يحدثُ أن تغيّر الظروف مسار حياة كثيرين، منهم الفلسطيني حسن شقير الذي عاش طفولته وشبابه في مخيم اليرموك في سورية. كان لا يزال طالباً قبل أن يضطر إلى ترك كل شيء والنزوح إلى لبنان بسبب الحرب. حاول متابعة دراسته في البلد الجديد من دون أن ينجح. عوامل عدة اعترضت طريقه، حتى عائلته.
يقول شقير إنه جاء إلى لبنان قبل سائر أفراد الأسرة بعدما توفي شقيقه في الحرب، علماً أنه كان في الثامنة عشرة من عمره فقط. بعدها، لحقت به أمه وأشقاؤه، فيما بقي والده في سورية لأنه موظف في إحدى الدوائر الحكومية. يضيف: "في البداية، عشت وحدي وكنت قادراً على تأمين مصاريفي. لكن صار الأمر صعباً بعد وصول أمي وإخوتي. ولأنني لا أستطيع تركهم يموتون جوعاً أو ينامون في الشارع، كان يجب أن أعمل حتى أستطيع تأمين كل شيء. لذلك، لم أعد قادراً على مواصلة الدراسة، ما يعني أنني تخليت عن حلمي".
بعدها، صرت أعمل في مجال البناء في مخيم نهر البارد (شمالي لبنان)، بالإضافة إلى الحدادة. كنت أتقاضى نحو 25 ألف ليرة لبنانية في اليوم. ويلفت إلى أنه لم يكن يستطيع العمل خارج المخيم لأنه لا يملك تصريحاً من مخابرات الجيش اللبناني.
يتابع شقير أنه "مع وصولي إلى لبنان، سكنت عند عمتي لمدة شهرين، ثم أقمت مع خالي لفترة، وعملت في مجال نقل الأثاث حتى أستطيع تغطية تكاليف معيشتي. والمشكلة أنني لم أحصل على مساعدة من المؤسسات الموجودة في المخيم أو الفصائل الفلسطينية. وحين أغلقت جميع الأبواب في وجهي، لجأت إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها، كنت على يقين أنه يجب أن أعتمد على نفسي".
يشير شقير إلى أنه مسجون داخل المخيم اليوم بسبب عدم تجديده الإقامة لأنه لا يملك المال، لافتاً إلى أنه خلال العام الماضي، اضطر إلى استدانة ثلاثمائة ألف ليرة لبنانية. وحتى اليوم، ما زال عاجزاً عن تسديدها. يقول: "لم أتمكن من سداد الدين ولم أعد أستطيع تجديد إقامتي. وفور انتهاء الحرب، سأعود فوراً إلى سورية". يضيف أنه "فكر بالهجرة من لبنان إلى دول أوروبية أكثر من مرة، لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب وضعه المادي. أحتاج لتأمين لقمة عيش لي ولإخوتي، فكيف أستطيع تأمين تكاليف الهجرة؟". ويطالب التنظيمات الفلسطينية بتحمل مسؤولياتها إزاء جميع الفلسطينيين، وخصوصاً أن أوضاعهم صعبة جداً.