أيّام قليلة تفصل السوريّين عن بدء العام الدراسي السابع، في ظل صراع دموي يعدّ الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية. أمور كثيرة تشغل بال الأهل، من تأمين مستلزمات المدرسة كالقرطاسية والكتب والملابس، وتراجع المستوى الدراسي، إضافة إلى القصف الذي قد يمنع أبناءهم من الذهاب إلى المدرسة.
وفتحت وزارة التربية التابعة للنظام أبواب المدارس يوم الأربعاء الماضي، علماً أن الكادر الإداري بدأ العمل في 27 الشهر الماضي. أما في مناطق المعارضة، يبدأ العام الدراسي في 16 الشهر الجاري.
تقول أم فراس، وهي أم لثلاثة أطفال، وقد نزحت من الغوطة الشرقية إلى دمشق، لـ "العربي الجديد": "انقطعت ابنتي عن المدرسة نحو أربعة أعوام، تراجعت خلالها بشكل كبير، وبالكاد تستطيع قراءة جملة واحدة أو حلّ مسألة حسابية بسيطة. في ظلّ القصف والحصار، لم يكن التعليم مهماً بالمقارنة مع تأمين المياه والطعام والاحتماء من القصف". تضيف: "اليوم، ترغب في العودة إلى المدرسة. سعيت إلى إلحاقها بمعاهد خاصة، والاستعانة بأساتذة للدروس الخصوصية، لتكون قادرة على مجاراة أقرانها".
وتلفت إلى أنّ عدد التلاميذ في الصف يزيد عن 50. وفي الصفّين الأول والثاني، قد يصل العدد إلى 70 تلميذاً، ولا تتجاوز مدة الحصة الدراسيّة 45 دقيقة. وتتحدث عن مشكلة ضعف الكادر التعليمي بشكل عام. "سوء الواقع التعليمي في المدارس حمّلنا أعباء مادية إضافية، عدا عن المستلزمات المدرسية من قرطاسية وحقائب وملابس. تضيف أن التلميذ في حاجة إلى خمسة آلاف ليرة سورية على الأقل لتأمين القرطاسية، وما بين 20 (نحو 29 دولاراً) و25 ألف ليرة (نحو 48 دولاراً) لشراء حقيبة وملابس.
من جهته، يقول أبو جابر لـ "العربي الجديد": "العام الماضي، احتجت إلى نحو 700 ألف ليرة (نحو ألف و350 دولار) لإبني (الصف الثالث ثانوي)، ما بين معهد ودروس خصوصية وملخصات، خصوصاً أن الشهادة الثانوية تحدّد مستقبل التلاميذ في سورية. هذا العام، إبني الآخر في الصف التاسع، وقد أحتاج إلى ما لا يقلّ عن 500 ألف ليرة سورية (نحو 970 دولار)، عسى أن يحصل على معدل يؤهله للدراسة بالثانوية العامة".
يضيف: "المشكلة أن المنهاج الحديث الذي بدأ إدراجه في السنوات الأخيرة مكثف وممل بسبب التكرار. وما يزيد الطين بلّة أنّ معظم الكادر التعليمي ليس مؤهلاً بالشكل اللازم لإعطاء هذا المنهاج، ما يجعل الأهل يبحثون عن المدرسين المتمكنين. من جهة أخرى، هناك إقبال كبير على المدارس من قبل الأهالي. حتى التسجيل فيها يحتاج إلى واسطة. ولا يملك بعض أساتذة الدروس الخصوصية الوقت لإعطاء الدروس، علماً أن بعضهم يعطي دروساً حتى منتصف الليل تقريباً. على سبيل المثال، فلم يكن لدى أستاذ الرياضيات الذي اتصلت به وقتٌ إلا بعد الساعة العاشرة ليلاً".
وفي ما يتعلق بمساعدات التلاميذ، يلفت إلى أن "الناس تترقب ما إذا كانت هناك مساعدات للعام الدراسي الجديد. وعمدت بعض المنظمات إلى توزيع مساعدات العام الماضي، على غرار منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، وقد وزعت حقائب وقرطاسية، إلا أن الكثير منها لم يوزع على التلاميذ. هذا العام، أعلنت المؤسسة السورية للتجارة، عن فتح الباب لتقسيط ثمن قرطاسية من خلال دفع 50 ألف ليرة (نحو 97 دولاراً) سورية على مدى 10 أشهر، لكن العائلات تنتظر علّ اليونيسف توزع هذا العام أيضاً مستلزمات مدرسية".
