أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في يوليو/تموز من عام 2014 عن أول ثلاث شركات مرتبطة ضمن شبكة من شركات ورجال أعمال متهمين بتقديم الدعم النفطي والتكنولوجي للحملة العسكرية التي يقودها نظام بشار الأسد ضد الشعب السوري بحسب البيان الرسمي لوزارة الخزانة.
الشبكة بحسب البيان تكونت من شركات وسفن انطلقت من سورية، وعملت في الإمارات العربية المتحدة وسويسرا وتركيا وهولندا، ويعد أبرز لاعبيها شركة سورية تسمى "مجموعة عبد الكريم". وزوّرت هذه الشبكة، بحسب الخزانة الأميركية، عقوداً وبيانات للشحن واستخدمت سفناً وغيّرت وجهات سيرها، واختفت ثم ظهرت على الرادار لتتهرب من الرقابة على العقوبات المفروضة على مؤسسات سورية من الولايات المتحدة وأوروبا وكندا، ولتقدم الدعم النفطي والمعدات للنظام السوري وآلته العسكرية، بما فيها تموين الطائرات والسفن التابعة للنظام السوري بحسب قرارات العقوبات الأميركية.
بهذا الكشف أعلنت "إدارة الأصول الأجنبية" المسؤولة عن العقوبات في وزارة الخزانة الأميركية والتي تسمى "أوفاك OFAC" فرض العقوبات على هذه الشبكة وشركاتها، فأدرجت على اللائحة السوداء شركتي Expert Partners ومقرها سورية، إضافة إلى شركة Megatrade لقيامهما بأعمال تجارية "لصالح أو بالنيابة عن (مركز البحوث العلمية) التابع للحكومة السورية والذي يطور أسلحة غير تقليدية وصواريخ بالستية" بحسب القرار.
كما أدرجت على اللائحة السوداء شركة: Pangates International Corporation Ltd، ومقرها دولة الإمارات العربية المتحدة، لكن القرار الأميركي لم يتعرف على مالك هذه الشركة حتى أواخر عام 2014، فأدرج مدير الشركة ومالكها، وائل عبد الكريم (41 عاماً)، وهو فلسطيني سوري الجنسية، على لائحة العقوبات. وأضاف شركة أخرى تتبع له ضمن الشبكة تدعى MAXIMA. كما شمل قرار العقوبات مساهمي هذه المجموعة وشركائها، ومنهم: أحمد برقاوي (31 عاماً)، وهو فلسطيني سوري الجنسية، إضافة إلى الشركات ورجال الأعمال المتورطين من الجنسيتين السويسرية والهولندية.
عالم الملاذات الآمنة
لكن هل كشفت السلطات الأميركية حقاً كل أفراد هذه الشبكة ومساهمي شركاتها؟ الجواب بالنفي. ففي آذار/مارس من العام الماضي 2015، أي بعد قرار العقوبات الأميركية الثاني بنحو ثلاثة أشهر، اكتشفت السلطات في واشنطن مزيداً من المتورطين في هذه الشبكة، وهم ست شركات وأربعة رجال أعمال أتراك ونحو 10 سفن مسجلة في بنما وسيراليون، إضافة لمؤسسات حكومية سورية كشركة النفط وشركة الموانئ.
الاكتشاف الجديد في الحزمة الثالثة من العقوبات ضد "شبكة عبد الكريم"، هو أنّ السلطات الأميركية بدأت تتوصل إلى ما تسمى شركات "الأوف شور" أو الملاذات الآمنة، التي تعمل ضمن مجموعة عبد الكريم، من خلال شركات صممت لهذه الغاية، بحيث لا تُكشف أسماء أصحابها لغايات قد يستفاد منها للتهرب الضريبي أو التهرب من المسؤولية.
وقد تمكنت السلطات الأميركية من ربط مجموعة عبد الكريم بشركات خفية كان منها: The Eagles LLC وهي شركة مقرها سورية، وشركة Morgan Additives Manufacturing Co في المنطقة الحرة بميناء جبل علي في إمارة دبي ومسجلة في جزر سيشل، وهي إحدى الملاذات العالمية للشركات المخفية "أوف شور".
