ديل بوسكي... ثوري أم إصلاحي؟

30 اغسطس 2014
ديل بوسكي أمام تحديات جديدة (getty)
+ الخط -

أعلن المدير الفني للمنتخب الإسباني فيسينتي ديل بوسكي اليوم، قائمة ودية فرنسا ومباراة مقدونيا في التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الأوروبية يورو 2016 والتي شهدت استدعاء وجوه جديدة، فيما وصفته بعض وسائل الإعلام المحلية مثل جريدتي (ماركا) و(أس) الرياضيتين بـ"ثورة" جديدة في المنتخب.

الحقيقة أن الأمر لا يتعلق بكونه ثورة كروية ينفذها ديل بوسكي أكثر من كونها مجرد إجراءات إصلاحية، ربما تأتي بثمارها وتغسل عار الأداء المخزي في مونديال 2014، وربما لا، أغلب التغييرات التي أجراها ديل بوسكي لم تكن انطلاقا من رغبة ذاتية، بل لأسباب قهرية، المدرب العجوز لا يقود ثورة في المنتخب، لا يوجد من يثور على نفسه، بل هو يرمم ويصلح.

بعد نهاية مونديال 2014 تجلت العيوب الكبرى التي تضرب "لاروخا": ارتفاع المعدل العمري لعدد من اللاعبين، غياب الروح القتالية، وانخفاض مستوى عدد كبير من النجوم القدامى للفريق، الذين بالمناسبة لم يتوقف ديل بوسكي عن الدفاع عنهم أثناء وبعد المونديال، فهو من نوعية المدربين الذين يدافعون عن "رجالهم" للرمق الأخير.

قرر بعض هؤلاء الرجال الابتعاد عن أي انتقادات قد تطالهم بعد التاريخ الذي صنعوه مع المنتخب بالاعتزال دوليا، بكل تأكيد كارلوس بويول كان أذكاهم لأنه اتخذ القرار مبكرا، بعدها لحقه ديفيد فيا ثم تشافي هيرنانديز وأخيرا تشابي ألونسو.

"إنهم أبطال وفازوا بكل شيء.. ليس لدي أي شك في قدراتهم"، هذه كانت تصريحات ديل بوسكي الدفاعية عن رجاله القدامى الذين توجوا بكأس الأمم الأوروبية مرتين متلاحقتين في 2008 و2012 تخللهما تتويج إسبانيا بمونديال 2010 لأول مرة، وهي تكشف أنه لم يكن ينوي إحداث تغييرات كبيرة بمبادرة ذاتية، كان ينظر لإهانة كأس العالم في البرازيل حينما خرجت "لاروخا" من دور المجموعات كمجرد "كبوة".

نظرة سريعة لقائمة إسبانيا لمباراتيها المقبلتين تظهر صحة هذه الافتراضية: تشافي هيرنانديز اعتزل لذا أصبح ديل بوسكي مجبرا على الاعتماد على كوكي لاعب أتلتيكو مدريد المتألق، الذي كان يرى الكثيرون أنه كان يستحق اللعب أساسيا على حساب نجم برشلونة في المونديال، العجوز الإسباني لم يتخذ قرارا ثوريا بالإطاحة بتشافي واستدعاء كوكي، بل فعل الإجراء الطبيعي في مثل هذه الحالات.

ديفيد فيا اعتزل دوليا بشكل شبه رسمي وفرناندو توريس لا يزال تائها في قصة بحثه عن المرمى وتضييع الفرص، ليس المهاجم المرعب القديم الذي كان كل الحراس يخشونه، كما أن بديله معروف منذ فترة، إنه دييجو كوستا الذي حصل على الجنسية الإسبانية ليلعب معها في المونديال وليس مع منتخب البرازيل، إجراء قديم ومتوقع وإصلاحي، لا توجد ثورة في الهجوم، ضم راؤول جارسيا أمر طبيعي في ظل مستواه الطيب مع الـ"روخيبلانكوس" واستمراره في تسجيل الأهداف.

حراسة المرمى هي أكثر العوامل التي تؤكد إن ديل بوسكي لا يمر في ذهنه أي تفكير ثوري: لا يزال إيكر كاسياس رغم الأخطاء التي ارتكبها في المونديال وبداية الموسم مع الريال هو الرجل المفضل له، ومعه استدعى في دوري الكومبارس كيكو كاسيا حارس إسبانيول وديفيد دي خيا لاعب مانشستر يونايتد، الذي حقيقة لا يقدم مستوى راقٍ.

لا يزال دييجو لوبيز حتى بعد رحيله عن الريال وانضمامه لميلان الإيطالي في قائمة "المغضوب عليهم" بالنسبة لديل بوسكي، فقد واصل تجاهله ولم يقدم على ضمه لقائمة الفريق، استمرارا لمسلسل "دعم القديس"، الذي لا يتوقف أبدا تجاه كاسياس.

على الصعيد الدفاعي، يمكن القول بأنه الخط الوحيد الذي اتخذ فيه ديل بوسكي إجراءات "شبه ثورية"، تمثلت في غياب بيكيه عن القائمة وضم مارك بارترا لاعب برشلونة الصاعد وميكيل سان خوسيه لاعب أثلتيك بلباو.

الثنائي المكون من سرجيو راموس وجيرارد بيكيه في المونديال الأخير لم يقدم الأداء المنتظر في المونديال، والحلقة الأضعف فيه معروفة للجميع: ليس اللاعب الذي قدم موسما متميزا مع فريقه ريال مدريد، وكان حاسما في تتويجه بدوري الأبطال وكأس الملك، بل الآخر الذي أصبح مستواه في تراجع مستمر منذ فترة كبيرة، ولا ينجح حتى في التفاهم داخل فريقه مع الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو.

دلالات
المساهمون