رئيسة ليبيريا في تل أبيب... قوة إسرائيل الناعمة أفريقيّاً

10 يونيو 2016
خلال لقاء سيريف الرئيس الإسرائيلي (غالي تيبون/فرانس برس)
+ الخط -
تشي وتيرة الزيارات التي يقوم بها القادة الأفريقيون إلى إسرائيل والاتفاقات التي يتم التوقيع عليها، خلال هذه الزيارات، والمواقف التي يعبّرون عنها أمام نظرائهم الإسرائيليين، بعمق التحولات التي شهدتها العلاقات بين تل أبيب والعواصم الأفريقية. في الوقت ذاته، فإن الحكومة الإسرائيلية حسمت أمرها وقررت عدم السماح بالكشف عن طابع صفقات السلاح والعتاد العسكري التي تتوصل إليها مع أنظمة حكم أفريقية تُتهم دولياً بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية، بحجة أن العلاقات مع هذه الأنظمة تُعد من متطلبات الأمن القومي.

وتعد الزيارة التي تقوم بها، حالياً، رئيسة ليبيريا ألين جونسون سيريف، إلى إسرائيل والمواقف التي عبّرت عنها، والاتفاقات التي وقّعها الوزراء المرافقون لها، دليلاً على طغيان تأثير قوة إسرائيل الناعمة على القارة السوداء. ولم تكتف الرئيسة سيريف ووزراؤها بالتوقيع على اتفاقات تنظم التعاون الأمني وتسمح بإفادة ليبريا من الخبرات الإسرائيلية في المجال الزراعي والطبي والتقني، بل إن سيريف التي تحتفظ بلادها بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة وأوروبا، اختارت إسرائيل، تحديداً، لتقوم بمساعدتها في بناء جهاز النيابة العامة والمحاكم.

وتشير صحيفة "يديعوت أحرنوت"، في عددها الصادر، يوم الأربعاء، إلى أن سيريف طلبت من وزيرة القضاء الإسرائيلي، إيليت شاكيد، إرسال طواقم خاصة لمساعدة وزارة القضاء الليبيرية في إنجاز هذه المهمة. وتلفت الصحيفة إلى أن الوفد المرافق للرئيسة طلب من إسرائيل مساعدتها في إعداد المناهج الدراسية. وإلى جانب ذلك، حثّت سيريف الشركات الإسرائيلية على توسيع استثماراتها في ليبريا، وفقاً لتقرير الصحيفة.

ولا تقل الخطوات الرمزية التي قامت بها سيريف، خلال زيارتها المتواصلة، أهمية عن الاتفاقات التي تم التوصل إليها. ويمكن القول، إن سيريف أثارت كثيراً من السخرية عندما قالت في احتفال نُظّم، يوم الثلاثاء، في جامعة حيفا بمناسبة منحها الدكتوراه الفخرية، إنها جعلت من رئيسة الوزراء الإسرائيلية الأسبق، غولدا مئير، "قدوة يحتذى بها بالنسبة لها". الأوساط الإسرائيلية التي استمعت للرئيسة سيريف، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، بسبب جهودها في الدفاع عن حقوق الإنسان في بلادها وأفريقيا، تعي أن حقوق الإنسان لم تكن على جدول اهتمامات مئير، التي شهدت فترة حكمها أفظع الجرائم ضد الفلسطينيين.





وفي خطوة لا يُقدم عليها إلا قادة الدولة الأكثر صداقة لإسرائيل، قامت سيريف بزيارة ما يسمى بـ"حائط المبكى"، إلى جانب زيارة مؤسسة "الكارثة والبطولة". ولم تتردد الرئيسة في التقاط صورة مع عدد من المجندات الإسرائيليات اللواتي تواجدن في "حائط المبكى". وبحسب "يديعوت أحرنوت"، فقد لفتت سيريف أنظار القيادة والجمهور الإسرائيلي إلى أن مواجهة الإسلام المتطرف يمثّل مصلحة مشتركة لكل من أفريقيا وإسرائيل، لا سيما التصدي لكل من تنظيمَي "داعش" وبوكو حرام.

ووفقاً للصحيفة ذاتها، اصطحبت سيريف وزير الدفاع الليبيري، بروني ساموكاي معها، الذي أجرى لقاءات بنظيره الجديد، أفيغدور ليبرمان، لمناقشة سبل التنسيق في مواجهة الإرهاب وتعزيز التعاون الأمني والعسكري. ويقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بجولة تشمل أربع دول أفريقية خلال الشهر الحالي، وهي أول جولة يقوم بها رئيس وزراء إسرائيلي في أفريقيا منذ 40 عاماً.

في سياق متصل، تكشف صحيفة "هآرتس"، في عددها الصادر، يوم الأربعاء، عن أن الحكومة الإسرائيلية قرّرت الطلب من المحكمة العليا بعدم إلزامها بالكشف عن تفاصيل صفقات السلاح التي توصلت إليها مع حكومة جنوب السودان، وذلك عقب اتهام الأمم المتحدة هذه الحكومة باستخدام السلاح الإسرائيلي في ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية. وتشير الصحيفة إلى أن تحرك حكومة نتنياهو جاء بعدما قدّمت النائبة اليسارية، تمار زندبيرغ، التماساً للمحكمة العليا تطالبها فيه بالإيعاز للحكومة بالتوقف عن تقديم السلاح والعتاد الحديث لجنوب السودان.

واتهمت زندبيرغ، وفقاً لـ"هآرتس"، الحكومة الإسرائيلية بمساعدة حكومة جنوب السودان على ارتكاب هذه الجرائم، ومنها عمليات قتل واغتصاب على نطاق واسع. وسبق لزندبيرغ أن قالت إن إسرائيل تزوّد حكومة جنوب السودان بالسلاح على الرغم من ارتكابها جرائم حرب ضد معارضيها، لأن جنوب السودان تساعد إسرائيل في تعقّب عمليات تهريب السلاح لكل من حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). ونفّذت إسرائيل، خلال نصف العقد الأخير، غارات عدة داخل السودان ضد قوافل زعمت أنها تنقل سلاحاً لحزب الله و"حماس".