ذكاء تونس

10 سبتمبر 2014
عقد مؤتمر للإستثمار في تونس قراراً حكيماً (العربي الجديد)
+ الخط -
تشير تجارب مؤتمرات المانحين، على مستوي العالم، إلى عدم تحقّق أهدافها كاملة، بل إن معظم التجارب باءت بالفشل الذريع، وتحولت وعود الدول المشاركة في هذه المؤتمرات إلى سراب كبير، فما إن ينفض المؤتمر حتى تذهب تعهدات الدول والمؤسسات المشاركة فيه بضخ مليارات الدولارات لمساندة دولة أو حل مشاكل اللاجئين والنازحين، أدراج الرياح.
خذ على سبيل المثال مؤتمر المانحين الذي استضافته مدينة شرم الشيخ في العام 2002 بهدف إنقاذ الاقتصاد المصري من خطر الانهيار، فقد أقرّت الدول المشاركة في المؤتمر، وعلى رأسها الولايات المتحدة، منح حكومة مصر مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار، لم يصل منها دولار واحد حتى الأن.
وفي المستقبل القريب تعهد المانحون بتقديم دعم لليمن قيمته 7.98 مليارات دولار في مؤتمرين، في الرياض ولندن، عقدا في أبريل/نيسان 2012، ورغم مرور أكثر من عامين على التعهدات، إلا أن المبلغ لم يصل اليمن كاملاً حتى الآن، ولولا المساعدات السعودية، البالغ قيمتها 3.25 مليارات دولار، لضاعت هذه التعهدات.
حتى المؤسسات، وعلى رأسها البنك الدولي، وصندوق النقد، ومؤسسة التمويل الدولية، والأمم المتحدة، والبنك الإسلامي، لم تف بتعهداتها تجاه اليمن منذ انعقاد المؤتمرين.
وخلال السنوات الماضية سمعنا عن مؤتمرات مانحين خصصت لدعم اقتصاديات أفغانستان والصومال وسوريا ولبنان والأردن ودول أفريقية وآسيوية أخرى وذهبت تعهداتها أدراج الرياح.
ومن هنا، كانت خطوة تونس في استبدال مؤتمر المانحين بمؤتمر عن الاستثمار، قراراً حكيماً وفي قمة الذكاء، فتونس تدرك جيداً أنها لن تحصد سوى وعود براقة من مؤتمرات المانحين، وأنها بحاجة إلى استثمارات حقيقية تعالج من خلالها مشاكل البطالة، وليست بحاجة كذلك لمساعدات ومنح تتحكم الدول المانحة في أسلوب صرفها وقد لا تأتي أصلاً.
وكما أعطت تونس نموذجاً في حماية ثورتها من الثورة المضادة، أعطت أيضاً قدوة للآخرين بعدم اللهاث وراء الدول المانحة وتسول المنح والمساعدات.
دلالات
المساهمون