تونس.. عقبات أمام حكومة المشيشي مع اقتراب موعد منحها الثقة بالبرلمان

28 اغسطس 2020
لم يتضح بعد موقف حركة "النهضة" (فيسبوك)
+ الخط -

قبل عرض تركيبتها على البرلمان التونسي لنيل ثقة النواب، مطلع سبتمبر/ أيلول المقبل، يتزايد حجم التعقيدات والعقبات السياسية والقانونية أمام حكومة هشام المشيشي، بين رفض الأحزاب والأخطاء الإجرائية والمخالفات الدستورية، وتراكم المطبات التي تضاعف صعوبات تمرير الحكومة الجديدة.

ويحاول رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي، تجاوز هذه العثرات ليركّز اهتمامه على حشد الأصوات لتمرير حكومته التي تقلص حجم داعميها، وتراجع منسوب نوايا التصويت لها يوماً بعد يوم.

وأجرى المشيشي، اليوم الجمعة، لقاء رسمياً مع رئيس البرلمان وزعيم "حركة النهضة" راشد الغنوشي، في مقر مجلس نواب الشعب، جرى خلاله بحث "الترتيبات والاستعدادات لحسن تنظيم الجلسة العامة المقرّرة ليوم الثلاثاء 1 سبتمبر 2020، كما جرى حديث حول الاضطراب الذي شهدته قائمة أعضاء الحكومة المقترحة"، بحسب بيان صادر عن البرلمان.

وجاء اللقاء قبيل انعقاد مجلس شورى "حركة النهضة" الذي سيحسم موقف الحزب من التصويت للحكومة من عدمه، في وقت يتزايد حجم رافضيها داخل "النهضة"، ويكثر عدد المطالبين بإعادة الانتخابات بفضل تراكم الأخطاء والاستفزازات المحيطة بالحزب الأول برلمانياً.


ويواجه المشيشي إحراجاً أمام الرأي العام أضر بصورته، بداية مع اضطراب شمل تركيبة حكومته بعد لخبطة الأسماء في وزارة التجهيز بين المرشحين، وهم كمال الدوخ الذي أعلنه، وكمال أم الزين الذي قدمته رئاسة الجمهورية، ليقع رئيس الحكومة المكلف في فخ المزايدات مع الرئاسة.

وفي وقت لم يتجاوز المشيشي عثرة تسمية وزير التجهيز، وجد نفسه أمام جدل التخلي عن وزير الثقافة وليد الزيدي، الكفيف الذي تردد في تحمل المنصب الوزاري. فبعدما أعلن الزيدي انسحابه وتعففه عن المنصب، تراجع عن ذلك مستنجداً بالرئيس قيس سعيد للعودة إليه، ليواجه رئيس الحكومة المكلف اتهامات حول تحكم الرئاسة في خياراته، بعد جدل قانوني طويل حول صلاحياته وإمكانية تغيير الوزراء بعد إعلان التركيبة وقبل حصولهم على الثقة.

إلى ذلك انتقد نواب "التيار الديمقراطي" بشدة ظروف انعقاد الجلسة العامة التي وصفها القيادي في التيار نبيل الحجي بـ"غير الدستورية"، ذلك أنّ الرئيس قيس سعيد لم يدع إلى دورة استثنائية لاعتبار أنّ البرلمان أعلن دخوله في عطلة برلمانية لشهرين منذ بداية أغسطس/ آب الماضي، وحتى أكتوبر/ تشرين الأول، كما يقره الدستور، ليبقى مصير الجلسة مجهولاً في غياب توضيح من البرلمان والرئاسة.

وتزيد العثرات الدستورية والاضطرابات السياسية من صعوبات تمرير حكومة المشيشي التي تحتاج جمع تأييد 109 أصوات على الأقل (من أصل 217) في وقت تراجع حجم مؤيديها ومسانديها من الكتل البرلمانية. فعلاوة على الرفض الواضح من "التيار الديمقراطي" (22 نائباً) ومن "ائتلاف الكرامة" (19 نائباً)، غيّر "الدستوري الحر" (16 نائباً) موقفه من الحكومة ليلتحق بالرافضين مع شروط جديدة.

وأعلنت رئيسة "الدستوري الحرّ" عبير موسي، اليوم الجمعة، أنّ "المكلف بتشكيل الحكومة، هشام المشيشي، خيّب آمالنا من خلال تشكيلة الحكومة التي أعلنها قبل يومين"، داعية إياه إلى "تغيير وزيري الداخلية والعدل المقترحين".

وأضافت موسي، في لقاء صحافي عقدته في العاصمة تونس، أن مسار تشكيل الحكومة "انحرف في اللحظات الأخيرة"، وأنّ المشيشي لم يكن "وفياً للعهود التي قدمها لحزبها إثر لقاءين عقدهما معه".

وفي انتظار موقف حزب "حركة النهضة" (54 نائباً) المتردد بين المساندة والرفض، أعلن حليفه "قلب تونس" (27 نائباً) عن توجهه لمنح الثقة للمشيشي وإعطائه فرصة.

وشدد رئيس الكتلة أسامة الخليفي، في تصريحات صحافية، على أنه "رغم التحفظ على مسار تشكيل الحكومة وعدد من وزرائها فإنّ قلب تونس سيصوت لفائدة الحكومة من أجل إنهاء حقبة رئيس حكومة تصريف الأعمال إلياس الفخفاخ".

من جانبها، أعلنت "حركة الشعب" (16 نائباً) و"تحيا تونس" (10 نواب) عن دعمهما المشروط للمشيشي، حيث قايض كل حزب أصواته بعدد من الشروط تتراوح بين البرنامج و"تنقية" المناخ السياسي وتجميع الفرقاء.

واعتبر المحلل السياسي عبد المنعم المؤدب، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أنّ "لقاء المشيشي بالغنوشي يكشف عن دلالات سياسية تؤكد هاجس سقوط الحكومة وسط إكراهات تمريرها"، مشيراً إلى أنّ "المشيشي يبحث عن ضمانات بقاء الحكومة واستمرارها عند زعيم حزب النهضة الذي لم يكشف أوراقه بعد".

وأضاف أنّ "ثقة المشيشي في تمرير حكومته بدأت تتقلص رغم يقينه بأن عدة كتل ستصوت على مضض، وستتحول فيما بعد إلى معارضة شرسة قد تطيحه في أول فرصة بما يجعله أمام خيار المفاوضات غير المعلنة نهاية الأسبوع الحالي لحشد أكبر قدر من الداعمين".

ولفت المؤدب إلى أنّ "هناك خلافات واختلافات مفتعلة بين المشيشي وسعيد حول وزير الثقافة وأخرى حول وزير التجهيز"، مرجحاً أن تكون "مجرد مناورة لاستقطاب الأحزاب البرلمانية إلى مجال المشيشي حتى تمهد له مجالات التفاوض".

المساهمون