خطة لتسريع تحرير الموصل: طريق بغداد-عمان مقطوع بحماية المليشيات

25 فبراير 2017
تشتد المعارك بين "داعش" والقوات العراقية (مارتن آيم/Getty)
+ الخط -
يشير تقدم القوات العراقية في معسكر الغزلاني ومطار الموصل على حساب تنظيم "داعش" إلى وجود رغبة لإنهاء معركة الساحل الأيمن بشكل سريع، فيما كان لافتاً، أمس الجمعة، إعلان العبادي عن توجيه الطيران العراقي ضربات على مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) داخل الأراضي السورية، تحديداً في البوكمال، واضعاً الخطوة في سياق الرد على المسؤولين عن "التفجيرات الإرهابية الأخيرة في بغداد".
وأكد العبادي، في بيان أصدره، على أهمية حرص القوات المشاركة في معركة تحرير الموصل من تنظيم "داعش" "على التنسيق الدقيق والتام بين مختلف التشكيلات براً وجواً، والاستفادة القصوى من المعلومات الاستخبارية عن تحركات العدو داخل المدينة، وتعميق حالة الانكسار والهزيمة التي لحقت بداعش وهروب قياداته، عبر زيادة الضربات النوعية والمركزة لمقرات العدو ومعامل التفخيخ وطرق الإمداد".
كما دعا العبادي إلى "بذل أقصى جهد لإنقاذ المدنيين وحمايتهم وتوفير ممرّات آمنة لخروجهم، واستقبالهم ونقلهم إلى المخيمات الآمنة"، فيما أكد أنّ "هذه آخر فرصة للعناصر التي تورّطت مع داعش لإلقاء السلاح وتسليم أنفسهم لينالوا محاكمات عادلة، وعدا ذلك فإنّهم سيواجهون الموت الحتمي على يد مقاتلينا".



وتزامنت تصريحات العبادي مع استمرار تقدم القوات العراقية على الساحل الأيمن للموصل. وفي الوقت الذي تحدث فيه مقاتلون ميدانيون عن مشاركة أميركية فاعلة في المعارك، كشف ضباط عراقيون عن وجود خطة أعدت بالتنسيق بين بغداد وواشنطن، تهدف لحسم المعركة بوقت قياسي، من أجل تهيئة الموصل للاشتراك في انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في سبتمبر/أيلول المقبل.

وفي السياق، قال ضابط عراقي رفيع في قيادة العمليات المشتركة إن مسؤولين عراقيين وأميركيين أجروا خلال الساعات الماضية اجتماعات مكثفة، للتوصل إلى خطة جديدة تسرع بتحرير الموصل. وأوضح في حديث مع "العربي الجديد" أن المجتمعين اتفقوا على الاستعانة بمستشارين من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) خلال عمليات اقتحام أحياء الساحل الأيمن للموصل، فضلاً عن منع مليشيات الحشد الشعبي من الوصول إلى داخل المدينة. وأشار إلى أن الطرفين اتفقا على مسك الأرض في الجانب الأيسر للموصل وفي الأراضي التي ستحرر في المستقبل من قبل ضباط محليين من أهالي المدينة، لافتاً إلى وجود رغبة لدى بغداد وواشنطن بتحرير الموصل في فترة قياسية، لتهيئتها لخوض الانتخابات المحلية المقبلة المقرر إجراؤها في سبتمبر/أيلول المقبل.
ولفت الضابط العراقي إلى مناقشة مستقبل الموصل خلال اللقاءات التي أجراها قائد القيادة المركزية الأميركية، جوزيف فوتيل، مع رئيس الحكومة حيدر العبادي، أمس الجمعة، ووزير الدفاع عرفان الحيالي أول من أمس الخميس، مرجحاً أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدا من التنسيق بين الجانبين.

في غضون ذلك، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، جوزيف دانفورد، إن خطة تقودها الولايات المتحدة الأميركية لهزيمة تنظيم "داعش"، من المقرر أن تظهر يوم الاثنين المقبل. وأكد خلال تصريح صحافي أن الخطة الجديدة ستكون أوسع نطاقاً من سابقاتها. في غضون ذلك، أعلن قائد الشرطة الاتحادية، رائد شاكر جودت، عن تحرير مطار الموصل بشكل كامل. كما قال قائد الحملة العسكرية في الموصل، عبد الأمير يارالله، إن القوات العراقية بسطت سيطرتها الكاملة على معسكر الغزلاني في الجهة الغربية للموصل.
وتحتل سيطرة القوات العراقية على مطار الموصل ومعسكر الغزلاني أهمية كبيرة في استراتيجية الحرب على تنظيم "داعش"، بحسب العقيد في فرقة الرد السريع التي تقاتل غرب الموصل حميد السلامي. وأوضح السلامي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن السيطرة على المطار والمعسكر ستمكن القطعات العسكرية العراقية من إيصال غرب الموصل بشرقها. ولفت إلى أن إمدادات القوات العراقية من الأفراد والسلاح التي تأتي من الساحل الأيسر تمرّ عبر معسكر الغزلاني ومطار الموصل قبل أن تصل إلى أحياء الجانب الأيمن التي لا تزال تحت سيطرة تنظيم "داعش".
وأشار السلامي إلى وجود أنباء عن مشاركة مستشارين أميركيين مع القوات العراقية التي تخوض معارك الساحل الأيمن، متوقعاً أن تحسم المعارك في وقت أقل مما تطلبه الساحل الأيسر في حال الاشتراك الجدي للتحالف الدولي".