ويرى المدير الحالي لهذه الشركة ياسر برازي في إجابته عن تساؤلات معد التحقيق أنّ قرار إدراج الشركة ضمن العقوبات الأميركية "استند إلى أساس خاطئ، فالشركة غير مملوكة حالياً ولا تدار من وائل عبد الكريم. بينما بررت وزارة الخزانة الأميركية عند فرض قرار العقوبات أنّ الشركة كانت مملوكة وتدار من قبل وائل عبد الكريم المعاقب أميركياً.
واستطاعت السلطات الأميركية كشف شركة مخفية في الملاذات الآمنة ترتبط بمجموعة عبد الكريم، وتسمى "ملينيوم شيبينغ". وهي شركة نقل بحري تعمل في تركيا، لكنها مسجلة في بنما، والتي هي إحدى أشهر الملاذات الآمنة للشركات الخفية في العالم.
الدائرة الاقتصادية للأسد
يجيب هذا التحقيق الاستقصائي أيضاً عن الأسئلة التالية: هل عرفت السلطات الأميركية حقاً كل أسماء الشركات التابعة لمجموعة عبد الكريم وأسماء مالكيها؟ ولماذا اكتشفت بعضهم ولم تكتشف بعضهم الآخر؟ ومن هو الشريك الخفي المتصل مباشرة بالنظام السوري، والذي لم تستطع تحقيقات الخزانة الأميركية اكتشافه وربطه بمجموعة عبد الكريم؟.
كانت الشركة التي كشفت الوثائق الأميركية أنها قد لعبت دور وسيط النقل البحري لنقل الشحنات إلى مرفأ بانياس، هي شركة لبنانية تأسست بداية عام 2013 ومسجلة ضمن نظام "الأوف شور" في لبنان واسمها EBLA TRADE SERVICES S.A، وعاقبت السلطات الأميركية هذه الشركة ووضعتها على اللائحة السوداء، غير أنّها لم تعلم من هم مالكوها الحقيقيون، وهو الأمر الذي أنقذهم من العقوبة الأميركية.
وبالرغم من أن المرسوم الاشتراعي رقم 2083 لعام 2009 والخاص بتأسيس شركات "الأوف شور" في لبنان، لا ينص على سرية أسماء مالكي الشركات، إلا أن موقع السجل التجاري اللبناني الإلكتروني، لا يتيح في طرق البحث المتاحة الكشف عن هذه الشركات بسهولة، ولا يتيح أي نص قانوني في لبنان إمكانية الحصول على نسخة ورقية من السجل التجاري لشركة، ما لم يكن الطالب من أصحاب العلاقة.
إلاّ أن "العربي الجديد" حصلت على السجل التجاري للشركة، لتكتشف ثلاثة عشر اسماً من السوريين واللبنانيين المساهمين ومفوضي التوقيع في الشركة، على رأسهم اثنان من أبناء رجل الأعمال السوري المفروض عليهم عقوبات أميركية وأوروبية، ومنهم محمد حمشو، حيث ظهرت أسماء ابنيه (أحمد صابر) و(عمرو) في سجلات هذه الشركة، كما يساهم معهما في الشركة أبناء رجل الأعمال اللبناني ذي الأصل السوري محمد هاشم الصوفي. وللمفارقة، فإن الصوفي قد أسس جمعية أهلية عام 2006 في لبنان، تعنى بالترويج لـ"محاربة الفساد".
ويعد محمد حمشو أحد رجال الرئيس، وينتمي للدائرة الاقتصادية الضيقة لبشار الأسد؛ وهو شريك رامي مخلوف، الذراع الاقتصادية للنظام السوري في شركة "شام القابضة"، وكانت العقوبات الأميركية والأوروبية قد طاولته منذ منتصف عام 2011 ووصفته بأنه من الداعمين والمرتبطين بالرئيس الأسد وشقيقه ماهر، غير أن محكمة الاستئناف الأوروبية برّأته ورفعت العقوبات عنه في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2014 لعدم كفاية الأدلة. لكن وبعد أقل من أربعه أشهر على رفعها قدمت بريطانيا أدلة جديدة وأعاد الاتحاد الأوروبي فرض العقوبات ضد حمشو. وكشف قرار العقوبات الجديد عن إمبراطورية حمشو المالية والاقتصادية التي تتضمن شركات اتصالات وتكنولوجيا وسياحة وعقارات.
