أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأربعاء، أنّ الولايات المتّحدة ستفعّل في مجلس الأمن الدولي آلية "سنابّاك" المثيرة للجدل من أجل إعادة فرض كلّ العقوبات الأممية على إيران.
وقال ترامب: "اليوم طلبت من وزير الخارجية مايك بومبيو إخطار مجلس الأمن الدولي بأنّ الولايات المتّحدة تعتزم إعادة فرض كلّ العقوبات الأممية عملياً على إيران، والمعلّقة حتى اليوم".
وتتيح آلية "سنابّاك" إعادة فرض كل العقوبات الأممية على إيران، إذا طلبت دولة طرف في الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015 ذلك بدعوى انتهاك طهران للتعهّدات المنصوص عليها في الاتفاق.
يأتي ذلك في وقت يصل مايك بومبيو الخميس إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك لتقديم إخطار رسمي بتفعيل العقوبات الدولية ضد إيران وبشكل رجعي، "سنابّاك"، كما ينص عليه الاتفاق النووي الإيراني و"خطة العمل الشاملة المشتركة" ذات الصلة، والتي صادق عليها مجلس الأمن بموجب قراره رقم 2231 للعام 2015.
لكن التحدي الأكبر في الخطوة الأميركية هو أنه لا توجد داعمة قانونية للطلب الأميركي وتنفيذه بحسب جميع الدول الأعضاء في الاتفاق، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيران والصين وروسيا، لأن الولايات المتحدة انسحبت منه قبل أكثر من سنتين ولم تعد طرفا به. كما لم تحضر اجتماعات "خطة العمل الشاملة المشتركة" التي عقدت بعد انسحابها. كما أنها خرقت تلك الخطة والاتفاق عندما فرضت عقوبات أحادية الجانب على إيران بعد انسحابها من الاتفاق، وهو ما يتنافى مع الاتفاقية. وهذا ما أكدته تلك الدول في أكثر من مناسبة وخلال تصريحات رسمية.
ويدّعي الجانب الأميركي أنه يمكنه تفعيل تلك القرارات مجددا وفرض العقوبات الشاملة على إيران. إلا أن قرار مجلس الأمن ذا الصلة، القرار 2231 (2015)، ينص "على أن مجلس الأمن، في غضون 30 يوماً من تلقي إخطار من دولة مشاركة في خطة العمل تبلغ فيه بمسألة ترى أنها تشكل إخلالاً كبيراً بالالتزامات المنصوص عليها في خطة العمل، سيصوِّت على مشروع قرار بشأن استمرار سريان إنهاء الأحكام المنصوص عليها المبينة في قرارات مجلس الأمن السابقة".
ولعل الكلمات الأساسية هنا هي "إخطار من دولة مشاركة في خطة العمل"، وهذا لا ينطبق على أميركا لأنها انسحبت من الخطة قبل سنتين.
وتأتي الخطوة الأميركية بعد فشل الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي فشلا ذريعا في تمرير مشروع قرار في مجلس الأمن كان يهدف إلى تمديد حظر توريد الأسلحة لإيران، والذي تنتهي مدته في الثامن عشر من شهر أكتوبر القادم.
وحصل مشروع القرار الأميركي على تأييد دولتين، الولايات المتحدة وجمهورية الدومينيكان، ومعارضة دولتين، هما روسيا والصين وامتنعت إحدى عشرة دولة عن التصويت.
ولم تحتج الصين وروسيا إلى استخدام حق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار الأميركي لأنه لم يحصل حتى على الحد الأدنى من الأصوات الضرورية لتبنيه، وهو تسعة أصوات. ونص المشروع الأميركي على تمديد حظر الأسلحة على إيران إلى أجل غير مسمى وإلى حين يقرر مجلس الأمن غير ذلك.
وقبل تقديم مشروع القرار للتصويت عليه يوم الجمعة الماضي، اضطرت الولايات المتحدة للتراجع عن تقديم مسودة مشروع قرار مفصلة للتصويت عليها بعد مباحثات استمرت لأشهر مع حلفائها الغربيين في مجلس الأمن، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، دون نتائج ملموسة.
