روما مع سباليتي.. المرونة الخططية هي الحل

11 فبراير 2017
روما يقدم أداء جيداً بعد بداية متراجعة (Getty)
+ الخط -


"بهذا الأداء الراقي، أظهر الفريق شخصية قوية أمام الجميع"، هكذا عبّر مدرب روما الإيطالي، لوشيانو سباليتي عن فخره بما قدمه روما في مباراة فيورنتينا الأخيرة، بعد الفوز بنتيجة أربعة أهداف دون مقابل، وإثبات نجاح جديد للمفاجأة التكتيكية التي راهن عليها منذ بداية عام 2017، إنها النقلة التي أعادت الذئاب إلى طريق المنافسة من جديد.

بدون صلاح
انخفض مستوى أكثر من فريق أوروبي خلال موعد بطولة أمم أفريقيا، بسبب سفر نجوم القارة السمراء لتمثيل بلادهم، وفقد ليفربول جزءاً رئيسياً من بريقه، بعد غياب السنغالي ساديو ماني، وتوقع أغلب المتابعين سقوط جديد لروما، نتيجة سفر الدولي المصري محمد صلاح إلى الغابون. لكن ما حدث هو العكس، ليقدم رجال سباليتي انطلاقة صاروخية بعد العطلة الشتوية، ويفوز الفريق في كل المباريات، باستثناء لقاء سامبدوريا خارج أرضه منذ أيام.

لوشيانو، لا يعترف أبدا بكرة الخوف، ويحاول من فترة لأخرى الإتيان بالأفكار المغايرة، لذلك حافظ على أسلوبه الهجومي دون تغيير، لكن مع تعديل خططه وطرق لعبه، بعد غياب صلاح وتباين النتائج في البدايات، وتحول سريعا من 4-3-3 إلى رسم قريب من 3-4-2-1، من أجل توازن أكبر في العمق، وضبط عملية التحولات أثناء الارتداد من الهجوم إلى الدفاع.

تناسب هذه الخطة مجريات الدوري الإيطالي، فهناك نسبة كبيرة تلعب بثلاثي صريح في الدفاع، وبالتالي يلعب روما أمامهم بنفس الخطط تقريبا، مع تفوقه في الجانب المهارى والناحية الفردية، بينما أمام الخصوم التي تلعب بثنائي محوري أو حتى ثلاثي بالمنتصف، يستطيع سباليتي التفوق على هؤلاء نتيجة تواجد رباعي صريح في منطقة الوسط، مما يعطيه أريحية أكبر في السيطرة والاستحواذ طوال المباراة.

كرة الجرأة
اكتسح روما فيورنتينا خلال مباراة الفريقين بالعاصمة الإيطالية. ولا يتعلق الأمر أبدا بالفوز الساحق برباعية، ولكن في كم الفرص التي صنعها الذئاب طوال المباراة، مع عدد التسديدات على المرمى ونسبة الكرات العرضية، كلها أرقام تؤكد التفوق الكامل لسباليتي على منافسه باولو سوزا، من خلال استغلال الأطراف بشكل مثالي، والاستفادة من مستوى دجيكو الحالي.

يلعب فريق العاصمة مؤخرا بثلاثي دفاعي صريح أمام الحارس، يصبح هذا الثلاثي خماسيا عند البناء من الخلف، ومع وجود هذا العدد من المدافعين في العمق وعلى الطرفين، تصبح عملية قطع الكرة منهم وتنفيذ مرتدة أمر غاية في الصعوبة، بسبب اتساع زوايا التمرير بالنسبة لحامل الكرة، لتزيد التمريرات العرضية بين الثلاثي الأخير، ثم تأتي التمريرة الطولية أو القطرية من العمق إلى الطرفين ومن ثم تجاه عمق الهجوم.

