إسرائيل تهيئ لبقاء دائم في محور صلاح الدين

06 نوفمبر 2024
محور صلاح الدين، 14 يناير 2024 (أحمد حسب الله/Getty)
+ الخط -

لم تؤد زيارة رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" وليام بيرنز القاهرة، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، التي عقد فيها مباحثات مكثفة مع المسؤولين المصريين والإسرائيليين بشأن المنطقة الحدودية مع قطاع غزّة، وتحديداً محور صلاح الدين إلا إلى مزيد من إمعان الاحتلال في مخالفة كل المعاهدات والاتفاقيات الموقعة مع مصر، في ما يتعلق بتلك المنطقة التي تمنع أي وجود لقوات الاحتلال فيها. وفي الوقت الذي كرس فيه الاحتلال وجوده على هذا الشريط، التزم الجانب المصري الصمت تجاه "الأمر الواقع الإسرائيلي"، وهو ما أرجعه مراقبون إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه مصر وحاجتها الماسّة إلى الدعم الاقتصادي والمالي، وأيضاً الدور الذي تقوم به في جهود التوصل لصفقة يتم بموجبها وقف الحرب وتبادل الأسرى والمحتجزين بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال.


عبد الله الأشعل: جيش الاحتلال لن ينسحب من محور فيلادلفي طالما لا يوجد ضغط مصري حقيقي

مسح الأحياء الفلسطينية

واصلت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، من خلال الاستعانة بشركات مقاولات مدنية إسرائيلية، عمليات الهدم والتجريف في مدينة رفح الفلسطينية، وتوسيع المنطقة العازلة بالقرب من الحدود المصرية مع قطاع غزة، لتصبح بعمق كيلومترين داخل رفح الفلسطينية، من خلال مسح أحياء كاملة، كأحياء: السلام والبرازيل ويبني الزعاربة وتل السلطان، وتحويلها إلى منطقة فارغة من المباني السكنية بشكل كامل. كما أقامت قوات جيش الاحتلال على مدار الأيام القليلة الماضية عدة أبراج عسكرية منشأة باستخدام الخرسانة والحديد المسلح، على طول الحدود بين مصر وقطاع غزّة، بما يشكل إشارة قوية على نية قوات الاحتلال الاستمرار في البقاء في منطقة المحور، وفق ما أكدت مصادر محلية وميدانية على جانبي الحدود.

بالإضافة إلى ما قامت به قوات الاحتلال سابقاً في تعبيد الطريق الممتد على محور شاطئ بحر مدينة رفح على البحر المتوسط، وصولاً إلى معبر كرم أبو سالم الواقع في الجنوب من معبر رفح، منعت قوات الاحتلال عودة أي مواطن فلسطيني إلى مدينة رفح بكامل أحيائها، وعلى وجه الخصوص الأحياء الملاصقة لمنطقة محور صلاح الدين، ومن خلال رافعات عليها أسلحة قنص، يجرى استهداف كل فلسطيني يحاول الاقتراب أو العودة إلى مدينة رفح. وبالتالي، أصبح جانبا الحدود من الناحيتين المصرية والفلسطينية منطقة خالية من السكان، إذ في الجانب المصري، أنشأ الجيش منذ عام 2014، منطقة عازلة بجوار الحدود، وأخيراً أنشأ منطقة عازلة في الجانب الفلسطيني من الحدود.

في السياق، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، عبد الله الأشعل، لـ"العربي الجديد"، إن "جيش الاحتلال لن ينسحب من محور صلاح الدين طالما لا يوجد ضغط مصري حقيقي وملموس على إسرائيل للخروج من المحور". وأضاف "الاحتلال ليس في عجلة من أمره للانسحاب من المحور ولديه القدرة، وهذا ما يفعله حالياً في إحكام السيطرة على منطقة الحدود بإنشاء القواعد والأبراج العسكرية، بما يعود بالمشهد إلى ما قبل عام 2005، حينما كانت إسرائيل متواجدة على المحور، بينما كان الفلسطينيون يعيشون في مدينة رفح، وبالتالي قد تسمح إسرائيل للناس في رفح الفلسطينية بالعودة إلى ديارهم حتى وإن كانت مهدمة، لكنهم لن يصلوا إلى منطقة خط محور صلاح الدين والمساحة العازلة التي أنشأتها بهدم منازل الفلسطينيين بالقرب من هذا المحور". وشدّد الأشعل على أن "الانسحاب الإسرائيلي من محور صلاح الدين لا يتعلق مطلقاً بالمقاومة الفلسطينية وشروطها في المفاوضات، بقدر ما يجب أن يكون مطلباً مصرياً صريحاً وواضحاً، أن على إسرائيل احترام اتفاقيات والانسحاب من هذا المحور الذي يفصل بين أرض فلسطينية وأرض مصرية، وليس لإسرائيل موقع قدم فيه".


أيمن سلامة: إسرائيل تستغل الأمر الواقع الميداني الذي فرضته في جنوب قطاع غزة

بدوره، رأى أستاذ القانون الدولي العام، أيمن سلامة، في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "إسرائيل تستغل الأمر الواقع الميداني على الأرض، الذي فرضته في جنوب قطاع غزة، وأيضاً في محور فيلادلفي"، مشدداً على ضرورة أن "تتحسب مصر وتترقب لمحاولة الاحتلال استغلال الأمر الواقع والمطالبة بتعديل المعاهدات الدولية والاتفاقيات الموقعة مع مصر، المتوقع بعد استقرار الأوضاع، وتحديداً بعد انتهاء النزاع المسلح في قطاع غزة".

بروتوكول محور صلاح الدين

وأوضح سلامة أن الاحتلال "سيستغل ما حققه من إنجازات عسكرية، ووجود عسكري غير مشروع، الذي يعد مخالفة لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، فضلاً عن مخالفته أيضاً لبروتوكول محور فيلادلفي لعام 2005"، وذلك "لأن إسرائيل عودتنا أنها ليست دولة قانون ولا تحترم الالتزامات القانونية، ولا تكترث بعلاقات حسن الجوار مع جيرانها". ودعا سلامة مصر إلى أن "تحتاط في أية مفاوضات مع إسرائيل حول أية تعديلات جديدة للملحق الأمني لمعاهدة السلام، لدحض سياسة الأمر الواقع، وضمان ألا يفرض الوجود العسكري الإسرائيلي ورصف طريق كامل في المنطقة العازلة في محور فيلادلفي تعديل الملحق الأمني لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية". وشدّد سلامة على أن "ما فعلته إسرائيل في محور فيلادلفي هو عزل لمصر عن فلسطين، عبر سياسة الأمر الواقع العسكري غير الشرعي. وهذا العزل مناقض للحدود السياسية الدولية لمصر، بما يهدد الأمن القومي المصري".

أما نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، مختار الغباشي، فاعتبر أن "إسرائيل لديها نية سيئة في التعامل مع مسألة محور فيلادلفي والتحكم في المعابر"، مشيراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الرفض المصري المطلق لمسألة التحكم الإسرائيلي في المحور وفي معبر رفح، له حجته بثلاث اتفاقيات دولية: معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية 1979، واتفاقية أوسلو 2 لعام 1995، واتفاقية فيلادلفي 2005".

المساهمون