حمة الهمامي لـ"العربي الجديد": تونس تمر بأزمة حكم شاملة

تونس
D8A6CEA0-1993-437F-8736-75AB58052F84
وليد التليلي
صحافي تونسي. مدير مكتب تونس لموقع وصحيفة "العربي الجديد".
14 يناير 2018
2DAF9FB0-3161-44D6-AD94-3B2698F878CD
+ الخط -


في خضم الاحتجاجات التي تشهدها تونس، رفضاً للسياسات الاقتصادية والمالية التي تنتهجها الدولة، التي تحوّل بعضها إلى أعمال عنف، وذلك مع حلول الذكرى السابعة للثورة التونسية، يرى المتحدث الرسمي باسم "الجبهة الشعبية" حمة الهمامي، في حوار مع "العربي الجديد"، أن البلاد تمر بأزمة حكم شاملة تستدعي العودة إلى الناخبين والناخبات، للتوصل إلى حل سياسي عبر انتخابات مبكرة، وإلا الدخول في طور جديد من الثورة. ويهاجم الائتلاف الحاكم، معتبراً أنه فشل ويدافع عن مصالح السماسرة والمؤسسات المالية الدولية. أما عن الاحتجاجات القائمة، فيشير إلى أن الجبهة دعت إلى احتجاجات بوجوه مكشوفة، لكنه يرى أن هناك عصابات تخرج ليلاً وتحصل تصفية حسابات، معتبراً إحراق مقر الجبهة في العروسة رسالة تندرج ضمن الحملة ضد الجبهة. إلى نص الحوار:

لننطلق من الحدث وهو إحراق مقر "الجبهة الشعبية" في مدينة العروسة من ولاية سليانة، أي مدينتكم؟
فعلاً، علمت أنه تم في ساعة متأخرة من الليل حرق مقر "الجبهة الشعبية" في العروسة، وحسب المعلومات الأولية تم كسر نافذة وسكب البنزين، ونتيجة الحريق الذي نشب في المقر تم إتلاف المعدات الموجودة هناك. حالياً الأمن يتابع الأمر، ومن الناحية السياسية قد تندرج العملية ضمن الحملة التي تتعرض لها الجبهة، أي في إطار حملة التشوية والشيطنة لا لشيء سوى أننا نمارس دورنا كمعارضة ونتصدى لتنفيذ قانون المالية لأننا نعتبره مدمراً لأغلب فئات الشعب والبلاد، خصوصاً بما يتضمنه من إجراءات تتعلق بالزيادة غير المسبوقة في الأسعار.

العروسة هي مسقط رأسي ومن قام بالفعلة هذه وجّه رسالة واضحة، لكن الأمر الإيجابي هو تعاطف أهالي العروسة، إذ اتصلوا بالجبهة وطلبوا مساعدتنا في إعادة ترتيب المقر والتجهيزات. هناك مسؤولية سياسية واضحة، رئيس الحكومة سبق أن اتهم بشكل مباشر الجبهة بدعوى أنها متواطئة وتحرض على أعمال العنف والتخريب، في حين أن المسؤولين الأمنيين لم يصرحوا يوماً أن الجبهة لها علاقة بهذه الأعمال، بل بالعكس أغلب تصريحاتهم تنفي علاقة الجبهة بأعمال التخريب التي يعرف التونسيون أن وراءها لوبيات ومافيات وعصابات الجريمة.
وتتزامن هذه العملية مع تحريض بالقتل، إذ قام إمام مسجد في مدينة السند بالتحريض على قتلي، وهناك موقع دعا بشكل واضح إلى قتلي وقتل النائبة في "التيار الديمقراطي" سامية عبو، ثم قالوا "اقتلوا حمة الهمامي ومنجي الرحوي"، وإلى غير ذلك من التحريض على القتل. ولكن هذه الدعوات لا تخيفنا، فالجبهة مستهدفة منذ فترة سابقة وعمليات التحريض تأتي من أوساط لا تؤمن بالديمقراطية، وبالنسبة إليهم لا بد من الانصياع لمصالح الأقليات والمافيات، والانصياع للأغلبية الحاكمة التي لها ارتباطات عضوية بلوبيات الفساد التي ساندتها في الانتخابات. نحن لن ننصاع، والجبهة قدّمت شهداء كشكري بلعيد ومحمد البراهمي ومحمد المفتي، وتلك ضريبة الدفاع عن تونس وشعبها.