إذا كنت تملك مشاكل في الهجوم، عليك أولا البحث عن دفاعك، من المؤكد وجود مشكلة في الخلف لا الأمام، هكذا يقول مارسيلو بييلسا في حوار سابق، وبتطبيق هذه المقولة على فريق روما الحالي، سنجد غزارة الناحية التهديفية بسبب المرونة الواضحة في الخروج بالكرة، فالدفاع يمرر إلى الطرفين أو يلعب الكرات بشكل طولي تجاه صناع اللعب بالعمق، بينما يقوم دي رورسي بدور جديد نوعا ما، إذ إنه يتحرك أكثر مما يمرر أو يستلم، حركة مستمرة في كل مكان، حتى يفتح زوايا الرؤية أمام الدفاع، ويساهم في خلق الفراغ اللازم لتحرك الرجل الحر في وبين الخطوط، إما نايغولان أو ستورتمان.

تركيبة الجوهرة
أثر غياب صلاح على قوة أجنحة روما، فالفرعون المصري هو الجناح الوحيد تقريبا صاحب المستوى المميز على الأطراف، ونجح سباليتي في صنع حالة جديدة داخل منظومة الأداء، من خلال رسم تركيبة الجوهرة أو "الدياموند" في منطقة الوسط، بتواجد دي روسي كارتكاز دفاعي، أمامه نايغولان وستروتمان يمينا ويسارا، ويعود إيدين دجيكو إلى الخلف خطوات، لكي يصبح أقرب إلى لاعب الوسط الهجومي، ويُكمل الشكل الرباعي للمنتصف.

البوسني بمثابة المحطة الرئيسية لكل الهجمات، يستلم الكرة ويعيدها إلى صناع اللعب، يسيطر على الهواء بقوته الجسمانية، ويسحب مدافعي الخصم بعيدا عن مناطقهم، ليدخل الشعراوي من الطرف إلى العمق مباشرة، أما البلجيكي نايغولان فهو بمثابة لاعب "البوكس"، الذي يقطع دائما من الارتكاز إلى الثلث الهجومي، مستفيدا من سرعته واندفاعه وقوة تسديداته، ليحصل الهولندي ستروتمان على مركز قائد الأوركسترا، بضبط إيقاع المباراة والتحكم في النسق هبوطا وصعودا.

ومن السيطرة على الوسط إلى نقل اللعب تجاه الأطراف، عن طريق ظهيري الجنب برونو بيريز وإيمرسون، الثنائي الذي يتمركز أكثر في نصف ملعب المنافسين، بسبب التغطية المستمرة من جانب مانولاس وروديجر، مما يؤدي إلى ظهور مثلثات تمرير، بين بيريز ونايغولان ودجيكو على اليمين، وبين إيمرسون وستروتمان والشعراوي يسارا.

المركز الثاني
في إيطاليا، يلعب يوفنتوس بمفرده في مقدمة الدوري، لدرجة تشعرك بالملل مع مرور الوقت، بسبب حصوله على المركز الأول لعدة سنوات على التوالي، ويبدو أن هذا الموسم لن يكون مختلفا، خصوصا مع فارق النقاط الحالي، ليبقى الأمر مشتعلا بين بقية الفرق على خطف المركز الثاني، كروما ونابولي وحتى ميلان ولاتسيو وإنتر وحتى أتالانتا على الورق، لكن تبقى الذئاب هي الأقرب للحصول على الوصافة.

يملك فريق العاصمة مرونة تكتيكية واضحة بعد المزج بين خطتي 4-3-3 و 3-4-3، مع تألق استثنائي لدجيكو، المهاجم الأفضل في الكالتشيو خلال المرحلة الراهنة، بالإضافة إلى صلابة دفاعه مقارنة بالآخرين، دون أن ننسى القدرة التهديفية للاعب الوسط نايغولان، وعودة المصري صلاح الذي يمكنه اللعب مكان الشعراوي في الرسم الخططي الجديد، للاستفادة من سرعته وحسمه أمام المرمى.

أثبتت مباراة الفيولا الأخيرة مدى تطور أداء روما خلال العام الجديد، وأكدت فهم اللاعبين تماما لطريقة تفكير مدربهم الجديدة، مما يعني انعكاس إيجابي خلال قادم المواعيد، مع وجود فرصة حقيقية للمنافسة على الدوري الأوروبي، في حالة المرور من الخصم الإسباني المعقد فياريال في الجولة المقبلة.

المساهمون