مع تحرك الجهود الدولية الرامية لاستئناف مفاوضات السلام اليمنية برعاية الأمم المتحدة، من خلال الجولة التي يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، تبرز سيناريوهات عدة لمعركة الحديدة الاستراتيجية، حيث الميناء الذي يستقبل أغلب الواردات التجارية والمساعدات الإنسانية إلى البلاد، في ظل توقعات ومعلومات متباينة، حول التطورات الممكنة في الحديدة، وتأثير تحوّلات الأسابيع الماضية على خطة السلام التي سيعرضها المبعوث الدولي على مجلس الأمن منتصف يونيو/حزيران الحالي.
وأفادت مصادر قريبة من الحكومة اليمنية، لـ"العربي الجديد"، بأن زيارة غريفيث الذي بدأ جولته أواخر الأسبوع الماضي من الرياض والتقى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، تتمحور حول ملفين أساسيين، الأول هو مناقشة أفكار خطة السلام التي يعدّها ويفضّل وصفها بـ"إطار العمل" قبل إطلاق تحضيرات جولة جديدة من المفاوضات رسمياً، والآخر هو ما يتعلق بالتصعيد في الحديدة في ظل الجهود الدولية الرامية لاحتوائه، تخوفاً من تأثيره على مسار السلام.
ووفقاً للمصادر، فإن جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وعبر وفدها المفاوض المتواجد خارج البلاد، برئاسة محمد عبدالسلام، كثّفت من تواصلها الدبلوماسي مع الأمم المتحدة وأطراف دولية فاعلة، في الأيام الماضية، إثر تطورات الحديدة، ضمن خطوات الجماعة بالاستنفار على مختلف الصعد العسكرية والسياسية والإعلامية بمواجهة تصعيد الحديدة، في ظل تسريبات غير رسمية بوجود عروض غير معلنة من قبل الجماعة تدفع باتجاه وقف عملية الحديدة العسكرية مقابل تنازلات منها ترتبط بالمفاوضات المقبلة.
وعلى الرغم من تحفّظ مصادر قريبة من مكتب المبعوث الأممي، تواصلت معها "العربي الجديد"، عن تأكيد أو نفي وجود مقترحات يحملها غريفيث في جولته الحالية حول الحديدة، لمّحت المصادر في الوقت ذاته، إلى وجود مخاوف قوية لدى الجانب الأممي من تأثيرات التطورات الأخيرة على خطة التسوية المرتقبة، إلى حدٍ قد يجعل من الصعب التكهن بحدودها. ووصفت التطورات التي شهدتها الحديدة بأنها ذات بعدٍ استراتيجي ومصيري، سيكون له ما بعده في كل الأحوال.
اقــرأ أيضاً
وفي وقت يلف فيه الغموض تفاصيل أي مقترحات للتهدئة في الحديدة بالتزامن مع جولة المبعوث الأممي، تبرز العديد من السيناريوهات للحرب والسلام في المحافظة، خلال الفترة المقبلة، يأتي في مقدمتها نجاح الجهود الدولية ولو بشكل مؤقت، بوقف العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية وقوات الشرعية في الحديدة، الأمر الذي يعتمد على مدى التنازلات المقدّمة من الحوثيين، بما في ذلك، ما تردد عن أن الجماعة قد تلجأ للموافقة على تسليم إدارة ميناء الحديدة الحيوي والذي يعد شرياناً للحياة في أغلب محافظات البلاد، إلى إشراف الأمم المتحدة. وكانت الجماعة قد رفضت العام الماضي، خطة طرحها المبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في هذا السياق، إلا أن هذه الخطوة قد تكون اليوم أقل الأضرار بالنسبة للجماعة، مع بروز مؤشرات لاحتمال خسارتها عسكرياً لصالح القوات المدعومة من التحالف.