لكن لماذا يتهم رئيس الحكومة "الجبهة الشعبية" مباشرة؟

لأن "الجبهة الشعبية" تُعتبر معارضاً رئيسياً في تونس وتنادي بإسقاط قانون المالية والإجراءات الواردة فيها وتندد بالزيادات غير المسبوقة. في العادة تتم مراجعة المواد المدعومة، والزيادات في الأسعار تكون في حدود 400 مليار، ولكن هذه المرة أغلب الزيادات تضاعفت 10 مرات عن المعتاد أي بـ3160 ملياراً، وهي إجراءات غير مسبوقة. وموقف الجبهة واضح من هذه الزيادات ومن رئيس الحكومة نفسه لأننا نعتبر أنه وحكومته فشلوا، وكذلك الائتلاف الحاكم لم ينجح في إدارة البلاد.
الحكومات منذ 2011 تُراكم الفشل تلو الفشل، وتُراكم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وهي التي أوصلت تونس إلى حافة الإفلاس، إن لم يكن الإفلاس، وكل المؤشرات المسجلة من نسبة النمو وعجز الميزان التجاري والتضخم وسقوط الدينار تُعتبر أرقاماً غير مسبوقة. ومن الناحية الاجتماعية الفقر يضرب أكثر من خُمس المجتمع التونسي، ونسب البطالة منذ 20 سنة لم تتغير، إذ إنها بين 15 و20 في المائة ونحو نصف هؤلاء من أصحاب الشهادات العليا. والأوضاع الصحية والبيئية تتدهور وكذلك النقل، واليوم تونس لم تعد لها سيادة على قرارها الاقتصادي، فصندوق النقد الدولي هو الذي يتحكم والحكومة مجرد إدارة. بالإضافة إلى الفشل السياسي، فالمؤسسات الدستورية لا تزال معطلة والمحكمة الدستورية معطلة نتيجة الصراعات، أما الائتلاف الحاكم فتدخل أطراف إليه وأخرى تغادره، وتوجد أزمة حكم شاملة. ولذلك كانت دعوتنا إلى انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لموعدها والعودة إلى الناخبين والناخبات، وهو ما يزعج رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة و"نداء تونس" وحتى "النهضة"، ويفسر حملة الشيطنة التي تستهدفنا، وهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.


بالنسبة لدعوتكم إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة. هل ترون أن هناك بديلاً سياسياً ناجعاً؟

لنتفق أولاً على أن البلاد في أزمة عميقة وأن الأزمة هي أزمة حكم، وبالتالي لا بد من حل سياسي وإلا سيكون الحل كما حصل مع الديكتاتورية بيد الشارع، فإما طور جديد من الثورة أو حل سياسي يكون في إطار المؤسسات، أي انتخابات مبكرة. الجبهة لا تفكر من سيكون الرابح ومن الخاسر، بل أن ندرب مجتمعنا وبلادنا على التداول الديمقراطي، بعضهم يرى أن المنظومة نفسها ستأتي عبر الانتخابات، فليكن ذلك إذا أعطاها الناخبون والناخبات ثقتهم وأصواتهم. في بلدان ديمقراطية حصلت انتخابات مبكرة وأزيح من في الحكم، وفي أخرى حصل العكس وبعض الأغلبيات بقيت في الحكم، ولكن المهم هو العودة إلى الناخب. هذا الائتلاف الحاكم قدّم وعوداً واليوم أدار ظهره للوعود، وما يكرسه من سياسات معاكس تماماً لما وعد به.


