تلقي هذه الزاوية الضوء على موقع مبدع عربي في محاولة لقراءة انشغالاته من خلال فضاء استحدثته التكنولوجيا وبات أشبه ببطاقة هوية للكتّاب.
يبدو أن رواية "الغلامة" للروائية العراقية عالية ممدوح (1944) هي روايتها المفضلة، ربما لذلك أطلقت على موقعها الشخصي هذا الاسم www.alghulama.com، تلك الرواية التي صدرت عام 2000 وتتناول العلاقة بين السياسة وحياة الفرد الخاصة ولا سيما المرأة والسجن. في موقعها تفرد ممدوح قسماً لكل رواية لها تبدأ من "الغلامة"، ثم "التشهي"، و"المحبوبات"، والولع"، و"النفتالين"، و"غرام براغماتي"، و"الأجنبية" وصولاً إلى أحدث إصداراتها "التانكي"، وفي كل قسم تجد المراجعات والكتابات النقدية التي نشرت عن كل عمل من هذه الأعمال.
يمكن أيضاً مشاهدة أبرز المقابلات التي أجريت معها، مثل مقابلتها التلفزيونية مع قناة "الجزيرة"، وإذاعتي "مونتي كارلو"، و"الشرق"، كما تتيح سماع مقاطع من رواية "الغلامة" بالفرنسية وبصوت الفنانة المسرحية المغربية فريدة، مع ساعة من الحوار معها في معهد العالم العربي في باريس، حيث تقيم اليوم، بعد أن تركت بغداد عام 1982، والمفارقة أن ممدوح ما زالت تكتب في سيرتها الذاتية أنها تقيم "مؤقتاً" في باريس، ويبدو أن هذه الإقامة المؤقتة في المنفى استغرقت عمراً.
في قسم "التانكي" نجد حواراً لا تعرف ممدوح اسم الصحافي الذي أجراه معها، ولا تعرف إن كان نشر أم لا، لكنها تنشر إجاباتها التي تتحدث عن مكان وشخصيات عملها المرشح لجائزة الرواية العربية لهذا العام، فتقول "عموم رواياتي حضرت من هناك، بلدي العراق. كانت الشخصيات في الرواية تبحث عن عفاف أيوب الشخصية المركزية في التانكي... اليوم وبعد تلك الفترات الطويلة التي مرّت على كتابتها تبدو لي الآنسة عفاف أشد ثباتاً من المؤلفة. دائماً نظرت هكذا إلى عموم شخصيات أعمالي أنهن/ أنهم الأكثر بقاء واستمرارية من الكاتبة".
لتأليف التانكي وهو اسم الشارع الذي عاش فيه بعض أهلها في بغداد، تذكر ممدوح أنها عادت إليه "للبحث عمن بقي من العائلة، من المسنّين الذين ظلوا على قيد الترحل، أو عن قبور الموتى وما بقي من شواهد قبورهم، عن أولئك المراهقين والمراهقات الذين كنا نتشاجر ونلهو معهم".
في موقع ممدوح ألبوم لصورها، وباب لمقالاتها، ولكن أيضاً هناك مساحة كبيرة تفردها للآخرين، لا سيما الأخريات، فنجدها تخصص قسماً بعنوان "كاتبات" تختار فيه مما تقرأ لغيرها في الثقافة العربية والأجنبية فنجدها تنشر لـ رجاء بن سلامة، وألفة يونس، ونوال السعداوي، ومارلين روبنسون، وسحر الموجي، ومارغريت دوراس وهدى حسين وغيرهن كثيرات.
تنتقي ممدوح أيضاً من الحوارات الصحافية مع كتّاب وشعراء في قسم تعنونه "حوارات"، بل إن لديها قسماً للمنوعات تنشر فيه أخباراً خفيفة أعجبتها أو صوراً جميلة راقت لها، لتحول موقعها إلى حجرة ثقافية تحتوي قراءاتها وانتقاءاتها من الصحافة العالمية والمواقع العربية. ولكن يؤخذ على الموقع ضعفه جمالياً وتصميمه البصري يفتقر إلى الجانب الفني، فهو لا يشبه من هذه الناحية عناية ممدوح شديدة الخصوصية بالجانب الجمالي في أسلوبها الأدبي ولغتها بل وفي مظهرها الشخصي.