وفي إطار السيناريو السياسي لتطورات الحديدة المتعلقة بإمكان إيقاف العملية العسكرية، فإن التقدّم الذي أحرزته قوات الشرعية وبدعم من التحالف وجعلها على ما يقرب من 20 كيلومتراً من مدينة الحديدة مركز المحافظة، يكون قد أثّر في كل الأحوال، بدفع الحوثيين إلى تقديم تنازلات (القبول بالخطة الأممية لميناء الحديدة). ومن الممكن أن يتعزز ذلك، مع القبول الذي يحظى به المبعوث الجديد وفقاً لما هو معلن على الأقل، وبالنظر إلى المخاوف من التأثيرات الإنسانية المحتملة لمعركة الحديدة، إذا طال أمدها، مع اعتماد سكان أغلب المحافظات الخاضعة للحوثيين على الواردات الآتية عبر الميناء.
في المقابل، فإن استكمال العملية العسكرية لانتزاع السيطرة على الحديدة من قبل التحالف ومعه الحكومة الشرعية والقوى الفاعلة المساندة لها، يُعدّ هدفاً استراتيجياً وعسكرياً قد لا يمكن التنازل عنه في مقابل الضغوط، إذ إن السيطرة على الحديدة كمحافظة تحتل جزءاً كبيراً من الساحل الغربي والمنفذ الوحيد الخاضع لسيطرة الحوثيين إلى البحر الأحمر، تؤثر محورياً على مسار العمليات العسكرية وعلى قوة الحوثيين، وتأمين ما يقول التحالف إنه وسيلة تهريب الأسلحة والدعم الإيراني المفترض للحوثيين، وغيرها من التأثيرات.
وفي إطار المسار العسكري ذاته، تبقى الآثار المحتملة على مسار السلام مفتوحة على كافة الاحتمالات، وتعتمد أولاً على مدى وجود تفاهمات على صعيد التحالف مع القوى الدولية الفاعلة، وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين تؤديان دوراً بدعم التحالف، في موازاة التأثير الدبلوماسي على مسار عملية السلام، في ظل التسريبات عن وجود ضوء أخضر دولي للتقدّم في الحديدة من عدمه. وفي السياق ذاته، فإن مسار التطورات ميدانياً، ومدى قدرة الحوثيين على منع تقدّم التحالف والشرعية، أو نجاح التحالف وحلفائه بتحقيق المزيد من التقدم، كل ذلك، سيلقي بظلاله على طاولة المفاوضات.
وتتباين الآراء إزاء التأثير المحتمل لفقدان الحوثيين السيطرة عسكرياً على الحديدة، بين من يرى أن ذلك يضع خيارات السلام جانباً، بالنظر إلى حجم التغيرات الممكن أن يحدثها هذا التطور على المشهد عسكرياً وسياسياً، في مقابل رأي آخر، ينظر إلى الحديدة وخسارة الحوثيين العسكرية لها، باعتبار أنها قد أصبحت لدى التحالف والشرعية قراراً محسوماً، سيفضي إلى معادلة تدفع الحوثيين إلى تقديم تنازلات كافية لنجاح أي سلام، وترضي الحد الأدنى من المخاوف السعودية في ما يتعلق بتهديد الحوثيين للبحر.
وبين السيناريوهين السياسي والعسكري لتطورات الحديدة ومصير الجهود الأممية للسلام، يأتي سيناريو ثالث يتمثّل بنجاح جزئي للجهود السياسية بفرض تهدئة نسبية على المسار العسكري للحديدة، لإتاحة فرصة لجهود المبعوث الأممي ولأي تنازلات قد يعرضها الحوثيون من شأنها تجنيب الحديدة الحرب، أو تسليم الميناء لإدارة تشرف عليها الأمم المتحدة. ولكن ذلك يُبقي الخيار العسكري مفتوحاً وقد تعود معه المواجهات في حال انهيار أي تفاهمات، وهو الطابع الذي يغلب في العديد من جبهات الحرب، ولا يمكن التكهن بنتائجه، ما إذا كان يمثّل تأجيلاً للخيار العسكري، أو بما يحوّل الحديدة إلى ساحة مواجهات طويلة الأمد في مناطق متفرقة، كما هو الحال في تعز. لكن وجود الميناء وأهمية أن يبقى آمناً يشكّل عاملاً حاسماً، سيكون له انعكاساته في الوضع الخاص المتعلق بالحديدة.