بدوره، يقول ماهر، وهو مدير مدرسة ابتدائية في مدينة جرمانا في ريف دمشق، لـ "العربي الجديد": "نحن في المرحلة النهائية من الاستعداد للعام الدراسي الجديد"، لافتاً إلى أن من أكثر العقبات التي تواجههم الازدحامُ في الصفوف. ويصل العدد إلى 70 تلميذاً في الصفين الأول والثاني، و50 في الصفوف الأخرى. ويذكر أن "إدارة المدرسة تتغاضى منذ سنوات عن مسألة اللباس المدرسي الموحد، مراعاة لوضع الناس الاقتصادي".
من جهته، يقول مصدر مسؤول في مديرية التربية، طلب عدم الكشف عن إسمه، لـ "العربي الجديد"، إن "المناهج الحالية اعتمدت المنهاج الفرنسي، وهو منهاج متقدم، لكن نعاني من جعله متناسباً مع التلميذ السوري، كما أننا نواجه صعوبات لتأهيل الكادر التعليمي بشكل عام، خصوصاً في مرحلة التعليم الأساسي، إضافة إلى ضعف مدرّسي اللغات الأجنبية". ويتحدث عن صعوبات أخرى كالازدحام في الصفوف، بسبب وجود أعداد كبيرة من النازحين، إضافة إلى ضعف دخل المدرسين، ما يدفعهم إلى الاعتماد على الدروس الخصوصية، التي ترهق المدرس وتؤدي إلى تراجع مستواه.
كذلك، يبين المصدر أن "تراجع المستوى التعليمي يجعلنا ندور في حلقة مفرغة، ما يؤدي إلى تراجع مستوى المتعلمين جيلاً بعد آخر، رغم الدورات السنوية المكثفة للمدرسين".
في مناطق المعارضة، تبدو مشاكل التعليم أكثر تعقيداً، سواء لناحية تأمين المستلزمات التعليمية للتلميذ والكادر التعليمي. يقول الناشط الإعلامي في مدينة إدلب في الشمال السوري، عامر علي، لـ "العربي الجديد"، إن "الأهالي يفكرون في ما إذا كانت المدارس ستفتح هذا العام، أم سيكون هناك إشكالات أمنية أو قصف".
وحول تأمين مستلزمات التلاميذ للعام الدراسي الجديد، يلفت علي إلى أن "هناك ترقباً من الأهالي للمنظمات المدنية التي كان لها دور كبير العام الماضي في تأمين القرطاسية، التي تشكل عبئاً كبيراً على العائلات التي تعاني بشكل عام من أوضاع مادية سيئة". ويوضح أن "في إدلب نحو 300 مدرسة خارج الخدمة لأسباب عدة، بسبب الدمار من جراء القصف والعمليات العسكرية، كما أن بعضها يأوي نازحين، وقد استُولي عليها من قبل جهات عدة". ويلفت إلى أن "المناهج في إدلب هي ذاتها المعتمدة من النظام، إلا أنه أدخلت تعديلات إليها، وحُذف منها كل ما يتعلق بالنظام، خصوصاً من مادة التربية الوطنية وعدد من دروس التاريخ واللغة العربية".
اقــرأ أيضاً
ويلفت علي إلى أنه مع طول أمد الحرب في سورية، تراجع الوعي بشكل عام في المجتمع، عدا عن تردي الوضع المالي. وقد أصبحت العائلات ترسل أبناءها للعمل في الأراضي الزراعية، وهناك مناطق تمنع الفتيات من التعليم، فيجبرن على العمل أو الزواج المبكر.
إلى ذلك، يشير عضو المكتب الإعلامي في مديرية التربية في إدلب التابعة للمعارضة، مصطفى الحاج علي، لـ "العربي الجديد"، إلى أن "العام الدراسي يبدأ في 16 سبتمبر/ أيلول الجاري". ويوضح أن مديرية التربية تعمل بشكل مكثف للتحضير للعام الدراسي الجديد في ظل ارتفاع عدد التلاميذ بشكل كبير، من جراء عمليات التهجير الواسعة خلال الأشهر الماضية من مناطق متفرقة على يد النظام". يضيف أن "إمكانيات المديرية ضعيفة جداً، وهي لا تستطيع تغطية رواتب أكثر من ربع المدرسين الذين تحتاج إليهم إدلب، إضافة إلى الكتب، ودعم العائلات التي تعاني في غالبيتها من الفقر، في وقت تقلّ فيه المنظمات التي تدعم التعليم واحتياجاته".
من جهته، يقول الناشط الإعلامي في مناطق المعارضة في درعا، أبو عمر الجنوبي، لـ "العربي الجديد"، إن "وضع التعليم في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة جيد بالإجمال، كما أن المدارس تفتح أبوابها وتؤمّن رواتب الأساتذة عبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وجهات داعمة أخرى"، مضيفاً أن العائلات تبقى في حاجة إلى الدعم لتأمين احتياجات أبنائها.
