تقلبات النفط... انحسار التوتر بين أميركا وإيران يعيد الأسعار للهبوط

14 يناير 2020
إمدادات وفيرة من خارج أوبك تزيد المعروض العالمي(فرانس برس)
+ الخط -


عادت أسعار النفط العالمية إلى مستويات ما قبل اندلاع التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، ما يشير إلى انحسار المخاوف بشأن تطور النزاع بين الجانبين، ما يعيد الدول المنتجة في منظمة أوبك وخارجها إلى دائرة الضوء، حيث تتزايد التساؤلات حول إذا ما كانت ستضطر إلى الإبقاء على سياسة خفض الإنتاج، من أجل عدم انزلاق الأسعار إلى مزيد من الهبوط خلال الفترة المقبلة.

واستقر سعر خام القياس العالمي مزيج برنت حول 65 دولاراً للبرميل، الاثنين، بينما بلغ خام غرب تكساس الوسيط نحو 59 دولاراً للبرميل، مقترباً من أسعار إغلاق الأسبوع الماضي، ليعود إلى مستويات منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وكانت أسعار النفط قد ارتفعت إلى أعلى مستوياتها في نحو أربعة أشهر، عقب اغتيال القائد العسكري الإيراني البارز قاسم سليماني، في غارة جوية أميركية استهدفته قرب مطار العاصمة العراقية بغداد، فجر الجمعة الماضي، لترد طهران بإطلاق صواريخ على قواعد أميركية في العراق، يوم الأربعاء الماضي.

ولامس خام القياس العالمي برنت 71.75 دولارا للبرميل الأسبوع الماضي، قبل أن يغلق يوم الجمعة دون 65 دولاراً، مع تراجع واشنطن وطهران عن الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة.

وساهمت وفرة إمدادات النفط الصخري في الولايات المتحدة، وسيل من الخام الجديد من دول غير أعضاء في أوبك، بما في ذلك البرازيل والنرويج، في عودة أسعار النفط إلى الانخفاض.


وسجلت صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام مستوى قياسيا مرتفعا عند 4.46 ملايين برميل يومياً، في الأسبوع المنتهي في السابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، مع استمرار منتجي النفط الصخري في تسليم كميات من الخام تزيد عما يمكن أن تستهلكه مصافي التكرير الأميركية.

ونقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية، الاثنين، عن ستيفن اينيس، المحلل في مجموعة اكسيتريدرز للاستشارات، أن الإمدادات من منطقة الخليج لم يطرأ عليها تغيير خلال هذه الفترة، كما أن هناك عرضا إضافيا من خارج أوبك، ما يجعل الإمدادات العالمية تتجاوز الطلب بشكل مريح، وتضع ضغوطاً على الأسعار.

وبجانب تأثير انحسار المخاوف بشأن الصراع بين أميركا وإيران، فإن الاقتصادات المستوردة للخام تبدو مطمئنة كذلك للوضع في ليبيا، حيث تتجه الأمور إلى التهدئة.

وبلغ إنتاج ليبيا نحو 1.174 مليون برميل يومياً، حسبما أفادت صفحة المؤسسة الوطنية للنفط على فيسبوك، الأسبوع الماضي، وهي مستويات تقترب كثيراً من معدلات الإنتاج قبل اندلاع الثورة التي أطاحت نظام معمر القذافي قبل نحو تسع سنوات.

ويبدو أن عودة أسعار النفط إلى مستويات ما قبل الأزمة بين إيران والولايات المتحدة قد تضطر الدول المنتجة في منظمة أوبك وخارجها إلى بحث إمكانية تمديد خفض الإنتاج من أجل دعم الأسعار.

وكان فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، قد قال لرويترز، يوم الجمعة الماضي، إن من المتوقع أن تتلقى سوق النفط العالمية إمدادات جيدة في 2020، وإن نمو الطلب قد يظل ضعيفاً، مما سيكبح الأسعار.

وأشار بيرول إلى أن هناك فائضا مفترضا بمليون برميل يومياً من النفط، مضيفا أن "إنتاج الدول من خارج منظمة أوبك قوي جدا، وما زلنا نتوقع أن يأتي الإنتاج، ليس من الولايات المتحدة فحسب، بل ومن النرويج وكندا ودول أخرى".

وتابع: "نتيجة لذلك، نتوقع أن تبقى الأسعار عند 65 دولاراً للبرميل". وكانت أوبك وروسيا ودول أخرى منتجة للنفط قد وافقت، في ديسمبر/كانون الأول 2019، على تخفيض الإنتاج أكثر، في محاولة لرفع أسعار النفط الخام، بوجود إشارات وفرة في الإمداد، تعود أساساً إلى ازدهار الإنتاج الأميركي.

وقالت أوبك في أعقاب اجتماع في فيينا إن المجموعة المنتجة للنفط ستخفض الإمدادات بمقدار 500 ألف برميل إضافي يومياً، ليبلغ بذلك إجمالي الخفض 1.7 مليون برميل يومياً.

وتعمل أوبك والمنتجون من خارجها على الحد من الإنتاج منذ عام 2017، باتفاقية من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في مارس/آذار 2020.

وقال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، أمس، إن المملكة، أكبر منتج في منظمة أوبك، ترغب في أن تشهد استقراراً في أسواق النفط ونمواً مستداماً في الطلب على الخام ومعروضه.

ونقلت رويترز عن بن سلمان قوله إن من المبكر للغاية الآن الحديث بشأن ما إذا كانت أوبك وحلفاؤها، المجموعة المعروفة باسم "أوبك+"، ستواصل قيود الإنتاج التي جرى التوصل إليها بموجب اتفاق ينتهي أجله في مارس/آذار المقبل.

ورغم الهدوء الذي ساد أسواق النفط أخيراً، إلا أن محللين يرون أنه لا يجب الاستسلام إلى هذا الوضع. وقال جيسون بوردوف، رئيس مركز سياسة الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا في نيويورك، وفق بلومبيرغ، الأثنين، إن "أسواق النفط تقلل من شأن المخاطر في الشرق الأوسط، وقد تكون مخطئة في افتراض أن الانتقام الإيراني قد انتهى".

ويُعد إغلاق مضيق هرمز في الخليج العربي، أحد السيناريوهات التي قد تلجأ إليها طهران، كإحدى الأدوات حال تصاعد التوتر مع أميركا، وفق محللين، بينما يعد المضيق أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، حيث بلغ معدل التدفق اليومي للنفط عبره 21 مليون برميل في 2018، ما يعادل 21 في المائة من استهلاك السوائل البترولية على مستوى العالم، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

لكن كيم كوانج، محلل السلع الأولية في شركة سامسونغ فيوتشرز في سول، قال لرويترز، الاثنين، إن "احتمال نشوب حرب بين الولايات المتحدة وإيران تلاشى".