يثير توقف المعارك في محافظة الأنبار من جانب القوات الأمنية ومليشيات "الحشد الشعبي"، استغراب أهالي المحافظة، الذين ما زالوا يدافعون، ويقدّمون الخسائر الكبيرة، في سبيل الحفاظ على بعض مناطق المحافظة التي لم يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، متسائلين عن جدوى وجود الحشد في محافظتهم إذا لم تكن هناك معارك.
ويطرح أهالي الأنبار أسئلة كثيرة عن الأسباب التي دعت الحكومة إلى بذل كل ما في وسعها لإدخال الحشد إلى المحافظة، في الوقت الذي لم يكن له أيّ دور في قتال أو صدّ التنظيم.
وقال القيادي في إحدى العشائر المتصدية لتنظيم "داعش" في محافظة الأنبار، عمار العيساوي، لـ"العربي الجديد" إنّ "المعارك في الأنبار متوقفة، فلا يوجد قتال برّي، ولا توجد أي هجمات يقوم بها الجيش أو الحشد الشعبي على داعش"، مبينا أنّ "ما يحدث في المحافظة هو عبارة عن قصف جوي فقط من قبل طيران التحالف وبعض الطلعات الجوية التي ينفذها الطيران العراقي".
وأشار إلى أنّ "المطالبات الكبيرة التي سبقت دخول الحشد الشعبي إلى المحافظة، أوحت للجميع بأنّ الحشد متلهف لقتال "داعش"، لكن ما جرى هو العكس تماما، إذ إنّ الحشد تقوقع داخل المعسكرات المحصّنة، ولم يقدم على أيّ هجوم ضد التنظيم".
وسأل العيساوي عن "جدوى وجود الحشد بسلاحه وتجهيزاته داخل المحافظة، في الوقت الذي يكسب تنظيم داعش الوقت من خلال تحصين نفسه في المناطق التي سيطر عليها، ليكون موضوع إعادتها منه أمرا مستحيلا".
اقرأ أيضاً: المليشيات العراقية تحرق منازل النخيب وتهجّر عائلاتها
من جهته، رأى عضو مجلس عشائر الأنبار، الشيخ عبدالله الذيابي، أنّ "إدخال الحشد الشعبي إلى الأنبار، هو مؤامرة اشتركت فيها الحكومة من أجل تحقيق أهداف وأجندات معينة".
وقال الذيابي لـ"العربي الجديد" إنّه "من الواضح للجميع أنّ الحشد الشعبي لديه أهداف وأجندات خاصة يعمل على تحقيقها من خلال وجوده في الأنبار، والتي من أهمها قصف مدينة الفلوجة وقتل أكثر عددٍ ممكن من أهلها"، مبينا أنّ "مليشيات "الحشد" منذ أن دخلت وهي لم تتوقف عن قصف المدينة بالصواريخ الإيرانية، وغيرها من الأسلحة التي جهزتها بها الحكومة".
كما اعتبر أنّ "مليشيا الحشد هي نفسها التي تحرق المنازل وتهجّر العوائل في بلدة النخيب الأنبارية، فتلك تعمل في جنوب المحافظة، وهذه تعمل داخلها وبأجندة واحدة"، مستغربا "حجم المؤامرة الكبيرة التي سعت فيها جهات عدّة إلى إدخال الحشد إلى الأنبار، ومنحه فرصة تحقيق أهدافه".
بدوره، رأى الخبير الأمني الاستراتيجي محمد العبيدي أنّه "على ما يبدو، فإنّ الحشد الشعبي الذي تصدّر المشهد الأمني في محافظة الأنبار، غير عازم على تحرير المحافظة من داعش أو بذل أيّ جهد بهذا الاتجاه".
وقال في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إنّ "الحشد لم يبد، حتى اليوم وطوال هذه الفترة، أي تحرك ضد داعش، بل على العكس فإنّه يمنح داعش الوقت الكافي لتنظيم صفوفة وبناء قواعد دفاعية له في المناطق التي سيطر عليها، ليتحرك باتجاه السيطرة على مناطق أخرى".
يشار إلى أنّ مليشيات "الحشد الشعبي" التي دخلت إلى محافظة الأنبار منذ أن سيطر تنظيم "داعش" منتصف مايو/أيار الماضي على أغلب مدن المحافظة، لم تسجّل أيّ مواجهة فعلية مع التنظيم، واكتفت بالوجود داخل المعسكرات المحصنة، الأمر الذي أثار ريبة أهالي المحافظة من جدوى ذلك. وأوضح أنّ "العمل العسكري على الرغم من حاجته إلى تنظيم الصفوف، فهو يحتاج إلى عنصر المباغتة، والضربات السريعة، والهجمات المستمرة لإرباك صفوف العدو، وكل هذا مفقود في الأنبار".
اقرأ أيضا: القوات الأميركية تطرد "الحشد الشعبي" من قاعدة عسكرية