شارك مئات المحامين التونسيين، اليوم الاربعاء، في تظاهرة احتجاجية انطلقت من أمام مقر المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، في اتجاه محكمة التعقيب، رفعت خلالها شعارات تدعو إلى تمكينهم من الحصانة وتطهير القضاء.
وتأتي هذه التظاهرة على خلفية النزاع القائم بين المحامين من جهة والقضاة من جهة أخرى. وكانت شرارة النزاع قد انطلقت بعد إصدار أحد القضاة بطاقة إيداع بالسجن في حق محامية.
ورأى بعض المحامين أن هذه الوقفة الاحتجاجية تأتي في موعدها، وخصوصاً أنهم لاحظوا تجاوزات من بعض القضاة في حقهم بعد الثورة. وقال أحدهم إن إحالة المحامين على التحقيق تكررت 500 مرّة بعد انتصار الثورة، مضيفاَ أن احتجاجهم ليس فقط من أجل رد الاعتبار للمحامين بل أيضاً احتجاجاً على إضراب القضاة الذي لا يخدم المحامين والمتقاضين.
وقال عميد المحامين التونسيين، فاضل محفوط، لـ"العربي الجديد"، إن التظاهرة تأتي في إطار مطالبتهم بإصلاح القضاء، ورد الاعتبار لسلك المحاماة، وضرورة احترام القضاة لحصانة الدفاع المنصوص عليها دستورياً، مؤكداً أن "تجاوز الأزمة الراهنة بين سلكي المحاماة والقضاء لن يكون بالاعتذار".
وكانت جمعية القضاة التونسيين قد صعّدت مواقفها، معلنة إضراباً عاماً لثلاثة أيام لحين تسوية الخلاف، عبر اعتذار رسمي من قبل هياكل المحامين، داعية أعضائها إلى عدم الانسياق للأعمال الفردية، وتجنّب السقوط في الاستفزازات وردود الأفعال المتشنّجة مهما كان شكلها ومهما كانت وسائلها، حفاظاً على مصلحة المتقاضين وعلى هيبة القضاء ومرفق العدالة.
ويشتد النزاع والتصادم بين جناحي العدالة التونسية؛ فقد أحيل حوالى 104 محامين إلى التحقيق بتهم مختلفة، تتعلق أغلبها بتعطيل حرية العمل، في حين تقدّم 45 محامياً بشكوى لدى النيابة العمومية في المحكمة الابتدائية للمطالبة بحل نقابة القضاة التونسية، واعتبارها مخالفة للقانون وللدستور، وذلك على خلفية دعوتها لإضراب في الأيام الماضية، وهو ما اعتبره المحامون غير قانوني وتعطيلاً للمرفق العدلي.
ومن جانب آخر، باءت اجتماعات رئاسة الحكومة التونسية ورئاسة البرلمان بنقيبة القضاة وعمادة المحامين بالفشل، الأمر الذي دعا إلى تدّخل الهيئة الوقتية للقضاء العدلي، وهي هيئة قضائية مستقلة تشرف على القضاء التونسي، كوسيط لحل الأزمة القائمة. وأكّدت الهيئة، في بيان لها أمس الثلاثاء، على الشروع في بذل مساع لتقريب وجهات النظر بين مكوّنات العائلة القضائية، مشددة على تحملها المسؤولية من منطلق الحرص على المصلحة الوطنية ووعيها لدقة المرحلة وحساسية التحديات، حسب ما جاء في البيان.