08 يوليو 2019
حروب الرياض وأبوظبي
ماء العينين بوية (المغرب)
في حرب الاستقطاب، تحاول كل من القاهرة والخرطوم ودول عربية أخرى الاستفادة قدر الإمكان من الأزمة الخليجية. ففي كل حرب هناك ولاءات ومواقف مقابل استثمارات ومنح، راضية كانت أو مضطرة، فنجد مثلا أنّ السودان في خضم سنة تتقلب في سياسة المناكفة والمساومة بين الرياض وطهران وأنقرة والدوحة، تحارب بجيوشها في اليمن، وتقدم مينائها لتركيا والدوحة.
أخيرا، ومع تصاعد الغضب السوداني الشعبي ضد عدد القتلى السودانيين في اليمن، ومدى جدوى التدخل في حرب لا طائل منها، يبادر وزير الإعلام السعودي إلى تثمين الدور السوداني في حرب اليمن، فهم طلائع المقاتلين، بمعنى هم وقود المعارك، فكم قتل منهم؟ سر تكتمه الخرطوم، ومع تزايد عدد الضحايا والخسائر، تبتز الخرطوم مهددة بالانسحاب أو المساومة.
أن تدخل حربا، وليست لك القدرة على مسايرتها، أو تحمل نتائجها لأسباب كثيرة، فتضطر لاستقدام ما يشبه المرتزقة، ليس أمرا جديدا، هو أمر حدث كثيرا ومرارا، وآخرها مرتزقة الجيش الأميركي في حرب العراق، واستجلاب القوى الاستعمارية مواطني المستعمرات للصفوف الأمامية في الحربين العالميتين.
السعودية والإمارات اليوم بتعداد سكاني لا يوفر كتلة عسكرية كبيرة لها خبرة في الحروب، فالجيشان لم يحتكا بتجارب سابقة، مقارنة بالحوثيين الذين اختبرهم علي عبدالله صالح في ستة حروب، لتبقى هاتين الدولتين رهينتا حروب الوكالة، مع فشل محمد بن سلمان في مغامرته التي جعل لها من الأسماء عاصفة حزم، فلم تكن كذلك، فالعاصفة ظاهرة اجتياح قصيرة الأمد عظيمة النتائج، لتنتقل إلى إعادة أمل، فانعكست صواريخ تهدد رفاهية وسكينة المملكة.
إذن، ليس الحال كما كان قبل قرن وعقود، حين زحف آل سعود لضم إمارات مجاورة وأجزاء من اليمن. هذا ما تمناه محمد بن سلمان، وظن أنّه سيتجسد مرة أخرى، غير أنّ الوقائع جعلته يغوص في وحلين، ويستنجد بأميركا مرة أخرى لحرب وكالة، وخسرت معه السعودية كثيرا من ثقلها المعنوي، وتلك النظرة المسوقة عن حكمة ساستها وتروّيهم في معالجة القضايا بسلميةٍ من دون تهور، فما كان أحد ليرى أنّ هذا الزعيم السعودي غير قادر حتى على صدّ صواريخ الحوثيين!
الأمر أيضا ينطلي على أبو ظبي، وهي تنتقل ببضعة سيارات عسكرية لتضعها في سقطرى، وتجتهد في تشكيل مرتزقة يمنيين تابعين لها لحيازة عدن، وقد تركت جزرها في يد الإيرانيين! وهذا الاستعراض لم يقابل إلى الساعة من يواجهه فيظهر سوءته، فالدولة الصغيرة لم تشهد جيوشها حربا منذ تكوينها، غير ما كان من مواجهات البحر ضد البرتغال والانجليز في قرون غابرة، وذلك تاريخ تشترك فيه الشارقة وعمان..
أما اليوم، فيبدو أن الإمارة ترغب في التمدد، لكنها لا تملك من قوام ذلك غير استئجار من يحارب عنها بالوكالة، مستعملة نفوذ المال والإعلام وشراء ذمم الساسة والصحف، فعداؤها بعض التيارات وبلوغها لدول كالمغرب العربي وأفريقيا الشرقية أمر مستغرب جدا، ما يضعنا بمواجهة سؤال: ما الهدف؟ وما الربح الذي قد تحوزه هذه الإمارة من نصرة فصيل سياسي ضد آخر قد لا يمثل لها أي تهديد؟ فهل هي فقط خدمة لعناوين إخبارية، توظفها في حربها ضد الجارة وضد الجماعة؟ وهل ستمنح استراتيجية الدولتين في البحث عن وكلاء حرب، مستقبلا عظيما؟ وهل إن دمر ترامب إيران ستصبح أبوظبي أعظم دولة في الشرق، تحيط البر والبحر بأساطيلها وقوافلها وتجارتها مثلا؟
نحن أمام دولتين ضعيفتين في حقيقة الأمر، والتاريخ يقول إن المرتزق الأجير قد ينقلب على سيده الضعيف، حينما تحين الفرصة.
