ستيفن جيرارد.. حكاية روح!

03 يناير 2015
ستيفن جيرارد (Getty)
+ الخط -


"ستيفن ولد لكي يكون نجماً، شاهدت ليفربول منذ أكثر من 50 عاما، وشجعت هذا النادي من أعماق قلبي، وأعتبر جيرارد هو النجم الأكثر تميزا على الإطلاق في تاريخ النادي. البعض سيقول إن كيني دالجليش بمثابة اللاعب الأفضل، لكن الملك عاش تألقه مع فريق يضم 11 سوبر ستار، أما جيرارد فلعب مع مجموعة كان أقصى أمنياتها التواجد على دكة البدلاء ضمن الجيل الذهبي لزعيم ميرسيسايد!".

يتحدث جون ألدريدج في مقابلة سابقة مع هيئة الإذاعة البريطانية عن قائد ليفربول، جيرارد الذي أعلن رسمياً أن الموسم الحالي سيكون الأخير له مع "الريدز"، ليختم واحدة من أجمل وأرقى سجلات الوفاء في كرة القدم. وتكمن قيمة كلمات جون في ضربها على الوتر الصعب، وتأكيدها أن لقب "أسطورة" من الممكن أن يُطلق على نجوم خدمت فرقها بطرق أخرى غير حصد بطولات عديدة، وجيرارد ضمن هؤلاء الذين فعلوا المستحيل لبقاء ليفربول في الواجهة حتى آخر مواسمه.

بعيداً عن كلمات الحزن والألم لفراق نجم كبير أحببناه وعرفناه منذ زمن بعيد، فإن جيرارد لاعب له ثقل خاص على الصعيد التكتيكي، ولعب سنوات طويلة داخل المستطيل الأخضر بسبب قدرته على التكيف مع أي خطة، لذلك احترمه كل المدربين الذين عملوا معه، وكانت له ثلاث محطات من الواجب ذكرها.

مات البوكس؟ عاش البوكس!
انتشرت طريقة اللعب 4-4-2 في العالم، ولعب بها المنتخب الإنجليزي لفترات طويلة جداً، وكانت أرضا خصبة لظهور لاعب الوسط البوكس، أي القادر على أداء الواجبات الهجومية والدفاعية في آن واحد، وتألق روي كين كثيراً مع مانشستر يونايتد في هذا المكان، وتبعه الثنائي ستيفن جيرارد وفرانك لامبارد، كأسماء صنعت اسما كبيرا على صعيد الارتكاز الكل في الكل.

طريقة 4-4-2 كانت مناسبة جدا لظهور لاعب البوكس في الملاعب الأوروبية والعالمية. لكن مع وظهور خطة 4-2-3-1، راهن المختصون على اللعب بثلاثة لاعبين في الوسط، وزادت المشاكل أمام لاعبي البوكس. أصبح هناك ارتكاز دفاعي وظيفته التغطية، وآخر مساند يقوم بمساعدته ونقل الكرات إلى الأمام، وثالث هجومي بمثابة صانع لعب، ووجد المنتخب الإنجليزي نفسه في مأزق كبير بسبب تغير طرق اللعب وتطور المنافسين.

الثاني جيرارد ولامبارد، لا يختلف عليهم أحد عند تقييم لاعبي الوسط، حيث الدفاع والهجوم في تركيبة واحدة بتشكيلة منتخب الأسود، وبالتالي لم يكن الناتج الأخير مرضيا للجماهير والنقاد، بسبب تداخل المهام ووجود مساحات شاسعة نتيجة تقدم لاعبي المحور إلى الأمام، وعندما جاء فابيو كابيلو أجبر أحدهما على التمركز قليلا في الخلف بمهام دفاعية صريحة والآخر حصل على المبادرة الهجومية، وكان الحل السحري للإيطالي هو ستيفن جيرارد، النجم الذي تخلى عن "البوكس" وأمّن الارتكاز.

المركز 10
بعد نهائي 2005 الشهير، ونزول الألماني هامان في مركز الارتكاز الدفاعي، والتحول إلى طريقة لعب 3-4-1-2، بوجود ألونسو وهامان في الوسط، وصعود جيرارد كصانع لعب في المركز 10 خلف الثنائي المتقدم في الأمام. جاء التعاقد مع ماسكيرانو وفرناندو توريس لكي يضع الإسباني رافا خطته وفق ما يريد، آملاً في نظام تكتيكي صارم يخدم أفكاره ويعتمد على التوازن في كافة خطوطه.

احتل الأرجنتيني منطقة الارتكاز بالطول والعرض، خافيير قاطع قوي للكرات ومدافع بدرجة لاعب وسط، لا يكتفي بتأمين المنتصف بل يصبح حائط الصد الأول أمام الرباعي الأخير، بينما تكفّل تشابي ألونسو بصناعة اللعب من الخلف والقيام بدور الارتكاز المساند، الذي يعود لأداء الواجبات العادية، ويقوم بنقل الكرات من ماسكيرانو إلى الثلث الهجومي الأخير.

ليتحول جيرارد إلى دور الحسم، ويلعب كرقم 10 خلف المهاجم المتقدم فرناندو توريس، ويتفنن ليفربول في الجمع بين أكثر من طريقة فنية، 4-3-3 في بعض الأوقات، 4-2-3-1 عند التحولات، 4-4-1-1 مع الدفاع والضغط، لذلك سجل الكابتن أهدافا عديدة وكوّن ثنائية تاريخية مع النينو الإسباني في أجمل سنوات العشق والهوى، داخل ملعب الأنفيلد رود.

الريجستا
جاء براندن رودجرز وقرر التحول إلى 4-3-3، وفكر في وضع جيرارد كساعد هجومي على اليمين، وبسبب عامل السن وزيادة الإصابات، زاد العبء على الكابتن ولم يعد قادرا على الركض والجري بالكرة من أول الملعب إلى آخره كما كان يفعل بالسابق، وتوقع الجميع نشوب الخلافات بين المدرب ولاعبه، لكن رودجرز فكر في الحل السحري، وضع الرقم 8 في خانة "الريجستا"، بالتحول إلى الوراء وقيادة الفريق خلف الوسط وأمام الدفاع.

يستلم ستيفن الكرة من العمق، ويحصل على الوقت الكافي للتمرير وبناء الهجمات، ورغم نقص اللياقة فإن الرؤية الكروية الثاقبة أفادته كثيراً في صناعة القرار والتصرف بهدوء بعيداً عن الضغط الفعّال كلما اقترب من مرمى المنافسين، ليقدم الليفر موسما استثنائيا خلال العام الماضي، ويفقد اللقب في النهايات بسبب بعض التفاصيل الصغيرة.

تكتيكياً، أي لاعب ريجستا يحتاج إلى مساند له بالخلف، زميل قوي في الضغط وافتكاك الكرات، ومع فقدان الريدز للبوصلة هذا الموسم، وانخفاض مستوى معظم الأسماء، فإن جيرارد هو الآخر وقع في نفس الفخ، وثقلت أقدامه وصارت طريقة لعبه مباشرة إلى حد كبير، ليتخذ القرار الأصعب، ويعلن الرحيل الصيف المقبل.

دلالات
المساهمون