وكانت الدول الغربية، قد أبدت استعدادا للتفاوض على قضية تمديد حظر الأسلحة لكن بشروط غير تلك التي تريد واشنطن فرضها، إلا أن الطرف الأميركي أصر على موقفه المتمثل في تمديد حظر الأسلحة إلى أجل غير مسمى.
يُذكر أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يعملان بقوانين حظر تصدير الأسلحة لإيران، ومن المفترض أن تستمر حتى عام 2023. ولا تؤيد الدول الغربية إعادة تفعيل العقوبات الدولية الشاملة على إيران التي كانت مفروضة على إيران لسنوات قبل التوصل للاتفاق النووي الإيراني، لأن ذلك يعني نسف الاتفاق بشكل كامل. كما أن تقارير الأمم المتحدة ذات الصلة تفيد بتنفيذ إيران لكل التزاماتها إلى سنة بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاقية.
إلى ذلك، أكد المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن بومبيو طلب لقاء الأمين العام للمنظمة الدولية، أنطونيو غوتيريس، خلال زيارته إلى نيويورك. ومن المتوقع أن يعقد بومبيو اجتماعا مع رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر وسفير إندونيسيا، ديان ترينسايا ديجاني، في مقر الأمم المتحدة، على ما يبدو لتسليمه رسالة خطية بالطلب الأميركي.
بومبيو طلب لقاء الأمين العام للمنظمة الدولية، أنطونيو غوتيريس، خلال زيارته إلى نيويورك
وأدى الانسحاب الأميركي من الاتفاق وفرض الولايات المتحدة لعقوبات أحادية الجانب على إيران، وإجبار عدد من الشركات الدولية والمصارف على الالتزام بها، إلى تضييق الخناق على إيران.
وعلى الرغم من أن إيران، وجميع الأطراف الأخرى ما زالت ملتزمة بالاتفاقية، على الأقل رسميا، إلا أن الجانب الإيراني خرق بعض بنود الاتفاق بعد سنة من الانسحاب الأميركي. ويدّعي الجانب الإيراني أن الدول الأوروبية لم تفِ بوعودها، بعد الانسحاب الأميركي، بالوقوف بوجه العقوبات الأميركية، وتأمين حصول إيران على أموالها عن طريق المصارف الغربية وغيرها.
لكن القرار 2231 ينص كذلك على إنهاء العمل بأحكام قرارات مجلس الأمن السابقة بشأن المسألة النووية الإيرانية، ومن بينها تلك القرارات التي كانت تفرض عقوبات شاملة على إيران، ويضع القيود المحددة التي تسري على جميع الدول دون استثناء.
كما أن "الدول الأعضاء ملزمة بموجب المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة بقبول وتنفيذ قرارات مجلس الأمن"، وهو ما لم تقم به الولايات المتحدة عندما انسحبت من الاتفاقية وفرضت عقوبات شاملة على إيران.
وما زالت الخطوات القادمة التي سيتخذها مجلس الأمن في هذا الصدد غير واضحة، إذ إن الولايات المتحدة لم تعد طرفا في الاتفاقية لتفعيل أي بنود. في حين يصر الطرف الأميركي على كونه عضوا في مجلس الأمن وهذا يعطيه صلاحية بذلك، وهو ما لا تؤيده أي من الدول الأطراف في الاتفاقية بما فيها حلفاء الولايات المتحدة كبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
ولأن هذا الوضع لا سابقة قانونية له في تاريخ مجلس الأمن، فإن الخطوات القادمة، بحسب ما أفاد دبلوماسيون غربيون رفيعو المستوى في مجلس الأمن "العربي الجديد" في نيويورك، تتمثل في إصرار كل فريق على موقفه دون إحراز أي تقدم ملموس إلى حين موعد الانتخابات الأميركية.