تقول تقارير صحافية إن 2 مليون و400 ألف مواطن في محافظة تعز، وسط اليمن، يعانون من انعدام المياه، في حين أن 2 مليون و700 ألف آخرين بحاجة إلى الرعاية الصحية العاجلة. وبحسب التقارير نفسها، فإن 1.5 مليون مواطن في المحافظة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، من بين 13 مليون مواطن يعانون من نفس المشكلة في البلاد عموماً.
قد تقرؤون الأرقام سالفة الذكر وتصابون بالذهول، لكن تصوروا أن تلك الأرقام ما هي إلا جزء يسير جداً من أزمة خانقة يعيشها أبناء تعز في شتى المجالات وحيدين ومحاصرين من قبل مليشيا أنصار الله "الحوثيين" والقوات الموالية للرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، ومن قبل الأمراض التي تكالبت عليهم من كل صوب.
لقد تحولت المدينة، التي يطلق عليها أبناؤها اسم الحالمة، إلى موطن للأوبئة ومسرح يومي للموت المجاني على يد المليشيا والأمراض التي انتشرت بكثافة، وعلى رأسها مرض حمى الضنك، الذي حصد مئات المواطنين في المحافظة، وسط صمت رسمي ودولي، ووسط قلة في الإمكانات للقطاع الصحي في المحافظة، التي أجبرت العديد من المستشفيات والمراكز الصحية على الإغلاق، وهو ما يعني تفاقم المأساة وفتح الباب على مصراعيه للموت اليومي بسبب تلك الأمراض.
تعاني تعز، التي يسكنها قرابة 3 ملايين نسمة، من أزمات إنسانية واقتصادية متفاقمة، وهو ما جعل الحكومة خلال الأيام الماضية تعلنها محافظة منكوبة، لكن هذا الإعلان لم يتبعه أي خطوات رسمية تترجمه على الأرض وتساعد أبناء المدينة على الخروج من محنتهم أو التخفيف من وطأتها.
اقرأ أيضاً: آلاف المصابين بحمى الضنك في تعز اليمنية
تخيلوا أن الحكومة الشرعية، التي يقف الجميع إلى جانبها ويساندها، لم ترسل حتى شاحنة واحدة محملة بالمعونات الطبية والإغاثية لتعز منذ إعلانها "المنكوب".. لم ترسل حتى أي مسؤول إلى المدينة ليتفقد أحوالها وينقل احتياجاتها..!
على مدى أسابيع ماضية، ظلت الحكومة تعد أبناء تعز بالمساندة والمساعدة والنصر القريب، لكنها حتى كتابة هذا المقال نسيت أو تناست أن هناك مئات اليمنيين في تعز يموتون جوعاً وعطشاً ويموتون بداء لا يرحم اسمه "حمى الضنك".
لم تلتفت الحكومة إلى تعز، والتقارير الإنسانية تقول إن أكثر من 17 ألف مواطن في المدينة مصابون بحمى الضنك، في حين أن الفيروس يتهدد حياة 3 ملايين آخرين، وهم إجمالي سكان المدينة، فماذا تنتظر الحكومة للتدخل في تعز.. هل تنتظر أن يباد سكان المدينة جميعاً على يد المليشيا وفيروس "حمى الضنك"؟!
أعرف أن على الحكومة مسؤوليات كثيرة، لكن تلك المسؤوليات لا تعفيها أو تبرر لها نسيانها وتجاهلها مأساة محافظة تكبر كل يوم وتتمدد، ولن يكون لأي تدخل مستقبلي فائدة أو جدوى، وهي القادرة على التدخل اللحظي لمنع تفاقم تلك المأساة بالتنسيق مع التحالف العربي، الذي يستطيع أن يمد أبناء تلك المحافظة وباقي المحافظات بالمعونات الطبية والإغاثية، إذا أراد طبعاً..!
على الجميع أن يلتفت لتعز لأنها تعيش أسوأ أزمة إنسانية مرّت عليها على الإطلاق، ولست أنا من يقول هذا بل الأرقام والتقارير الإنسانية، وإلا فإننا أمام سيناريو مأزوم للوضع في أكبر محافظة يمنية مأهولة بالسكان، واليمن عموماً.
اقرأ أيضاً: اليمن: سكان تعز المحررة يواجهون ظروفاً معيشية صعبة