تراجعت نسبة الأمية في المجتمع المغربي من 87 في المائة عام 1960، أي تسعة من بين كل عشرة أشخاص، إلى 32 بالمائة عام 2014، أي ثلاثة أشخاص من عشرة، ما يعني انخفاضاً يصل إلى الثلثين خلال نصف قرن تقريبا؛ غير أنها تبقى نسبة عالية، ويدل على فشل مبدأ التعميم الذي رفعه المغرب بعد الاستقلال لمحاربة الأمية.
وبحسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، وهي مؤسسة حكومية تعنى بالتخطيط، فإن معدل الأمية بلغ 41.9 بالمائة بالنسبة للإناث عام 2014، مقابل 22.1 بالمائة بالنسبة للذكور.
وحسب التقسيم الجغرافي، أورد المصدر عينه عن العام ذاته أن 47.7 بالمائة من سكان القرى والبوادي أميون، مقابل 22.2 بالمائة بالنسبة لسكان الوسط الحضري، في حين كان المعدل عام 1994 على التوالي 75 و37 بالمائة، ما يعني وجود تراجع في الفجوة بين القرى والمدن.
وسجلت المندوبية أن الأمية لا تزال مرتفعة نسبياً بين الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 50 عاماً وما فوق، خصوصاً لدى فئة النساء، باعتبار أن هذه النسبة التي بلغت 87 بالمائة عام 1994 وصلت إلى حدود 61 بالمائة عام 2014.
وعزا الباحث المغربي الدكتور إدريس الكنبوري انخفاض الأمية في المجتمع المغربي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى انتشار التمدرس في البلاد طيلة العقود الماضية بعد الاستقلال.
وتابع الكنبوري بأن "المدرسة الوطنية في المغرب لم تظهر إلا في خمسينيات القرن الماضي مع الحركة الوطنية التي كانت تريد تعليماً مضاداً للتعليم الفرنسي والمدارس الفرنسية، لذلك نشأت المدارس الحرة التي أنشأها الوطنيون".
وأوضح أنه بعد الاستقلال، رفع المغرب شعار الثلاثية الشهيرة المعروفة: التعميم، والتعريب، والمغربة، التي طبق بموجبها تعميم التعليم على الجميع، وجعله مغربياً بعد أن كانت فرنسا هي المهيمنة عليه، وتعريب المناهج بعد أن كانت الفرنسية هي لغة التعليم خلال الاستعمار الفرنسي.
ولفت الكنبوري إلى أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أطلقت قبل سنوات، بدعوة من الملك محمد السادس، مشروعاً لمحو الأمية في صفوف الكبار نساء ورجالا، وهو مشروع استفاد منه عدد كبير من المواطنين، وساهم في الحد من الأمية الأبجدية.
"رغم هذه الأرقام المتفائلة للمندوبية السامية للتخطيط تبقى هناك أسئلة غير مطروحة في هذا التقرير الرسمي"، يورد الكنبوري، شارحا بأن محو الأمية لا يعني بالضرورة نجاح التعليم.
واستدل المتحدث بأن هناك العديد من الأطفال والشباب الذين يغادرون الدراسة في سن مبكرة نتيجة أسباب اجتماعية أو اقتصادية أو مجالية تتعلق ببعد المدرسة عن مكان السكن، ليسوا أميين، لكنهم فشلوا في الدراسة وخرجوا إلى الشارع.
واستطرد قائلاً "مع الطموح الذي رفعته الدولة في بداية الاستقلال المتعلق بعنصر التعميم كان يجب أن تكون الأمية قد انتهت في المغرب بعد نحو ستين عاماً من الاستقلال، فوجود 32 في المائة من الأميين حسب التقرير يعني فشل مبدأ التعميم".
وشدد الباحث على أن "الأمية اليوم، في عصر العلم والتكنولوجيا، لم تعد تقاس بمعرفة الكتابة والقراءة، بل بمعرفة التقنيات الحديثة، ومعرفة اللغات الأجنبية".