ويلفت إلى أنّ "الوضع يختلف تماماً في منطقة حوض اليرموك في درعا، الخاضعة لسيطرة جيش خالد بن الوليد، المبايع لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وقد منع فتح مدارس في 15 قرية يسيطر عليها، حيث يعيش نحو 80 ألف نسمة". ولا تختلف الاستعدادات للعام الدراسي في مختلف المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، سواء في ريف حماة الشرقي أو دير الزور. فقد أوقف التنظيم التعليم وأغلق المدارس بشكل نهائي، بعدما سيطر على معظم المحافظة في عام 2014، قبل أن يفتحها في عام 2015 لأشهر عدة، درّس خلالها مناهج خاصة تحض على الكراهية والقتل والتشدّد. منذ ذلك الوقت، توقّف عشرات آلاف التلاميذ عن تلقي أي نوع من التعليم. كما أن التنظيم تعقب المدرسين والشباب الذين حاولوا، بمبادرة شخصية، تعليم مجموعة من التلاميذ مبادئ أساسية في القراءة والكتابة، في حين يركز التنظيم على الدورات الشرعية والدعوية التي تهدف إلى استقطاب الشباب للقتال في صفوفه.
ويتحدّث ناشطون لـ "العربي الجديد" عن تراجع الاهتمام في عدد من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، بسبب عدم وجود أفق للمتعلمين، ناهيك عن الضغوط الاقتصادية التي تدفع الأطفال إلى العمل أو مساعدة عائلاتهم في تأمين احتياجاتهم اليومية. ويلفتون إلى أن هناك عشرات آلاف الأطفال المحرومين من التعليم، والمتواجدين في مخيمات النزوح المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد من البادية إلى الشرق والشمال، وإن بنسب متفاوتة، وهم يعيشون أوضاعاً مأساوية، وقد حُرموا من أبسط حقوقهم.
وتشير تقارير رسميّة إلى أن أكثر من خمسة آلاف مدرسة من بين 21 ألف مدرسة في البلاد أغلقت، بسبب تدميرها بشكل كلي أو جزئي، أو استخدامها مراكز إيواء أو أخرى عسكرية. وبحسب تقرير لمنظمة اليونيسف، فإن نحو مليونين و800 ألف طفل سوري لا يستطيعون الحصول على فرصة تعليم.
اقــرأ أيضاً
وفتحت وزارة التربية التابعة للنظام أبواب المدارس يوم الأربعاء الماضي، علماً أن الكادر الإداري بدأ العمل في 27 الشهر الماضي. أما في مناطق المعارضة، يبدأ العام الدراسي في 16 الشهر الجاري.
تقول أم فراس، وهي أم لثلاثة أطفال، وقد نزحت من الغوطة الشرقية إلى دمشق، لـ "العربي الجديد": "انقطعت ابنتي عن المدرسة نحو أربعة أعوام، تراجعت خلالها بشكل كبير، وبالكاد تستطيع قراءة جملة واحدة أو حلّ مسألة حسابية بسيطة. في ظلّ القصف والحصار، لم يكن التعليم مهماً بالمقارنة مع تأمين المياه والطعام والاحتماء من القصف". تضيف: "اليوم، ترغب في العودة إلى المدرسة. سعيت إلى إلحاقها بمعاهد خاصة، والاستعانة بأساتذة للدروس الخصوصية، لتكون قادرة على مجاراة أقرانها".
وتلفت إلى أنّ عدد التلاميذ في الصف يزيد عن 50. وفي الصفّين الأول والثاني، قد يصل العدد إلى 70 تلميذاً، ولا تتجاوز مدة الحصة الدراسيّة 45 دقيقة. وتتحدث عن مشكلة ضعف الكادر التعليمي بشكل عام. "سوء الواقع التعليمي في المدارس حمّلنا أعباء مادية إضافية، عدا عن المستلزمات المدرسية من قرطاسية وحقائب وملابس. تضيف أن التلميذ في حاجة إلى خمسة آلاف ليرة سورية على الأقل لتأمين القرطاسية، وما بين 20 (نحو 29 دولاراً) و25 ألف ليرة (نحو 48 دولاراً) لشراء حقيبة وملابس.