أخيرا، ومع تصاعد الغضب السوداني الشعبي ضد عدد القتلى السودانيين في اليمن، ومدى جدوى التدخل في حرب لا طائل منها، يبادر وزير الإعلام السعودي إلى تثمين الدور السوداني في حرب اليمن، فهم طلائع المقاتلين، بمعنى هم وقود المعارك، فكم قتل منهم؟ سر تكتمه الخرطوم، ومع تزايد عدد الضحايا والخسائر، تبتز الخرطوم مهددة بالانسحاب أو المساومة.
أن تدخل حربا، وليست لك القدرة على مسايرتها، أو تحمل نتائجها لأسباب كثيرة، فتضطر لاستقدام ما يشبه المرتزقة، ليس أمرا جديدا، هو أمر حدث كثيرا ومرارا، وآخرها مرتزقة الجيش الأميركي في حرب العراق، واستجلاب القوى الاستعمارية مواطني المستعمرات للصفوف الأمامية في الحربين العالميتين.
السعودية والإمارات اليوم بتعداد سكاني لا يوفر كتلة عسكرية كبيرة لها خبرة في الحروب، فالجيشان لم يحتكا بتجارب سابقة، مقارنة بالحوثيين الذين اختبرهم علي عبدالله صالح في ستة حروب، لتبقى هاتين الدولتين رهينتا حروب الوكالة، مع فشل محمد بن سلمان في مغامرته التي جعل لها من الأسماء عاصفة حزم، فلم تكن كذلك، فالعاصفة ظاهرة اجتياح قصيرة الأمد عظيمة النتائج، لتنتقل إلى إعادة أمل، فانعكست صواريخ تهدد رفاهية وسكينة المملكة.
إذن، ليس الحال كما كان قبل قرن وعقود، حين زحف آل سعود لضم إمارات مجاورة وأجزاء من اليمن. هذا ما تمناه محمد بن سلمان، وظن أنّه سيتجسد مرة أخرى، غير أنّ الوقائع جعلته يغوص في وحلين، ويستنجد بأميركا مرة أخرى لحرب وكالة، وخسرت معه السعودية كثيرا من ثقلها المعنوي، وتلك النظرة المسوقة عن حكمة ساستها وتروّيهم في معالجة القضايا بسلميةٍ من دون تهور، فما كان أحد ليرى أنّ هذا الزعيم السعودي غير قادر حتى على صدّ صواريخ الحوثيين!
الأمر أيضا ينطلي على أبو ظبي، وهي تنتقل ببضعة سيارات عسكرية لتضعها في سقطرى، وتجتهد في تشكيل مرتزقة يمنيين تابعين لها لحيازة عدن، وقد تركت جزرها في يد الإيرانيين! وهذا الاستعراض لم يقابل إلى الساعة من يواجهه فيظهر سوءته، فالدولة الصغيرة لم تشهد جيوشها حربا منذ تكوينها، غير ما كان من مواجهات البحر ضد البرتغال والانجليز في قرون غابرة، وذلك تاريخ تشترك فيه الشارقة وعمان..
أما اليوم، فيبدو أن الإمارة ترغب في التمدد، لكنها لا تملك من قوام ذلك غير استئجار من يحارب عنها بالوكالة، مستعملة نفوذ المال والإعلام وشراء ذمم الساسة والصحف، فعداؤها بعض التيارات وبلوغها لدول كالمغرب العربي وأفريقيا الشرقية أمر مستغرب جدا، ما يضعنا بمواجهة سؤال: ما الهدف؟ وما الربح الذي قد تحوزه هذه الإمارة من نصرة فصيل سياسي ضد آخر قد لا يمثل لها أي تهديد؟ فهل هي فقط خدمة لعناوين إخبارية، توظفها في حربها ضد الجارة وضد الجماعة؟ وهل ستمنح استراتيجية الدولتين في البحث عن وكلاء حرب، مستقبلا عظيما؟ وهل إن دمر ترامب إيران ستصبح أبوظبي أعظم دولة في الشرق، تحيط البر والبحر بأساطيلها وقوافلها وتجارتها مثلا؟
نحن أمام دولتين ضعيفتين في حقيقة الأمر، والتاريخ يقول إن المرتزق الأجير قد ينقلب على سيده الضعيف، حينما تحين الفرصة.