الاختباء وراء الأبناء
يمكن رسم خارطة العلاقات بوضوح بين نظام الأسد ومجموعة عبد الكريم عبر محمد حمشو الذي استخدم أبناءه واجهة، ليختفي خلفهم اتقاء لقرار العقوبات الغربية. ولكن مرة أخرى، هل استطاعت السلطات الأميركية كشف كل شركات ومساهمي مجموعة عبد الكريم نفسها، وخاصة في سجلات "الأوف شور" الخفية؟.
الوثائق التي حصل عليها معد التحقيق من تسريبات وثائق أكبر شركة عالمية لتسجيل شركات "الأوف شور" وتدعى "موساك فونسيكا" عبر الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ICIJ وصحيفة SZ الألمانية (زود دويتشه تسايتونغ) من خلال شبكة "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج)"، تكشف شركات ومالكين آخرين لم يرد ذكرهم في الوثائق التي حصلت عليها السلطات الأميركية أثناء تعقبها مجموعة عبد الكريم.
وقد منحت هذه الجزيرة جواز السفر لجمال وولده وائل المعاقب أميركياً نظراً لاستثماراتهم في هذه الجزيرة. وبحسب الوثائق التي حصلت "العربي الجديد" عليها، يظهر اسم جمال عبد الكريم المولود في حيفا 1943 والمقيم في دمشق، إضافة لكونه المساهم الرئيسي في مجموعة عبد الكريم والمعروفة في سورية باسم "عبد الكريم للتجارة"، بحسب سجلاتها على موقع غرفة الصناعة في دمشق. وهو أيضاً مساهم رئيسي في شركة (مورغان) التي عاقبتها الولايات المتحدة الأميركية. لكن اسمه لم يظهر في العقوبات نظراً لاختفاء اسمه من سجلات الشركة المسجلة في جزيرة سيشل في المحيط الهندي والتي هي إحدى ملاذات "الأوف شور".
اسم جمال عبد الكريم ما يزال يظهر على موقع (الاتحاد العربي للصناعات الهندسية) كعضو لمجلس الإدارة. وكان أحد أعماله ضمن مجموعته "عبد الكريم للتجارة" حتى بداية الأزمة السورية، هو عمله وكيلاً لشركة (فوكس) الألمانية لزيوت السيارات، وقد سُجل أيضاً رسمياً وفقاً لوثيقة حصل عليها معد التحقيق من سجلات وزارة الاقتصاد السورية وكيلاً لشركتين هما: BOLD ROCCHI SRL الإيطالية للمحركات، وشركة T.W. TECHNOLOGY CORP الأميركية للمعدات والآلات.
ولم تردّ وزارة الخزانة الأميركية على أسئلة تم توجيهها لها حول نظام العقوبات المتعلق بهؤلاء الأشخاص. بينما علق مكتب إدارة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة بأنه يبذل كل الجهود "لمعاقبة مخالفي العقوبات ومنتهكيها سواء كانوا أفراداً أم شركات".
في ظلال "الأوف شور"
على غرار جمال عبد الكريم، لم تكتشف السلطات الأميركية أسماء بقية أفراد العائلة المساهمة في الشركات التابعة لمجموعة عبد الكريم، ما أتاح لهم العمل بحرية في ظلال "الأوف شور". ففي الوثائق التي حصل عليها معد التحقيق يظهر محمد فادي عبد الكريم مساهماً في شركة مورغان المسجلة في سيشل، والتي تحمل اسم "مورغان ميدل إيست"، ويشترك في ملكيتها مع جمال ووائل عبد الكريم.
بينما يختفي اسم عدنان إبراهيم عبد الكريم المقيم في الأردن كمساهم في شركة (بان غيتس) المعاقبة، دون اكتشاف اسم هذا المساهم من قبل السلطات الأميركية، نظراً لأن دخوله كمساهم في هذه الشركة تم عام 2013 بوثيقة منفصلة عن سجل الشركة أضيفت لملفها لاحقاً. وحصل معد التحقيق على نسخة منها.
كما يختفي اسم آخر في ملفات هذه الشركة، وهو مواطن سوري فلسطيني يدعى نسيم برقاوي (42) عاماً. لم تكتشف سلطات العقوبات اسمه في حين اكتشفت شقيقه أحمد برقاوي، كما لم تكشف اسم رجل الأعمال السوري عبدالله زينة (51) سنة، وهو مساهم ومدير في هذه الشركة خلال فترة فرض العقوبات ضدها من قبل السلطات الأميركية.
