يسيطر الحوثيون حتى اليوم على الجزء السكاني الأكبر من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء، والتي ورثوا فيها مؤسسات دولة وبنية تحتية لما يزيد عن 50 عاماً. وبصرف النظر عن الحال الذي آلت إليه هذه المؤسسات تحت سيطرة المشرفين الحوثيين وبسبب الحرب والوضع الأمني والسياسي عموماً في البلد، إلا أنّ الجماعة تستثمرها بمختلف الطرق لفرض سلطانها بعيداً عن واجبات السلطة ومسؤولياتها تجاه المواطنين.
لا يدفع الحوثيون مرتبات لموظفي القطاع العام في مناطق سيطرتهم منذ أكثر من عامين، بما جعل الأخيرين يعيشون أوضاعاً كارثية تفوق الوصف. وفوق ذلك، الجماعة متهمة من قبل "برنامج الأغذية العالمي" التابع للأمم المتحدة بالنهب والتلاعب بقسمٍ كبير من المعونات المخصصة لملايين الجياع. والمفارقة أنّ المعلومات كشفت عن أنّ جزءاً من المساعدات المنهوبة كانت مخصصة لموظفين في مرافق حكومية ممن لا يتسلمون مرتباتهم.
في ظلّ الوضع الكارثي، الغني عن التعريف، تأتي التبرعات التي يجمعها الحوثيون لـ"حزب الله"، لتمثّل استفزازاً قوياً لليمنيين، وتعبيراً صارخاً عن التفكير التي تتبعه مثل هذه الجماعات، ويبدو فيه أنّ الانتماء الإيديولوجي والارتباط بحلفاء الخارج أقوى منه بالنسبة للداخل، الذي يبدو أن معاناته، أصبحت للأسف، ورقة رابحة في أيدي الحكام الجدد بقوة الأمر الواقع.
جانب آخر يمكن النظر منه إلى تبرعات الحوثي لـ"حزب الله"، ويتمثّل بكون الأول، الذي حصلت حركته على دعمٍ من الأخير، في مختلف مراحل نشأتها وتطورها، بات عملياً يملك موارد وقوة تجعله في موقف أقوى من "حزب الله". فهو الذي يسيطر على مساحات واسعة، ويحارب منذ سنوات، ويطلق الصواريخ والطائرات المسيرة إلى عمق السعودية، كما أنه يجني ملايين الدولارات من عائدات الضرائب ومختلف الموارد للمدن اليمنية التي يعيش فيها ما يقرب من 20 مليون إنسان، في حين لا يتسلم الموظفون الحكوميون مرتباتهم ولا وجود لتيار كهربائي تؤمنه الحكومة في صنعاء منذ مايو/أيار 2015... وعلى ذلك قس.