحوار".

ورصدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان القبض على 125 مواطناً مصرياً وحبسهم على ذمة قضايا سياسية خلال شهر يوليو/تموز الماضي، على خلفية دعوات للتظاهر، من ضمنهم صحافيون ونشطاء وسياسيون. وألقت قوات الأمن المصرية القبض على صحافيين اثنين، هما خالد ممدوح من موقع "العربي بوست"، ورمضان جويدة من موقع "اليوم الإخباري"، بخلاف القبض على رسام الكاريكاتير في موقع "المنصة" والمترجم أشرف عمر، والناشط السياسي يحيى حسين عبد الهادي.

وقالت الجبهة المصرية في بيان مقتضب، أول من أمس الجمعة، إنه "في هجمة أمنية متصاعدة، تعد أقرب إلى حالة الاستهداف الواسع والعشوائي بهدف إغلاق المجال العام في الأعوام من 2018-2022، قامت السلطات المصرية، وفي شهر واحد، باستهداف عشرات المواطنين من بينهم صحافيون ورسام كاريكاتير ونشطاء سياسيون وأشخاص من أعمار ومحافظات مختلفة قاموا بانتقاد السياسات الاقتصادية على مواقع التواصل الاجتماعي أو التضامن مع دعوات للتظاهر، إذ قامت الأجهزة الأمنية باستهدافهم عبر القبض عليهم، وقامت نيابة أمن الدولة بإصدار قرارات بحبسهم بناءً على التحريات الأولية، ووضعهم في قضايا على ذمة اتهامات سياسية".


 

المساهمون