ثلاثة أصوات شعرية من الإمارات

28 يوليو 2015
لوحة للفنان الفلسطيني محمد الجالوس
+ الخط -
المستطيل



ﻻ شيء يشغل بالي سوى
انفلات الكُتب وإعادة توزيعها
لأنه لا مجال للوقوف
مرةً ثانيةً على الطاولة
أو استخدام السلّم
لتغير مكان الإضاءة
الشديدة السخونة
أعترف بذلك
لثقل حركة القدم
والفراغ المتروك
في غرفة النوم
مثل وهن يجثم على القلب
أحببت عزلتي الاختيارية هذه
لأنها تمنحني الممارسة
الذهنية والتفكير
في الأبعد داخل المستطيل
الثلاجة الصغيرة
والعنف في فتح باب الدخول
(بروحك يالس*)
أضحك مُصدراً صوتاً
يشبه انزلاق صخرة ضخمة
من على جبل
يكسر بغرض الاستخدام
يحوّلها السقوط إلى صخور صغيرة
متعدّد أصبحتُ وﻻ أمانع
من قتل عزلتي
يدس شوكة في بهجتي بالانفراد
لكتابة نص طويل
كل الأسماء جافة
حتى العناوين في الكتب
إﻻ الصورة الكبيرة لوالدي.

*باللهجة الخليجية، وتعني: بروحك جالس
(أحمد العسم)

حضارة الرماد



1-
أوطان تبحث عن شمس
نَقْتاتُ عَلَى ضوءِ القَمَر
نَرْشُفُ مِنْ بُركانٍ لا يَنْضَبْ
ولا يَبْخَلُ كغَيرِهِ
على مَنْ يَرويهِ
عُمْرُهُ وَدَمُهُ.

البُرْكان، ذاكَ الثائرُ العَظيِم
رَغْمَ جَبَروتِ عُنْفوَانِهِ
يَسْتَنْشِقُ الأَرواحَ
ولا يحْرِقُ الفراشَةَ
أو يَقْتُلُ العُصْفور!
يحْضِنُ العالمَ بِصَدْرِه
وفي أعْماقِهِ
يَطْفَحُ الجَحيم.

البُرْكان
حِمَمٌ مُلْتَهِبةٌ
ألوانٌ لم تُخْلَق بَعْد
وصَدَى كلِماتٍ
لمْ يَنْطِقْ بِها أحَدْ.

حِمَمٌ
مِنْ أشْعارٍ وأساطِير
وأرْواحٍ مَصْهورةٍ.
حِمَمٌ
تَذوبُ في الدَّمِ
تجوبُ شَرَايينَ
نائِيَةً
لِتُحييَ خلايا مَيْتهْ.

حينها، يُراودُنِي نُباحٌ
وعُواءٌ جارِحٌ
قادِمٌ مِنْ بعيدٍ
مِنْ بعيدٍ
أوْ
مِنْ قرِيبٍ!
لكِنِي لمْ أُحَدِّد الجِهَةَ
بلْ تحايَلْتُ عَلى الموتِ!
يا لَهُ مِنْ مَوتٍ كاذِبٍ هذا
نَزَعْتُ جُثَّتي
مِنْ أوراقِ الخديعةِ
ووثائقِ الوَهْمِ
مِنْ بَطاقَةِ العَبودِيَّةِ
وأكبَرِ مُعْتَقَلاتِ الموْتى
لأقْذِفَ بِها بَعيداً، عَبْرَ عَتْمَةِ لوْحاتِي
عَبْرَ عَتْمَةِ الوجودِ، عَبْرَ كُلِّ الاحتمالاتِ المُمْكِنَة.

وكنتُ أَشُقُّ السّديمَ
وأعْبُرُ أَوْطاناً
لَيْسَ لها مِنْ وُجودٍ
وأُغَنِّي
بِصَوْتِيَ المكتومِ
الذي يَطْحَنُ الفولاذ.

ألْفُتُ انتباهَ المَوْتى
وأبْتَسِمُ
حتَّى يَتَمَزَّقَ وَجْهِي
فَيْنزِف سُيولاً
مِن دمارٍ.
هكذا
كانَتْ تَغرَقُ التوابيتُ أَمامِي
في ظلامِ الفاجِعَةِ
بَحْثاً عَنْ نِتْفَةِ
شَمْسٍ.
(جمال علي)

2-

مسحوق عظامي
على رُكَامِ ظْهرِيَ
تَتَكَدّسُ
كُثْبانُ عناءٍ ثَقيلٍ
تُجَرْجِرُها رِياحُ الَّسأْمِ
كَسُجناء مُقيَّدينَ بالظُّلْمِ.

تَحْمِلُ مسحوقَ عظامي
يا لهُ مِنْ مسحوقٍ ناعمٍ
صادِق البياضِ!
كَأَفْئِدَةِ الأْطفالِ
كأحْلامِنَا البسيطَةِ
أَوْ
كَعيونِ المَوْتَى!

(جمال علي)

أجساد ذابلة


1-
هذيان

أتذكّر الأشياء التي تمنحني الهذيان
فأشتاق إليها
أشعر أنني كائن بشري يسافر على متن قطار أعمى
أو سفينة تبحر تجاه ساحل مضيء كصلوات
يزداد التأمّل بشاعة
يصبح الهدوء ضبابًا مترهّلًا
لكل إنسان حصّته من لا شيء
وسيرته الخفية خرافة يؤمن بها.
آثار المعاناة ....... مثالية
النشوة المؤدية لتجليات الحب..... فظيلة

الوحدة الطويلة تتآكل
أنا وحيد، أما هذا فكذب
ليس للغربة أحاسيس
ولا في الأشياء التي تسافر على جبيني كسرب غربان
إنها فقط الصورة الرمزية لروحي.

2 -

كم هي مضحكة الحقيقة
الحكايات ضد أفكاره
الليالي والاحتمالات
والمصادفات التي حجبته عن المرآة
تذكر المدينة اليابسة
زحف تحت سمائها السوداء
مارّاً ببيوت عديدة وأزقة كثيرة ومقابر مزدحمة
علّقت على جدرانها تعاويذ الحب
ورسائل غرباء ومهاجرين
ثم أطفأ النور وعاد الى المرفأ.

3-
ذهول

الذهول حبل مشدود
يرقص عليه مهرّج بشراسة

كل شيء مرعب
مرعب
مرعب
كهذا الحذاء المنسي الذي تسير به
كائنات الغياب
وكائنات السماء
وكائنات الخطيئة.

(أحمد عبيد)

المساهمون