حكومة المغرب تبدأ جولة مفاوضات صعبة مع العمال والمستثمرين

26 ديسمبر 2017
العمال يترقبون مكاسب جديدة من الحوار الاجتماعي (الأناضول)
+ الخط -
تلتقي حكومة سعد الدين العثماني، مع الاتحادات العمالية في جو من الترقب لما ستسفر عنه أولى جولات الحوار الاجتماعي في عهد الحكومة التي أعقبت تلك التي قادها عبد الإله بنكيران، الذي تعتبر الاتحادات أنه لم يقدم شيئا يذكر للعمال.
وشرع وزير التشغيل (العمل)، محمد يتيم، اعتباراً من اليوم الثلاثاء، في عقد لقاءات مع رؤساء الاتحادات العمالية الأربعة الأكثر تمثيلا في المغرب، وهي لقاءات يفترض أن يشارك فيها رجال الأعمال، من أجل وضع إطار لجولة الحوار الاجتماعي، التي تعتبر الأولى في عهد حكومة سعد الدين العثماني.

ويفترض أن تفضي جولة الحوار الاجتماعي الجديدة، إلى اتفاق بين الحكومة والاتحادات العمالية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال، غير أن الوصول إلى توافق يبدو صعباً، حسب مراقبين.
وتأتي الصعوبة من كون رجال الأعمال يضغطون من أجل التحكم في التكاليف، بغية الحفاظ على تنافسيتهم، بينما تتطلع الاتحادات إلى تحقيق مكاسب على شكل زيادات في الأجور أو خفض للضرائب، تزفها للأجراء والموظفين، بعدما تراجع تأثيرها إثر تجربة إصلاح نظام التقاعد في الوظائف الحكومية.

وتعتبر الاتحادات العمالية أن الحكومة التي يقودها العثماني، تأخرت في الرد على مطالبها، بعد أول لقاء عقد في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قبل تقديم مشروع موازنة العام المقبل، حيث استمع رئيس الحكومة للاتحادات، دون أن يضمن ما اقترحته في الموازنة.
ويلاحظ الخبير الجبائي، محمد الرهج، في حديثه إلى "العربي الجديد" أن مشروع موازنة العام المقبل، استفادت منه الشركات أكثر من الأجراء، الذين لم يخصص لهم أي تدبير يخفض الضغط الجبائي عنهم ويساعد على تحسين دخولهم.

وتعتقد الاتحادات العمالية، أن الحكومة تسعى منذ تلك التي قادها عبد الإله بنكيران، إلى عدم تقنين الحوار الاجتماعي، في الوقت نفسه الذي لم تف بالتزامات اتخذت في سياق الربيع العربي في السادس والعشرين من أبريل/ نيسان 2011.
ولن تخرج مطالب الاتحادات العمالية، عن تلك التي عبرت عنها في الأعوام الأخيرة، والتي لم يستجب لها من قبل حكومة عبد الإله بنكيران، حيث ستهم، بشكل خاص، الزيادة في الأجور وتحسين الدخل، وهي إمكانية يمكن الوصول إليها عبر الضريبة. وتتفادى الحكومة إعادة النظر في الأجور، خاصة في ظل تحفظ رجال الأعمال، غير أن الاتحادات العمالية، تعتبر أن ذلك المطلب لا محيد عنه، في سياق متسم بارتفاع الأسعار وتحرير تلك التي تهم السلع المدعمة.

ولن يقتصر الأمر على تناول الأجور والدخل، فستسعى الاتحادات العمالية، خلال الجولة الجديدة من الحوار الاجتماعي، إلى التركيز على احترام الحريات النقابية والتوقف عن تسريح الأجراء بسبب انتماءاتهم النقابية. غير أن الخلاف سيثور عندما يتعلق الأمر بتناول مطلب للاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل رجال الأعمال، والذي يلح على ضرورة مراجعة مدونة العمل، من أجل إدخال مرونة أكبر في سوق العمل، وهو ما ترفضه اتحادات وتتحفظ عليه أخرى.
وترى اتحادات لا تعارض مبدأ المرونة، أنه لا بد من إرساء شروطها، ففي البلدان التي انخرطت في هذا التوجه، تتولى الدولة تمكين الأجير المتوقف عن العمل، من تعويضات، إلى حين عودته إلى سوق العمل، وبدون ذلك ستكون المرونة سلاحا بيد الشركات من أجل التملص من التزاماتها، حسب اتحادات العمال.

غير أن ثمة ملفاً خلافياً آخر ينتظر أن تسعى الاتحادات العمالية إلى فتحه، ويتعلق بمشروع قانون حول تنظيم الإضراب وضعته حكومة عبد الإله بنكيران بالبرلمان، وهو ما رأت فيه الاتحادات استخفافا بمبدأ التشاور والتوافق الذي يفرضه الحوار الاجتماعي.
ويعتبر القيادي بالاتحاد المغربي للشغل، عبد الرحيم الهندوف، في حديثه إلى "العربي الجديد" أنه يتوجب سحب مشروع تنظيم الإضراب، الذي صاغته الحكومة السابقة، لأنها خرقت مبدأ واجب الوصول إلي اتفاق حول موضوع الإضراب مع الاتحادات العمالية.
غير أن سبباً آخر، في نظره، يجعل من مطلب سحب مشروع قانون الإضراب وجيها، ويتمثل في كون الإضرابات التي يخوضها الأجراء في المغرب، تأتي في أغلبها بسبب عدم وفاء المشغلين بالتزاماتهم التي يفرضها القانون.

وتجد الاتحادات العمالية نفسها في وضع حرج بعدما فشلت في الحيلولة دون حكومة بنكيران وتمرير مشروع قانون إصلاح التقاعد في الوظائف الحكومية، حيث ظهرت تنسيقية وطنية تواصل التنديد بتلك الإصلاح التي تراها حملت الموظفين مسؤولية أزمة الصندوق المغربي للتقاعد. ودأبت اتحادات عمالية على وصف الحكومة بـ "حكومة رجال الأعمال"، بينما يؤكد أرباب الشركات أنهم يسعون إلى دعم تنافسية المقاولات، بما يتيح توفير فرص عمل أكثر في سياق متسم بانتشار البطالة.



المساهمون