وفي حين تكشف الوثائق التي حصل عليها "العربي الجديد"، أسماء بعض الشركاء أو المديرين ضمن شركات تنتمي لمجموعة عبد الكريم، منهم: رجل الأعمال الإماراتي سليمان خميس رشيد آل علي (26) عاماً، و آخر فلسطيني يدعي ياسر محمود برازي (33) عاماً، وهو المدير الحالي في شركة (مورغان) التي طاولتها العقوبات الأميركية، غير أنهما لم يكونا ضمن اللائحة الأميركية للمعاقبين ضمن مساهمي ومديري الشركة.
مخالفة العقوبات الدولية
تعمل مكاتب القانون المتخصصة بمساعدة الراغبين في التسجيل في شركات "الأوف شور"، على تقديم مواصفات مناطق "الملاذات الآمنة" التي يساعدون زبائنهم على إخفاء أموالهم وشركاتهم فيها. ويمكن بنقرة واحدة على الإنترنت، الاطلاع على التنافس الكبير في الترويج بين المحامين ومكاتب القانون والشركات المتخصصة في تسجيل "الأوف شور"، وتنافسهم حول تقديم الميزات الأفضل وهي "السرية"، و"انعدام الضرائب".
وبرغم إعلان الشركات والمكاتب القانونية المتخصصة في تسجيل شركات "الأوف شور" ومنها (Mossack Fonseca)، أنها تلتزم بالمعايير العالمية والقانون الدولي، وأنها على استعداد لوقف التعامل مع أية شركة أو شخص يعاقب من قبل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو أميركا، ورغم أن هذه الشركة لديها دائرة مهمة تسمىَ "دائرة الامتثال" أي الخضوع للقوانين، حيث يعمل في هذه الدائرة محامون وقانونيون مهمتهم متابعة ما يحصل قانونياً مع الزبائن في أي مكان من العالم، ويقترحون وقف التعامل مع من تثبت عليه الجرائم أو الاحتيال أو يعاقب اقتصادياً، تثبت الوثائق التي حصلنا عليها وتشمل مراسلات "دائرة الامتثال" أن الشركة كانت تتابع وتهتم بقرارات العقوبات الصادرة ضد زبائنها، لكنها لا تلتزم بقرار العقوبات بشكل منتظم، فهي لم تستجب لقرار العقوبات ضد رامي مخلوف (ابن خال بشار الأسد) والذي صدر عام 2008 من قبل السلطات الأميركية.
ومن خلال اطلاع معدّ التحقيق على أحدث الوثائق المتاحة من مراسلات شركة (موساك) في عام 2015، فإنّ الوثائق تكشف أنّها لم تفكر في وقف التعامل مع مجموعة عبد الكريم وشركاتها أو مساهميها الذين طاولتهم العقوبات الأميركية.
كانت شركة (موساك) واثقة من قدرتها على إخفاء الشركات والمساهمين حتى عن السلطات الأميركية حين تشاء، ولذا فإنّ العقوبات الأميركية لم تكتشف كامل شبكة الشركات المخفية لـ (مجموعة عبد الكريم)، فهي لم تكتشف شركة JAKOC Petroleum Limited المملوكة بحسب الوثائق التي حصلنا عليها من جمال ووائل وفادي ووفيقة عبد الكريم بعد تأسيسها عام 2011 في جزيرة سيشل. كما لم تظهر للسلطات الأميركية شركة Vectra international trading والتي يشترك فيها ويديرها عدنان عبد الكريم وأحمد برقاوي "المعاقب أميركياً" منذ عام 2014.
وعملت هذه الشبكة على إيجاد ملاذات وشركاء بأسماء خفية، بعد أن ضيقت العقوبات الدولية على مجموعة عبد الكريم عقب إغلاق فروع لهذه الشركات في إمارتي دبي والشارقة، خصوصا شركة (بان غيتس إنترناشيونال) في أعقاب صدور العقوبات الأميركية. كما وضع الشركاء المعاقبون في شبكة المجموعة أسماء أبنائهم، مثل أولاد محمد حمشو، والأبناء الآخرين لجمال عبد الكريم وأقاربه مثل فادي وعدنان للإنابة عنهم.