ولكن هل يمكن أن تكون "الجبهة الشعبية" بديلاً فعلياً؟

"الجبهة الشعبية" تطرح نفسها بديلاً سياسياً، ونعتقد فعلاً أن كل التطورات الحاصلة في الواقع أكدت صحة مواقف الجبهة، فقد قلنا منذ 2014 إن هذه المنظومة ستفشل لأنها من الماضي، وإن هذا الائتلاف ليس هو المطلوب لما بعد الثورة، فأي حكم لا يحل مشاكل العمل والفقر والتهميش والصحة والتعليم والمشاكل المتعلقة بحياة الناس، لا يُعتبر ائتلاف المرحلة.
و"الجبهة الشعبية" لديها برنامج وتطرح نفسها أمام الشعب كبديل، وتكريس برنامج الجبهة في كل أبعاده الاقتصادية والاجتماعية من شأنه أن يُخرج تونس من عنق الزجاجة. نحن في البرلمان اقترحنا إجراءات عاجلة ولكن الائتلاف الحاكم يريد تحميل الأزمة للأجراء وللمؤسسات الصغرى والمتوسطة وحتى المؤسسات الكبيرة المنتجة. الائتلاف الحاكم يدافع عن مصالح السماسرة والمؤسسات المالية الدولية، أي البرجوازية الطفيلية، ونحن قلنا عوض السلخ الجبائي والزيادة في الأسعار دعونا نلجأ إلى أساليب أخرى تقوم على التحكم في الواردات.
هذه السنة لدينا خسارة في الميزان التجاري بنحو 24 إلى 25 ألف مليار مليم، نحو ثلثي ميزانية تونس، ومع ذلك الحكومة تستورد بضائع يُنتج مثلها في تونس ولسنا بحاجة إليها. التحكم في الواردات يدعم الإنتاج التونسي ويعزز الدينار ويخفض المديونية.
النقطة التي طرحناها تتعلق بمقاومة الاقتصاد الموازي، لأن أكثر من نصف الناتج الوطني المحلي هو اقتصاد موازٍ، يعني أن 54 في المائة لا يدفعون الضرائب ولا الجباية ولا الصناديق الاجتماعية، يقولون إن في تونس 11 ألف مليار مليم من الأوراق النقدية وهي خارج المنظومة، وطلبنا تغيير الأوراق النقدية لحل الإشكال. أغلب الخبراء يقدّرون أن قيمة التهرب الجبائي في تونس هي ما بين 8 آلاف و15 ألف مليار دينار، فلماذا لا تسترجع الدولة أموالها؟ طرحنا قضية مقاومة الفساد ومع ذلك أي إجراءات توجد حالياً في مقاومة الفساد؟ إيقاف المهرب الفلاني أو الفلاني لن يحل المشكلة، ولا بد أن تبدأ عملية تنظيف مؤسسات الدولة.