الجدير بالذكر، أن المبعوث الأممي مارتن غريفيث، يتمتع بقبول معلن على الأقل، حتى اليوم، لدى الأطراف المختلفة، ومن المقرر أن يقدّم خطة لتنظيم مفاوضات يمنية منتصف الشهر الحالي إلى مجلس الامن الدولي. لكن تطورات الحديدة قد تؤثر في مضامين الخطة، بعد أن كان قد وصل إلى المراحل النهائية لوضع التصور، خلال مايو/أيار الماضي، ومع تحركاته الأخيرة، فإن الوضع يبقى مفتوحاً على كافة الاحتمالات، الثابت فيها هو التأثير المحوري لتطورات الحديدة.
اقــرأ أيضاً
ووفقاً للمصادر، فإن جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وعبر وفدها المفاوض المتواجد خارج البلاد، برئاسة محمد عبدالسلام، كثّفت من تواصلها الدبلوماسي مع الأمم المتحدة وأطراف دولية فاعلة، في الأيام الماضية، إثر تطورات الحديدة، ضمن خطوات الجماعة بالاستنفار على مختلف الصعد العسكرية والسياسية والإعلامية بمواجهة تصعيد الحديدة، في ظل تسريبات غير رسمية بوجود عروض غير معلنة من قبل الجماعة تدفع باتجاه وقف عملية الحديدة العسكرية مقابل تنازلات منها ترتبط بالمفاوضات المقبلة.
وعلى الرغم من تحفّظ مصادر قريبة من مكتب المبعوث الأممي، تواصلت معها "العربي الجديد"، عن تأكيد أو نفي وجود مقترحات يحملها غريفيث في جولته الحالية حول الحديدة، لمّحت المصادر في الوقت ذاته، إلى وجود مخاوف قوية لدى الجانب الأممي من تأثيرات التطورات الأخيرة على خطة التسوية المرتقبة، إلى حدٍ قد يجعل من الصعب التكهن بحدودها. ووصفت التطورات التي شهدتها الحديدة بأنها ذات بعدٍ استراتيجي ومصيري، سيكون له ما بعده في كل الأحوال.
وفي وقت يلف فيه الغموض تفاصيل أي مقترحات للتهدئة في الحديدة بالتزامن مع جولة المبعوث الأممي، تبرز العديد من السيناريوهات للحرب والسلام في المحافظة، خلال الفترة المقبلة، يأتي في مقدمتها نجاح الجهود الدولية ولو بشكل مؤقت، بوقف العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية وقوات الشرعية في الحديدة، الأمر الذي يعتمد على مدى التنازلات المقدّمة من الحوثيين، بما في ذلك، ما تردد عن أن الجماعة قد تلجأ للموافقة على تسليم إدارة ميناء الحديدة الحيوي والذي يعد شرياناً للحياة في أغلب محافظات البلاد، إلى إشراف الأمم المتحدة. وكانت الجماعة قد رفضت العام الماضي، خطة طرحها المبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في هذا السياق، إلا أن هذه الخطوة قد تكون اليوم أقل الأضرار بالنسبة للجماعة، مع بروز مؤشرات لاحتمال خسارتها عسكرياً لصالح القوات المدعومة من التحالف.