التعاون مع آل مخلوف
ما تكشفه أيضاً وثائق سجلات شركات مجموعة عبد الكريم في "الأوف شور"، هو تعامل هذه المجموعة في حساباتها البنكية مع بنك (سورية الدولي الإسلامي)، وهو البنك الذي يساهم فيه إيهاب مخلوف شقيق رامي مخلوف. وإيهاب معاقب أوروبياً منذ عام 2011 كحال شقيقه رامي ووالده محمد مخلوف. وبالرغم من استقالته من مجلس إدارة البنك إثر العقوبات، إلاّ أنّه ما زال من كبار المساهمين فيه.
بنك (سورية الدولي الإسلامي) نفسه تعرض في عام 2012 للعقوبات الأميركية. واتهمه الاتحاد الأوروبي بأنه يعمل "كواجهة تسهل عمليات احتيال يمارسها (المصرف التجاري السوري) في الخارج للإفلات من العقوبات". والمصرف التجاري هو مصرف الحكومة السورية الأكبر والذي تُخترق من خلاله العقوبات المفروضة على النظام.
غير أن محكمة الاتحاد الأوروبي ألغت العقوبات المفروضة ضد بنك (سورية الدولي الإسلامي) في منتصف عام 2014 بعد دفاع البنك بأنّه لا يتعامل مع شركات تخترق العقوبات، في الوقت الذي كان فيه هذا البنك هو المعتمد منذ عام 2013 لشركة (بان غيتس) التابعة لمجموعة عبد الكريم، أي إبّان فترة عقوبة البنك وإبان دفاعه عن نفسه أمام المحكمة الأوروبية.
وأدت العقوبات الغربية لتغييرات بين مساهمي ومديري الشركات المعاقبة. ويتضح في مثال من شركة (مورغان) أنّ من شملته العقوبات استقال من منصبه علناً ليترك المجال لوالده كما فعل وائل عبد الكريم، أو يترك المجال لشقيقه كما فعل أحمد برقاوي.
عقوبات
يؤكد Adam J. Szubin وهو مسؤول العقوبات ضد الأعمال الإرهابية والاستخباراتية أن وزارة الخزانة الأميركية "ستستمر في فرض العقوبات بحق النظام السوري حتى يوقف العنف ضد الشعب". وذكر بأن العقوبات الأميركية لا تشمل الغذاء ولا الدواء ولا المعدات الطبية والضرورية.
وتمت معاقبة السفن التالية ضمن الشبكة: سفينة AQUA وتحمل علم سيراليون، سفينة BLUE DREAM وتحمل علم جزيرة سانت كيس، سفينة BLUE WAY وتحمل علم بنما، وسفينة BLUEGAS وتحمل علم سيراليون، وسفينة FINIKIA سورية حكومية، وسفينة GREEN LIGHT تحمل علم بنما، وسفينة LAODICEA سورية حكومية
سفينة MARIANA تحمل علم سيراليون، سفينة SOURIA سورية حكومية، وسفينة TALA تحمل علم بنما، كما تمت معاقبة شركة هولندية وهي Staroil B.V ضمن الشبكة.
وكشف قرار العقوبات الأميركية، عن معاقبة 3 شركات سويسرية استخدمت أساليب ملتوية لتغيير وجهات وعناوين شحنات وقود طائرات قبل وصولها للحكومة السورية، وسهلتها شركة بولندية يرجح أنها تأسست خصيصاً لهذا الغرض". وأكد القرار أن هناك وثائق تثبت أنه تم تزوير وثائق الشحن والفواتير واستخدام حيل لتضليل وجهات السفن.
تناقضات شركة مورغان
لم تُجب مجموعة عبدالكريم على أسئلة معدّ التحقيق، غير أنّ مدير شركة مورغان التي ارتبطت بالمجموعة أجابت على لسان مديرها، ياسر برازي، بأن شركة مورغان تأسست في سيشل بتاريخ 19 أبريل/نيسان 2012، بينما تشير وثائق حصل عليها معد التحقيق إلى أن الشركة موجودة بإدارة وائل عبدالكريم منذ عام 2011.
