يعدّ الفنان المصري جمال السجيني (1917 – 1977) أحد أبرز الأسماء التي تمثّل الجيل الثالث في التشكيل المصري، والذي تغلب المدرسة الواقعية على أعماله، بعد أن سبقتهم تجارب أولى تركّزت على رسم الطبيعة الصامتة والبورتريهات ثم لحقتها محاولات أوضح في التجريب ضمن تيارات متعدّدة.
بمناسبة مرور مئة عام على مولده، افتتح أمس معرض استعادي لـ السجيني في "مركز محمود مختار الثقافي" في القاهرة، والذي يتواصل حتى الثامن من الشهر المقبل، بتنظيم من "قاعة الزمالك للفن".
تمثّل الأعمال المعروضة ملامح مختلفة من رحلة النحات التي ابتدأت في أربعينيات القرن الماضي، وانطبعت حينها بالرومانسية في تصويره للحرب العالمية الثانية وما خلّفته من قتل وتدمير، وقد أسّس مع فنانين وشعراء في تلك الفترة جماعة "صوت الفنانين"، التي هدفت إلى التجديد في الفن المصري واستمرّت قرابة ثلاثة أعوام.
حاز عام 1950 على دبلومي النحت وصك النقود من روما حيث تأثّر حينها بأعمال هنري مور، ليعود إلى مصر وينخرط بعدها مع آخرين في تجسيد ثورة يوليو من خلال عدد من النصب والتماثيل لشخصيات عديدة؛ من بينها: أحمد شوقي وسيد درويش وتوفيق الحكيم وجمال عبد الناصر.
استمر السجيني في تقديم أعمالٍ غلبت عليها مادة النحاس، مستوحاة من الريف ومن الموروث الفرعوني وكذلك من المعمار المصري بتعدّد حقبه وأشكاله، وظلّ أسيراً لفكرة تقديم منحوتات تعبّر عن أحداث وطنية كما في "مصر أكتوبر"، و"العبور العظيم لقناة السويس".
تنوّعت اشتغالات السجيني بين الرسم والتصوير والخزف إلى جانب النحت، وكان غزير الإنتاج فيها، وربما يفسّر قلّة الاهتممام بكثير من أعماله تفاوت مستواها الفني ونزوعها إلى المباشرة، حتى أنه ألقى بعدد من تماثيله في مياه النيل عام 1969، احتجاجاً منه على عدم توفّر صالة لعرضها.