من جهته، يقول أبو جابر لـ "العربي الجديد": "العام الماضي، احتجت إلى نحو 700 ألف ليرة (نحو ألف و350 دولار) لإبني (الصف الثالث ثانوي)، ما بين معهد ودروس خصوصية وملخصات، خصوصاً أن الشهادة الثانوية تحدّد مستقبل التلاميذ في سورية. هذا العام، إبني الآخر في الصف التاسع، وقد أحتاج إلى ما لا يقلّ عن 500 ألف ليرة سورية (نحو 970 دولار)، عسى أن يحصل على معدل يؤهله للدراسة بالثانوية العامة".
يضيف: "المشكلة أن المنهاج الحديث الذي بدأ إدراجه في السنوات الأخيرة مكثف وممل بسبب التكرار. وما يزيد الطين بلّة أنّ معظم الكادر التعليمي ليس مؤهلاً بالشكل اللازم لإعطاء هذا المنهاج، ما يجعل الأهل يبحثون عن المدرسين المتمكنين. من جهة أخرى، هناك إقبال كبير على المدارس من قبل الأهالي. حتى التسجيل فيها يحتاج إلى واسطة. ولا يملك بعض أساتذة الدروس الخصوصية الوقت لإعطاء الدروس، علماً أن بعضهم يعطي دروساً حتى منتصف الليل تقريباً. على سبيل المثال، فلم يكن لدى أستاذ الرياضيات الذي اتصلت به وقتٌ إلا بعد الساعة العاشرة ليلاً".
وفي ما يتعلق بمساعدات التلاميذ، يلفت إلى أن "الناس تترقب ما إذا كانت هناك مساعدات للعام الدراسي الجديد. وعمدت بعض المنظمات إلى توزيع مساعدات العام الماضي، على غرار منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، وقد وزعت حقائب وقرطاسية، إلا أن الكثير منها لم يوزع على التلاميذ. هذا العام، أعلنت المؤسسة السورية للتجارة، عن فتح الباب لتقسيط ثمن قرطاسية من خلال دفع 50 ألف ليرة (نحو 97 دولاراً) سورية على مدى 10 أشهر، لكن العائلات تنتظر علّ اليونيسف توزع هذا العام أيضاً مستلزمات مدرسية".
بدوره، يقول ماهر، وهو مدير مدرسة ابتدائية في مدينة جرمانا في ريف دمشق، لـ "العربي الجديد": "نحن في المرحلة النهائية من الاستعداد للعام الدراسي الجديد"، لافتاً إلى أن من أكثر العقبات التي تواجههم الازدحامُ في الصفوف. ويصل العدد إلى 70 تلميذاً في الصفين الأول والثاني، و50 في الصفوف الأخرى. ويذكر أن "إدارة المدرسة تتغاضى منذ سنوات عن مسألة اللباس المدرسي الموحد، مراعاة لوضع الناس الاقتصادي".
من جهته، يقول مصدر مسؤول في مديرية التربية، طلب عدم الكشف عن إسمه، لـ "العربي الجديد"، إن "المناهج الحالية اعتمدت المنهاج الفرنسي، وهو منهاج متقدم، لكن نعاني من جعله متناسباً مع التلميذ السوري، كما أننا نواجه صعوبات لتأهيل الكادر التعليمي بشكل عام، خصوصاً في مرحلة التعليم الأساسي، إضافة إلى ضعف مدرّسي اللغات الأجنبية". ويتحدث عن صعوبات أخرى كالازدحام في الصفوف، بسبب وجود أعداد كبيرة من النازحين، إضافة إلى ضعف دخل المدرسين، ما يدفعهم إلى الاعتماد على الدروس الخصوصية، التي ترهق المدرس وتؤدي إلى تراجع مستواه.
كذلك، يبين المصدر أن "تراجع المستوى التعليمي يجعلنا ندور في حلقة مفرغة، ما يؤدي إلى تراجع مستوى المتعلمين جيلاً بعد آخر، رغم الدورات السنوية المكثفة للمدرسين".
في مناطق المعارضة، تبدو مشاكل التعليم أكثر تعقيداً، سواء لناحية تأمين المستلزمات التعليمية للتلميذ والكادر التعليمي. يقول الناشط الإعلامي في مدينة إدلب في الشمال السوري، عامر علي، لـ "العربي الجديد"، إن "الأهالي يفكرون في ما إذا كانت المدارس ستفتح هذا العام، أم سيكون هناك إشكالات أمنية أو قصف".