وفي إطار السيناريو السياسي لتطورات الحديدة المتعلقة بإمكان إيقاف العملية العسكرية، فإن التقدّم الذي أحرزته قوات الشرعية وبدعم من التحالف وجعلها على ما يقرب من 20 كيلومتراً من مدينة الحديدة مركز المحافظة، يكون قد أثّر في كل الأحوال، بدفع الحوثيين إلى تقديم تنازلات (القبول بالخطة الأممية لميناء الحديدة). ومن الممكن أن يتعزز ذلك، مع القبول الذي يحظى به المبعوث الجديد وفقاً لما هو معلن على الأقل، وبالنظر إلى المخاوف من التأثيرات الإنسانية المحتملة لمعركة الحديدة، إذا طال أمدها، مع اعتماد سكان أغلب المحافظات الخاضعة للحوثيين على الواردات الآتية عبر الميناء.
في المقابل، فإن استكمال العملية العسكرية لانتزاع السيطرة على الحديدة من قبل التحالف ومعه الحكومة الشرعية والقوى الفاعلة المساندة لها، يُعدّ هدفاً استراتيجياً وعسكرياً قد لا يمكن التنازل عنه في مقابل الضغوط، إذ إن السيطرة على الحديدة كمحافظة تحتل جزءاً كبيراً من الساحل الغربي والمنفذ الوحيد الخاضع لسيطرة الحوثيين إلى البحر الأحمر، تؤثر محورياً على مسار العمليات العسكرية وعلى قوة الحوثيين، وتأمين ما يقول التحالف إنه وسيلة تهريب الأسلحة والدعم الإيراني المفترض للحوثيين، وغيرها من التأثيرات.
وفي إطار المسار العسكري ذاته، تبقى الآثار المحتملة على مسار السلام مفتوحة على كافة الاحتمالات، وتعتمد أولاً على مدى وجود تفاهمات على صعيد التحالف مع القوى الدولية الفاعلة، وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين تؤديان دوراً بدعم التحالف، في موازاة التأثير الدبلوماسي على مسار عملية السلام، في ظل التسريبات عن وجود ضوء أخضر دولي للتقدّم في الحديدة من عدمه. وفي السياق ذاته، فإن مسار التطورات ميدانياً، ومدى قدرة الحوثيين على منع تقدّم التحالف والشرعية، أو نجاح التحالف وحلفائه بتحقيق المزيد من التقدم، كل ذلك، سيلقي بظلاله على طاولة المفاوضات.
وبين السيناريوهين السياسي والعسكري لتطورات الحديدة ومصير الجهود الأممية للسلام، يأتي سيناريو ثالث يتمثّل بنجاح جزئي للجهود السياسية بفرض تهدئة نسبية على المسار العسكري للحديدة، لإتاحة فرصة لجهود المبعوث الأممي ولأي تنازلات قد يعرضها الحوثيون من شأنها تجنيب الحديدة الحرب، أو تسليم الميناء لإدارة تشرف عليها الأمم المتحدة. ولكن ذلك يُبقي الخيار العسكري مفتوحاً وقد تعود معه المواجهات في حال انهيار أي تفاهمات، وهو الطابع الذي يغلب في العديد من جبهات الحرب، ولا يمكن التكهن بنتائجه، ما إذا كان يمثّل تأجيلاً للخيار العسكري، أو بما يحوّل الحديدة إلى ساحة مواجهات طويلة الأمد في مناطق متفرقة، كما هو الحال في تعز. لكن وجود الميناء وأهمية أن يبقى آمناً يشكّل عاملاً حاسماً، سيكون له انعكاساته في الوضع الخاص المتعلق بالحديدة.
الجدير بالذكر، أن المبعوث الأممي مارتن غريفيث، يتمتع بقبول معلن على الأقل، حتى اليوم، لدى الأطراف المختلفة، ومن المقرر أن يقدّم خطة لتنظيم مفاوضات يمنية منتصف الشهر الحالي إلى مجلس الامن الدولي. لكن تطورات الحديدة قد تؤثر في مضامين الخطة، بعد أن كان قد وصل إلى المراحل النهائية لوضع التصور، خلال مايو/أيار الماضي، ومع تحركاته الأخيرة، فإن الوضع يبقى مفتوحاً على كافة الاحتمالات، الثابت فيها هو التأثير المحوري لتطورات الحديدة.