خماسي "بالت": طهران ابتسمي

09 مايو 2015
(تصوير: آرش عاشوري نيا)
+ الخط -

ظهرت موسيقى البوب في إيران بعد الحرب العالمية الثانية، ولم تكن آنذاك سوى نسخ وتقليد للبوب الأميركي. كل ما كان يفعله الفنانون حينها هو ترجمة كلمات بعض الأغاني الغربية إلى الفارسية.

في السبعينيات، عُرفت موسيقى البوب أكثر وزاد الإقبال عليها، إلّا إن انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، وانطلاق الحرب الإيرانية العراقية بعدها، أدّيا إلى تراجع صناعة الموسيقى بشكل كبير وهجرة العديد من فنانيها، إضافة إلى أن من الأفكار الأساسية التي قامت عليها الثورة الإسلامية في تلك المرحلة محاربة القيم والثقافة الغربية.

مع وصول الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي إلى الرئاسة عام 1997، تم تخفيف القيود نسبياً، وفتح المجال أكثر أمام موسيقى البوب وفنانيها، إذ بات من الممكن ترخيص ألبوماتهم، والسماح لهم بعرض أعمالهم في حفلات عامة.

من أولئك الفنانين؛ خمسة شبان حققوا شهرة كبيرة في إيران خلال فترة وجيزة، رغم أن قصة تعرّفهم إلى بعضهم وتشكيلهم لفرقة "بالت" عام 2009 كانت بمحض الصدفة.

ألبوم "أقاي بنفش" (السيد البنفسجي)، كان بداية أعمالهم التي لاقت نجاحاً كبيراً مكَّنهم من القيام بجولة واسعة في العديد من البلدان الأجنبية. و"طهران.. ابتسمي" هو عنوان ألبومهم الجديد الذي يعملون عليه حالياً، وتتراوح مواضيعه بين الاجتماعية النقدية لحياة مدينتهم، وتلك العاطفية.

أكثر ما يميز فرقة "بالت" (تعني بالعربية اللَّوح)، هو تنوع الخلفيات الموسيقية لأعضائها الخمسة وهم: أميد نعمتي مغني الفرقة الرئيسي الذي عُرف بأدائه للموسيقى الفارسية التقليدية، وعازف الكلارينيت روزبه اسفندارمز، وعازف الكونترباص داريوش آذر، ومهيار طهماسبي عازف التشيللو، وعازف الغيتار كاوه صالحي.

في حديث لـ"العربي الجديد" مع أعضاء الفرقة، أخبرنا روزبه عن بداياتهم التي "كانت على شكل لقاءات للعزف والغناء في أماكن عامة"، ويضيف "كان العرض الرسمي الأول لنا كمجموعة موسيقيين، حين تلقينا دعوة لتقديم حفل خاص ذهب ريعه لصالح مؤسسة لعلاج السرطان. ومن بعد هذا الحفل، قرّرنا الاستمرار وتكوين الفرقة".

عند الحديث عن وضعهم كفناني موسيقى بوب في إيران، يُجمع أعضاء الفرقة على "تأثر هذا النوع من الفن بالتغيرات السياسية"، إضافة إلى قلة معرفة المجتمع الإيراني بموسيقى وثقافة البوب؛ ما يدفع الفرقة إلى "المزج بين البوب والموسيقى الإيرانية".

ويعتبر نعمتي أن "الصعوبات اليوم أقل بكثير من السابق، فالسنوات الماضية من حكم الرئيس المحافظ نجاد صعَّبت الأمور على فناني البوب" ويَذكر أنهم حصلوا "على ترخيص ألبومهم الجديد وجولتهم الموسيقية منذ فترة وجيزة؛ ما يدل على تأثر الموسيقى والفن في إيران بتغيُّر الخطاب السياسي للبلاد، الذي تقوده اليوم حكومة أكثر انفتاحاً".

من جهة أخرى، يعتبر نعمتي أن "موسيقى البوب الحقيقية ما زالت لا تمثل جزءاً من الثقافة الإيرانية، وعلى هذا الأساس لا ينال فنانوها الاهتمام اللازم من الجهات الرسمية"، ويضيف "مثلاً، التلفزيون الإيراني لا يسمح بعرض وتصوير الآلات الموسيقية الغربية الحديثة، وإنما فقط يبث صوتها".

وحول الموضوع، يعلّق صالحي "التلفاز يعرض صور الحروب والأسلحة، ويرفض عرض الآلات الموسيقية المختلفة، مكتفياً فقط بالآلات الموسيقية التقليدية"، مطالباً بإقرار قانون واضح حول هذه القضية.

بالرغم من كل تلك الأجواء المحيطة بالفنون الحديثة في إيران، فإن أعضاء الفرقة تحدثوا بحماسة عن الظاهرة الجديدة التي تشهدها شوارع طهران، وهي وجود مجموعات شبابية تعزف موسيقى البوب في الشوارع والأماكن العامة؛ ما دفع خماسي "بالت" إلى النزول إلى الشارع أيضاً، وكانت أولى اختباراته في منطقة شعبية جنوبي العاصمة.
المساهمون