وحول تأمين مستلزمات التلاميذ للعام الدراسي الجديد، يلفت علي إلى أن "هناك ترقباً من الأهالي للمنظمات المدنية التي كان لها دور كبير العام الماضي في تأمين القرطاسية، التي تشكل عبئاً كبيراً على العائلات التي تعاني بشكل عام من أوضاع مادية سيئة". ويوضح أن "في إدلب نحو 300 مدرسة خارج الخدمة لأسباب عدة، بسبب الدمار من جراء القصف والعمليات العسكرية، كما أن بعضها يأوي نازحين، وقد استُولي عليها من قبل جهات عدة". ويلفت إلى أن "المناهج في إدلب هي ذاتها المعتمدة من النظام، إلا أنه أدخلت تعديلات إليها، وحُذف منها كل ما يتعلق بالنظام، خصوصاً من مادة التربية الوطنية وعدد من دروس التاريخ واللغة العربية".
ويلفت علي إلى أنه مع طول أمد الحرب في سورية، تراجع الوعي بشكل عام في المجتمع، عدا عن تردي الوضع المالي. وقد أصبحت العائلات ترسل أبناءها للعمل في الأراضي الزراعية، وهناك مناطق تمنع الفتيات من التعليم، فيجبرن على العمل أو الزواج المبكر.
إلى ذلك، يشير عضو المكتب الإعلامي في مديرية التربية في إدلب التابعة للمعارضة، مصطفى الحاج علي، لـ "العربي الجديد"، إلى أن "العام الدراسي يبدأ في 16 سبتمبر/ أيلول الجاري". ويوضح أن مديرية التربية تعمل بشكل مكثف للتحضير للعام الدراسي الجديد في ظل ارتفاع عدد التلاميذ بشكل كبير، من جراء عمليات التهجير الواسعة خلال الأشهر الماضية من مناطق متفرقة على يد النظام". يضيف أن "إمكانيات المديرية ضعيفة جداً، وهي لا تستطيع تغطية رواتب أكثر من ربع المدرسين الذين تحتاج إليهم إدلب، إضافة إلى الكتب، ودعم العائلات التي تعاني في غالبيتها من الفقر، في وقت تقلّ فيه المنظمات التي تدعم التعليم واحتياجاته".
من جهته، يقول الناشط الإعلامي في مناطق المعارضة في درعا، أبو عمر الجنوبي، لـ "العربي الجديد"، إن "وضع التعليم في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة جيد بالإجمال، كما أن المدارس تفتح أبوابها وتؤمّن رواتب الأساتذة عبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وجهات داعمة أخرى"، مضيفاً أن العائلات تبقى في حاجة إلى الدعم لتأمين احتياجات أبنائها.
ويلفت إلى أنّ "الوضع يختلف تماماً في منطقة حوض اليرموك في درعا، الخاضعة لسيطرة جيش خالد بن الوليد، المبايع لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وقد منع فتح مدارس في 15 قرية يسيطر عليها، حيث يعيش نحو 80 ألف نسمة". ولا تختلف الاستعدادات للعام الدراسي في مختلف المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، سواء في ريف حماة الشرقي أو دير الزور. فقد أوقف التنظيم التعليم وأغلق المدارس بشكل نهائي، بعدما سيطر على معظم المحافظة في عام 2014، قبل أن يفتحها في عام 2015 لأشهر عدة، درّس خلالها مناهج خاصة تحض على الكراهية والقتل والتشدّد. منذ ذلك الوقت، توقّف عشرات آلاف التلاميذ عن تلقي أي نوع من التعليم. كما أن التنظيم تعقب المدرسين والشباب الذين حاولوا، بمبادرة شخصية، تعليم مجموعة من التلاميذ مبادئ أساسية في القراءة والكتابة، في حين يركز التنظيم على الدورات الشرعية والدعوية التي تهدف إلى استقطاب الشباب للقتال في صفوفه.
ويتحدّث ناشطون لـ "العربي الجديد" عن تراجع الاهتمام في عدد من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، بسبب عدم وجود أفق للمتعلمين، ناهيك عن الضغوط الاقتصادية التي تدفع الأطفال إلى العمل أو مساعدة عائلاتهم في تأمين احتياجاتهم اليومية. ويلفتون إلى أن هناك عشرات آلاف الأطفال المحرومين من التعليم، والمتواجدين في مخيمات النزوح المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد من البادية إلى الشرق والشمال، وإن بنسب متفاوتة، وهم يعيشون أوضاعاً مأساوية، وقد حُرموا من أبسط حقوقهم.
وتشير تقارير رسميّة إلى أن أكثر من خمسة آلاف مدرسة من بين 21 ألف مدرسة في البلاد أغلقت، بسبب تدميرها بشكل كلي أو جزئي، أو استخدامها مراكز إيواء أو أخرى عسكرية. وبحسب تقرير لمنظمة اليونيسف، فإن نحو مليونين و800 ألف طفل سوري لا يستطيعون الحصول على فرصة تعليم.