ولكن ما يعيبه بعضهم على الجبهة أنها لا تقدم إجراءات ملموسة؟

لكن نحن قدمنا إجراءات ملموسة، في مقاومة التهريب وتغيير العملة. مشكلة الحكومة أنه ليس لها حلول بل إنها تمثل مصالح أقليات وليس من مصلحتها اتخاذ إجراءات ضد التهرب الجبائي والفساد والاقتصاد الموازي، لأنها منصاعة لإملاءات صندوق النقد الدولي، وكل التجارب بيّنت أن الدول التي مر بها الصندوق قادت إلى انفجارات عميقة. أما الإصلاحات الكبرى فهي أن تمارس تونس سيادتها على ثرواتها، لأن فتح باب الخصخصة هو فتح باب جهنم على تونس، أي أنها ستبقى تلعب دور الجندرمي لرأس المال الأجنبي.
اقترحنا الإصلاح الزراعي الجذري في تونس، لأن البلاد فيها خمسة ملايين و300 ألف هكتار صالحة للاستغلال الزراعي، ومليون هكتار غير مستغلة تماماً والبقية استغلالها ضعيف. كما اقترحنا خطة لصناعة وطنية قدر الإمكانات في الوقت الذي تُدمَر فيه الصناعات التونسية، فحتى الشاشية التونسية (طربوش تونسي تقليدي) يأتي من الصين.
كذلك تجب مراجعة الاتفاقيات اللامتكافئة بين تونس والدول الأجنبية، والتي قام بها (الرئيس المخلوع) زين العابدين بن علي، وفوّت على تونس نحو 500 ألف فرصة عمل، وهذه السياسة تواصلت مع الحكومات التي تلته مع دول أجنبية. نحن لسنا ضد التعامل مع الخارج بل مع التعامل وفق مصالحنا ومراجعة المديونية التي عمّقت الأزمة، لأنهم يقرضونك لا لكي تستثمر بل لتعود إليهم.



طالما أن هذه المسائل واضحة، لماذا لم تتخذ الحكومة هذه الإجراءات؟

لأن السياسة تتم حسب المصالح، والائتلاف الحاكم مرتبط بما سمته مجموعة الأزمات بـ200 عائلة تتحكم في المال والتجارة والاقتصاد التونسي، وهذه العائلات تمثل البرجوازية الطفيلية. يعني أنها لا تتجه إلى القطاعات المنتجة بل إلى أعمال السمسرة والتجارة، والحكومة لا تتحكم في قرارها لأنها واقعة تحت إملاءات صندوق النقد الدولي وليست لها السيادة على قرارها وإنما هي حكومة في خدمة أقليات محلية ومؤسسات مالية واتحادات دولية.


لو كانت "الجبهة الشعبية" في الحكم، هل كانت ستغيّر هذه الأوضاع؟

الجبهة لها بديل مناقض للحكومة، ولو وصلت إلى الحكم ستغير الخيارات الاقتصادية، الإشكالية ليست قانون المالية لأنه القطرة التي أفاضت الكأس.


ولكن "الجبهة الشعبية" صوتت لبعض فصول الزيادة في الأسعار؟

ليس صحيحاً، لأن الجبهة صوّتت ضد قانون المالية ولكن وقعت مغالطات عدة. عندما طرحت الجبهة الزيادة في منحة العائلات المعوزة وأصحاب الحاجات الخصوصية في لجنة التوافقات، تم ربط بعض المسائل ببعض آخر، وما حصل أنهم صوتوا ضد الزيادة في منح العائلات المعوزة وضد منح أصحاب الحاجات الخصوصية، والإشكال أنه يجب أن نناقش الأصل وهذا القانون نحن صوتنا ضده.


التونسي يتساءل عن البدائل الممكنة، فانتخابات مبكرة يعني أنها ستفضي إلى توافقات سياسية جديدة، فمع من ستحكم الجبهة؟

إذا وصلت الجبهة إلى الحكم ستحكم مع قوى سياسية مدنية وكفاءات تتبنى برامج. نعتبر أنه يجب التفريق بين التعايش مع مكونات المشهد التونسي الذي يتم وفق الدستور، والائتلاف في الحكم وفق برامج، ولكن المعضلة أنه حصل ائتلاف في الحكم منذ 2014 ولكنه عطل كل شيء.