من جهته، رجح المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، صباح النعمان، أن تكون عملية تحرير الساحل الأيمن للموصل سهلة بالمقارنة مع معركة الجانب الأيسر. وأشار في تصريحات صحافية إلى وجود انهيار في صفوف التنظيم الذي فقد قدرته على تجنيد العناصر الجدد، فضلاً عن قطع طريق الإمدادات التي كانت تأتيه من سورية، متوقعاً وجود نحو خمسة آلاف مقاتل تابع لـ"داعش" في الجهة اليمنى للموصل.
بدوره، توقع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، حسان العيداني، أن تشهد معركة الموصل جهوداً محلية ودولية أكبر لحسمها قبل الانتخابات المقبلة. وأكد، في حديث مع "العربي الجديد"، أن العبادي يبحث عن ورقة نصر يدخل بها الانتخابات المقبلة، فيما يحاول الأميركيون إيصال رسالة للعالم مفادها أن الولايات المتحدة لا تزال قوية وبإمكانها كبح جماح أي تنظيم إرهابي في العالم، على حد وصفه. وشدد العيداني على ضرورة الحذر من خطورة توجه أنظار القوات العراقية نحو الموصل، وفتح ثغرات أمنية في مناطق أخرى. ورجح أن يواجه العراق تحديات خطيرة جديدة بعد "داعش" كالمليشيات المنفلتة، وسلاح العشائر الخارج عن سيطرة الدولة.
وفي هذا السياق، قطع مسلّحون يرتدون الزي الأسود، أمس الجمعة، الطريق الدولي السريع الرابط بين العاصمة العراقية بغداد ومحافظة الأنبار (غرب العراق)، وصولاً إلى الحدود مع الأردن. وقال مصدر في وزارة الداخلية العراقية، إن عشرات المسلّحين الذين يرتدون الزي الأسود، ويحملون الأسلحة المتوسطة والخفيفة، قطعوا طريق (بغداد – الأنبار) في منطقة أبو غريب (10 كيلومترات غرب بغداد). وأوضح المصدر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن المسلحين قالوا إنهم يتبعون لعشائر ينتمي إليها 16 سائق شاحنة كانوا قد اختطفوا في بلدة الرحالية الواقعة في الصحراء الجنوبية للأنبار.
ولفت المصدر إلى أن "المسلحين سيطروا على عدد من نقاط التفتيش، واحتجزوا عشرات المسافرين الوافدين من المناطق الغربية" في منطقة أبو غريب، وسط محاولات من القوات العراقية للتدخل لإطلاق سراحهم. وأشار المصدر إلى انتشار العشرات من عناصر مليشيات بدر وعصائب أهل الحق في محيط المنطقة لحماية المسلحين. بدوره، أكد عضو مجلس أعيان الفلوجة، محمد الجميلي، انتشار مسلحين على الطريق مع بغداد، موضحاً في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، أن المسلحين احتجزوا عشرات السيارات مع ركابها، ولم يسمحوا لها بالعودة أو إكمال طريقها باتجاه العاصمة بغداد. وأشار إلى ورود معلومات تفيد بانتشار مليشيات عراقية لحماية المسلحين، معرباً عن خشيته من احتمال عودة عمليات الخطف الجماعي، التي تسبب بها انتشار فرق الموت التي أنشأها رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي. كما حذّر من تكرار حادثة الصقلاوية، التي اختطفت المليشيات منها نحو 700 مدني لم يعرف مصيرهم لغاية الآن، مطالباً الحكومة العراقية والقيادات الأمنية بتحمّل المسؤولية الكاملة عن سلامة المسافرين إلى بغداد والوافدين منها ورفض عضو مجلس أعيان الفلوجة تبرير قطع الطريق بين محافظتين بحادثة اختطاف سائقي الشاحنات في منطقة الرحالية، جنوب الأنبار، مبيّناً أن المنطقة التي شهدت حادثة الاختطاف، تقع ضمن مناطق نفوذ "الحشد الشعبي"، وتحديداً مليشيا "حزب الله في العراق". وكان رئيس بلدة الرحالية، مؤيد فرحان، قد أعلن الأسبوع الماضي، عن قيام تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) باختطاف 16 مدنياً من البلدة. وتقع الرحالية على الحدود بين محافظتي الأنبار وكربلاء (100 كيلومتر جنوب بغداد)، وتخضع لسيطرة الحشد الشعبي من الناحية الأمنية. ويربط مسؤولون محليون في محافظة الأنبار بين معركة الموصل والتدهور الأمني في المحافظة. وفي السياق، دعا عضو مجلس محافظة الأنبار، راجع العيساوي، في وقت سابق إلى الإسراع في تحرير مدن المحافظة الغربية. وأكد أن انشغال القوات العراقية بمعركة الموصل يؤثر سلباً على الوضع الأمني في الأنبار.



المساهمون