وينفي برازي أن يكون لشركة مورغان سيشل أية نشاطات تجارية أو حسابات بنكية. ويحدد أن الشركة، وحتى تاريخ فرض العقوبات على مديريها وائل عبدالكريم وأحمد برقاوي، في 17 ديسمبر/كانون الأول 2014، كانت قيد "التأسيس"، ولم تمارس أي نشاط تجاري. ولكنه لا يوضح كيف يمكن أن تكون شركة قد تأسست وافتتحت فرعاً في دبي، بدون أن تمارس عملاً طيلة نحو خمس سنوات.
ويوضح: "كان وائل عبدالكريم مؤسساً لشركة مورغان في سيشل، بنسبة 60% من أسهمها، لكنه بعد سنة تقريباً من هذا العمل في هذا المنصب بدأ الانفصال عن الشركة مع أحمد برقاوي"، بحسب المدير الحالي، ياسر برازي. بينما تشير الوثائق إلى أنّ وائل عبدالكريم وأحمد برقاوي كانا ضمن إدارة الشركة وفروعها منذ عام 2011 وحتى نهاية عام 2014، ما يعني أنهما أدارا أعمالها نحو أربع سنوات، وخلال فترة عمل شركاتهما التي عوقبت بسبب انتهاك العقوبات الدولية.
واستقال برقاوي قبيل فرض العقوبات ضده بأيام، واستقال وائل عبدالكريم بعد صدور قرار العقوبات بأسبوعين تقريباً. وباع "وائل عبدالكريم أسهمه في الشركة، وتخلى عن الإدارة لمستثمر جديد، بحسب المدير الحالي برازي، ولم تعد له أية صلة بالشركة منذ بداية 2015". ويضيف برازي: "كانت الشركة تخطط لبدء النشاط التجاري بتاريخ 8 أغسطس/آب 2015، لكن للأسف فرضت العقوبات الأميركية ضد الشركة قبل خمسة أيام من موعد بدئها الإنتاج، أي في 3 أغسطس/آب 2015".
ويؤكد برازي أنّه إضافة إلى أن مورغان لم تمارس أي نشاط تجاري حتى اليوم، فإنّ "الحكومة الإماراتية حظرت علينا ممارسة أي نشاط تجاري مع سورية بشكل عام، ومنعتنا من ممارسة أية نشاطات تجارية مع شركات معاقبة أوروبياً أو أميركياً".
ويرى برازي أن العقوبات الأميركية طاولت شركة مورغان، بذريعة ملكيتها أو وقوعها بشكل مباشر أو غير مباشر تحت إدارة أشخاص معاقبين من قبل أميركا، بينما "لا يمتلك أي من الأشخاص المعاقبين أميركياً، مثل وائل عبدالكريم وأحمد برقاوي، أي أسهم أو سيطرة على شركة مورغان، وهي لا تتبع مجموعة عبدالكريم حالياً".
ويؤكد برازي أن شركة مورغان أرسلت مبرراتها وأدلتها مطالبة برفع العقوبات ضدها، وأبرز الوثائق التي قدمناها لسلطات OFAC المسؤولة عن العقوبات، وثيقة تثبت أنّ وائل عبدالكريم لم تعد له علاقة بالشركة، لا من ناحية الملكية أو الإدارة.
من جانبها، ردت شركة (Mossack Fonseca) بأنها لا تدعم أية أعمال غير قانونية تقوم بها أي شركة مسجلة في الأوف شور، وتابعت لـ"العربي الجديد": "عملنا يقتصر على تسجيل شركات، ولا نتدخل في نشاطاتها فيما بعد".
في النهاية يمكن القول إن قرارات العقوبات الأميركية ضد شبكة "عبد الكريم" كما سمّاها القرار، تنص على دور هذه الشركة في "التعاون مع شركاء عابرين للحدود لا يعترفون بالموقف السياسي لحكوماتهم ولا يجمعهم سوى المال. إذن هي شركات خفية عملت مع رجال الرئيس (بشار الأسد) في تقديم النفط والدعم للآلة العسكرية وللطيران التابع للحكومة السورية في الحرب ضد الشعب السوري". وذلك بحسب ما سماها القرار الأميركي. وعلى ما يبدو "لا مانع لدى مختصي خرق العقوبات من شبكات عربية وغربية وملاذات الأوف شور من التعاون في سبيل استمرار استعار الحرب وتغذيتها بالوقود، ما دام المال يقول كلمته".