لو لم يذهب الرئيس الباجي قائد السبسي إلى خيار التوافق مع "النهضة"، هل كنتم ستشاركون في الحكومة؟

بالنسبة إلينا ليست قضية "نهضة" وإنما قضية برامج، وفي ما يخص ما يشاع أن الجبهة لو قبلت التحالف مع "النداء" بعد انتخابات 2014 لما كان تحالف "النداء" و"النهضة" ليس صحيحاً. نحن جلسنا مرتين مع رئيس الحكومة (السابق) الحبيب الصيد وكان النقاش حول تشكيل الحكومة وبرنامجها، ومنذ الاجتماع الأول قال لنا الصيد بالحرف الواحد إن رئيس الدولة يريد أن يحكم مع "النهضة" ويريد أغلبية بـ183 نائباً، وبالتالي الجبهة ليست معنية بالمشاركة في الحكومة. وبعد أسبوع التقيناه من جديد وطلب (القيادي في الجبهة) زياد لخضر منه الكلمة وقال له أريد التأكد من معلومة، هل قلت لنا في الجلسة السابقة إن رئيس الدولة يريد أن يحكم مع "النهضة"، فأجاب نعم، وفهمنا الرسالة. تناقشنا مع الصيد وقلنا له أنتم تبحثون عن أغلبية معطلة، فهم يشكلون أغلبية ستعطل ما جاء في الدستور وستقود البلاد إلى أزمة، وسألته كم لديكم من نواب، قال 125 نائباً من دون "الجبهة" و"النهضة"، وتساءلنا لماذا لا تحكمون وحدكم؟
بعد فترة قصيرة من لقاء الحبيب الصيد، التقينا مع قيادات من "نداء تونس" في البحيرة، كانوا كلهم حاضرين باستثناء رئيس الدولة، وحصل نقاش والأغلبية الساحقة كانت مع التحالف مع "النهضة"، باستثناء ثلاثة أو أربعة من بينهم الطيب البكوش، في حين أن البقية مع موقف رئيس الدولة، وبالتالي لم يعرضوا أن تشاركهم الجبهة يوماً في الحكم. في تلك الفترة صرح رئيس حركة "النهضة" أن وفداً من صندوق النقد الدولي قادم لتونس وطلبوا هذا التحالف بين "النهضة" و"النداء".


مع من يكمن أن تتحالفوا إذا فزتم بنسبة من المقاعد؟

لا يمكن التكهن مع من يمكن التحالف مستقبلاً، لكن أساس السياسة هو البرنامج، وبالنسبة لنا الحد الأدنى الذي يخدم استقلال البلاد والمطالب الملحّة.


هل يمكن أن تتحالفوا مع "النهضة" حول برنامج؟

لا.


والتحالف مع "نداء تونس"؟

هو متحالف مع "النهضة". هما سبب الأزمة وهما مع ليبرالية متوحشة أدت إلى الأزمة. ترى الجبهة أن الحزب الأغلبي يحكم مع الشعب ومع كفاءات البلاد وهي تقود، ومن يكرس الحكم هم الكفاءات، أما المشكلة بين "النهضة" و"النداء" أن اختياراتهما ليست وطنية شعبية بل بُنيت على الولاءات، فالحكم في تونس سهل إن وجدت الكفاءات وليس الانتماءات.


هل أنتم قادرون على أن تقولوا لا لصندوق النقد الدولي؟

نعم قادرون وقدّمنا وثيقة مشروع ميزانية بديل في 2014 لحكومة المهدي جمعة بلا تدخل من صندوق النقد، فالقسط الثالث من قرض الصندوق هو نحو 700 مليار، في حين أن تونس تخسر من السجائر المهربة والبنزين المهرب نحو 1100 مليار، أي نحو ضعف ما نقترضه من صندوق النقد الدولي، وتونس تخسر من الأدوية المهربة إلى مالي وغيرها ما بين 300 و400 مليار وتخسر ضرائب مواد على أساس أنها تصدير وتباع في تونس. المشكلة أنه عندما يكون الطرف الحاكم مرتبطاً عضوياً بهؤلاء السماسرة، فلا يمكن المساس بمصالحهم وتحميل الفاتورة للفئات الكادحة. لو كانت هذه الحلول ستُخرج البلاد من الأزمة ربما نناقشها ولكنها لن تُخرج تونس من أزمتها.
موازنة 2018 بنيت على 3 فرضيات: سعر برميل النفط 54 دولاراً بينما الآن هو في حدود 67 دولاراً، وسعر اليورو 2,9 دينار، وأواخر يناير/ كانون الثاني سيرتفع، ومعدل تنمية متدنية حالياً. وبالتالي بنيت الموازنة على فرضيات خاطئة. وسنلجأ إلى موازنة تكميلية وبالتالي الائتلاف الحاكم فشل وفشلت الحكومة ومن حقنا أن نعارضها، والمعارض في الشارع هو جزء من المعادلة الديمقراطية وهو الذي أنقذ تونس.


