حضانة ناقصة

03 يونيو 2016
ليس بالعنف المنزلي وحده تعاقب المرأة في لبنان(فرانس برس)
+ الخط -
ربما نتذكر قصة الإعلامية، رولا أمين، التي عانت الأمرّين للحصول على حضانة طفلتها البالغة من العمر خمس سنوات. سُجنت رولا لأنها أصرّت على الاحتفاظ بحقها بالحضانة، الحق الذي حصلت عليه بحكم قرار معجّل التنفيذ من المحكمة الابتدائية. سرعان ما استؤنف هذا الحق من قبل الزوج، وتبلغت رولا قراراً بضرورة تسليم الطفلة للوالد بمهلة أسبوع. لكنها سُجنت بعد يوم واحد من القرار. هكذا انتُزعت الطفلة من رولا بقوة القانون، قانون الأحوال الشخصية في الأردن.

في الأردن كما في لبنان، قانون الأحوال الشخصية ذكوري وأبوي. الفارق أن لبنان لديه قوانين بالجملة للأحوال الشخصية. قانون لمعظم الطوائف في لبنان.

حضانة الأطفال هي حق مشترك بين الأب والأم في حالة الطلاق. يمكن أن تتم الحضانة مناصفة بينهما. لكن الأمر ليس بهذه البساطة. الرجل ومحيطه الاجتماعي يجد مكاتفة قانونية وتحالف أبوي في موضوع حضانة الأطفال. كان يكفي بأحد الرجال أن يخبر القاضي الشرعي بأن زوجته ليست "أمّاً بما يكفي" كي يحصل على حق حضانة الطفلة. كيف قاس القاضي "كفاية" الأمومة؟ لا أحد يعلم حتى الآن. بالقانون، لا يمكن للنساء المطلّقات أن يحظين بحياة شخصية أو أن يتزوجن حين يكنّ حاضنات لأولادهن، لأن ذلك كفيل بنزع حق الحضانة منهن. ثمة نَفَس عقابي في القانون على النساء دون الرجال، مع العلم بأنه وبحسب القانون "الحضانة حق للمحضون، أي يتوجب فيها تحقيق مصالحه العليا وليس مصلحة الحاضن".

بالنظر إلى أعمار حضانة الأطفال في حالة الطلاق، نجد أن عمر الحضانة للذكور لدى بعض الطوائف اللبنانية يصل إلى سنتين (الطائفة الشيعية والطائفة الكاثوليكية). غالباً ما يكون سن حضانة الصبي أقل من سن حضانة البنت. في ذلك ربما أقوى رسالة ذكورية للنساء، وكأنه بذلك يقول لهن حين ينتهي دوركن بالرعاية الأولية من رضاعة وعناية، يأتي دور الأب بالتربية و"الحرص" على نقل المنظومة القيمية "لنسله". ليس غريباً أن تكون سن الحضانة في معظم قوانين الأحوال الشخصية في البلدان العربية سبع سنوات. هو ذلك العمر الحرج الذي يبدأ معه الطفل بتطوير القدرة على التفكير النقدي والتحليلي.

لنفترض أنه لا طلاق بين الزوجين. لا مشكلة حضانة إذاً. وينتفي مع مشكلة الحضانة، إصرار الزوج ــ الرجل على ممارسة دوره الرعائي مع الأطفال. في الحالات العادية غالباً ما يتخلى معظم الرجال عن هذا الدور الوالدي وينيطوه بالنساء.

منذ سنة ونصف السنة، وفي مناسبة عيد الأم، حصلت تلك الحادثة مع الصحافية رولا أمين. منذ ذلك الحين، لم نعرف شيئاً عن مجريات القضية. لكن قصة رولا تحدث بشكل يومي مع النساء في بلداننا العربية.

الآن تخيلوا أن تكون إحدى تلك النساء اللواتي يحاربن للحصول على حضانة أطفالهن، هي طفلة تبلغ من العمر 16 عاماً فقط!

*ناشطة نسوية

المساهمون