حتى القلق من المذبحة غاب

25 فبراير 2018
يستمر النظام بارتكاب الجرائم دون عقاب(عبد المنعم عيسى/فرانس برس)
+ الخط -
في السنوات الأولى من الثورة السورية، وخصوصاً بعد أن حسم النظام أمره واتخذ قراراً باتباع الحل العسكري من أجل قمع الثورة، وبدأ بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق المواطنين السوريين، كانت تظهر عقب كل جريمة يرتكبها النظام حملات من بيانات الشجب، والاستنكار، والتنديد، والتعبير عن القلق، وغيرها من المصطلحات التي تصدر عن الدول، والمنظمات، والهيئات الإقليمية، والدولية، تعبيراً من تلك الجهات عن رفضها لممارسات وجرائم النظام السوري بحق السوريين.

وكانت تلك البيانات، في معظمها، تدعو النظام وتتوسل للدول المتحكمة بقراره بأن تمارس الضغوط عليه من أجل ردعه عن ارتكاب مجازر إضافية. وكانت تلك البيانات تلقى الكثير من الاستهجان، وحتى السخرية، من جمهور السوريين الذين كانوا يتندرون على تلك البيانات، لأنهم كانوا لا يجدون فيها أكثر من وسيلة لرفع العتب من قبل تلك الجهات أمام جمهورها ومن أجل الظهور بمظهر أخلاقي مقبول. حتى أن هناك الكثير من النكات ظهرت حول قلق بعض المسؤولين الأمميين من الوضع السوري، أو من الخطوط الحمراء التي وضعها بعض رؤساء الدول في حال تجاوزت جرائم النظام حداً معيناً أو استخدم أسلوباً معيناً بالقتل.

ومع مرور الوقت، تجاوز النظام كل الخطوط التي رسمت له، فاستمر بارتكاب المزيد من الجرائم دون أن يتعرض لأي شكل من أشكال العقاب، وذلك بالتزامن مع انخفاض نبرة البيانات التي تعترض على ممارسات النظام، والتي أصبحت بيانات خجولة في معظمها لا يميز بين المجرم والضحية كتلك البيانات التي تدعو النظام الذي يرتكب الجريمة والجهة التي ترتكب الجريمة بحقها إلى ضبط النفس أو التحلي بالصبر. إلا أن الوضع مع بدء مذبحة الغوطة الشرقية اختلف كلياً، إذ بدأ النظام برعاية روسية، بحملة قصف غير مسبوقة، اعتمدت سياسة الأرض المحروقة مستهدفة مدنيين ومدارس ومستشفيات، وسط صمت دولي مطبق، وكأن شيئاً لا يحدث، سواء بالنسبة للدول أو حتى الهيئات الدولية، حتى بات السوريون يترحمون على أيام قلق بان كي مون، وعلى خطوط باراك أوباما الحمراء، ودعوات ضبط النفس، منتظرين موقفاً أو بياناً لم يظهر إلا بعد أن فاق عدد القتلى المئات من المدنيين وبعد مبادرة الدولة التي ترعى المجزرة لاجتماع لمجلس الأمن من أجل بحث القضية.
المساهمون