نعم ولكن احتجاجات سلمية لا تخريب فيها ولا عنف!

"الجبهة الشعبية" موقفها واضح، ونحن دعونا إلى احتجاجات بوجوه مكشوفة، ولكن من يخرج ليلاً هم عصابات ومافيات، وهناك تصفية حسابات تتم ليلاً ونعتبرها خطراً على تونس، لأن الاقتصاد الموازي أصبح بمثابة الدولة الموازية التي تحارب الدولة الرسمية.


بعد 7 سنوات من الثورة، كيف ترى المشهد؟ وهل التونسيون قادرون على المحافظة على المكتسبات؟

أهم مكسب للثورة هو الحرية، ولكنها غير كافية، إذ لا بد لها من مكاسب اقتصادية واجتماعية ومؤسسات لدعم الحرية، ولكن المؤسسات معطلة، إذ هناك دعوات للعودة إلى النظام الرئاسي وتعفين الديمقراطية، أي أن الفاسدين هم بدورهم يستفيدون من الديمقراطية. وبهذه السياسات المسار الثوري مهدد، وهناك رغبة في دفنه والالتفاف عليه، ولكن لدي ثقة بالتونسيين، إذ إن الأقليات الرجعية لن تفلح في ضرب مكتسبات التونسيين، ولدي ثقة بالمجتمع المدني وبالإعلاميين والإعلاميات الأحرار. المخاطر موجودة، فأي ثورة كانت دون تهديدات وتضحيات؟ لكن لدي أمل دائماً، لأن التشاؤم في الواقع هو رفض للحياة، ونحن شعب نحب الحياة.
الشعب التونسي لديه دائماً قوة دافعة ولدي ثقة بأن أغلب المجرمين لن يفلحوا في إعادة تونس للوراء، ربما يحققون انتصارات ظرفية ولكن على المدى البعيد تونس ستتقدم وستنجو كما نجت من حرب أهلية في 2013 بعد اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، فقد تجاوزنا مرحلة خطيرة من المراحل التي مرت بها تونس.



ذات صلة

الصورة
البنزرتي طالب الاتحاد تحفيز اللاعبين مزدوجي الجنسية (الاتحاد التونسي/العربي الجديد)

رياضة

حقق المدير الفني للمنتخب التونسي فوزي البنزرتي بداية جيدة مع كتيبة "نسور قرطاج"، بعدما حقق فوزين متتاليين، في مستهل تجربته الرابعة مع الفريق.

الصورة
عبد اللطيف المكي في العاصمة التونسية، إبريل 2020 (ياسين قايدي/الأناضول)

سياسة

استخدم الرئيس التونسي قيس سعيّد القضاء لتوجيه ضربة لمنافسيه في الانتخابات التونسية الرئاسية، حيث صدرت أحكام بالسجن على عدد من المرشحين.
الصورة
مسيرة احتجاجية في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، 25 يوليو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

طالبت عائلات المعتقلين السياسيين في تونس بإطلاق سراحهم بعد مضي سنة ونصف سنة على سجنهم، وذلك خلال مسيرة احتجاجية انطلقت وسط العاصمة.
الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
المساهمون