على خلفية المشهد، يتحقق الموت السريري لعملية سلام انطلقت في الشرق الأوسط قبل ربع قرن، وتدفن حكومة يمين متطرف في إسرائيل، آخر الآمال بحل الدولتين، بينما تدفن السلطة الفلسطينية رأسها في الرمل متمسكة بخيوط وهم السلام الموعود. على الأرض تنتخب إسرائيل حكومة يمينية وعنصرية، في جعبتها المزيد من الاستيطان والتهويد والحصار. وفي المقابل، يغرق الفلسطينيون في وحل الانقسام واللهاث خلف وهم السلام، بينما تتعمق نكبات الفلسطيني وجراحه في الوطن والشتات.
من أتون هذه الصورة، يقفز المبعوث الخاص للجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، توني بلير، ليعلن عن استقالته من مهمته. رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، الذي لم يسبق له أن اعترف بالفشل أو اعتذر حتى عن الكذب والتلفيق في أسباب غزو العراق عام 2003، لم يعترف هذه المرة بالفشل في تحقيق أي شيء طيلة ثماني سنوات من العمل في مهمة كان من المفترض أن تحرز تقدماً في مسار السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، واكتفى بتعليل الاستقالة بكثرة الأشغال وعدم التفرغ.
اقرأ أيضاً: اتهامات جديدة لتوني بلير بتضارب المصالح
على غير العادة، يبدو بلير صادقاً هذه المرة عندما يقر بأنّ كثرة الأعمال لم تعد تسمح له بالقيام بمهمته الأممية. فصاحب نظرية "الطريق الثالث" في السياسة، وجد ومنذ انتهاء مهامه كرئيس لحكومة بريطانيا عام 2007 طريقاً ثالثاً لتكديس الثروة عبر توظيف خبراته وعلاقاته لخدمة أهل السياسة والمال. ووصلت ثروته الشخصيّة إلى 70 مليون جنيه إسترليني (100 مليون دولار)، بحسب أحدث البيانات المحاسبيّة، التي سجّلها لدى السلطات الحكوميّة المعنيّة بالضرائب ومراقبة الشركات في لندن.
وكيف للمبعوث الخاص للرباعية أن يجد وقتاً لدفع عجلة السلام في الشرق الأوسط إلى الأمام، بينما هو مشغول في إدارة شركتيْه "ويند رش" و"فايررش" للاستشارات السياسيّة والتجاريّة، إلى جانب "مؤسّسة الإيمان" الخيريّة، ومؤسّسة "مبادرة الحكم في أفريقيا" غير الربحيّة. ومع عدم إمكانيّة التحقّق من إجمالي الأعمال التي تنفّذها شركات بلير، لكنّه بات معروفاً أنّه يعمل مستشاراً لحكومات وجهات رسميّة في فيتنام، والبيرو، وكازاخستان، والكويت، وكولومبيا، والبرازيل، وبورما، وجنوب السودان، ومنغوليا، وسيراليون، ورواندا، وليبيريا وغينيا. كما يعمل مستشاراً، غير معلن، لحكومات وجهات رسميّة في مصر، والإمارات، والسعوديّة، والكويت، ورومانيا، وتايلاند، وهونغ كونغ، والصين.
اقرأ أيضاً: بلير يستقيل من منصبه كمبعوث خاص للجنة الرباعية
وقد تنبهت مجموعة من السفراء البريطانيين السابقين، ومعهم عدد من الشخصيات العامة مبكراً إلى استغلال بلير منصبه الأممي لتحقيق المزيد من الثروة، مما دفعهم في شهر يونيو/حزيران الماضي، إلى توقيع عريضة تطالب بإقالة بلير من دوره كمبعوث للسلام في الشرق الأوسط. ووصفت العريضة، التي أطلقها سفير بريطانيا السابق لدى إيران السير ريتشارد دالتون، إنجازات بلير في المنطقة بـ"التافهة"، وانتقدت سعيه الدؤوب إلى جمع المال. كما اتهمته بمحاولة التنصّل من "المسؤوليّة عن الأزمة الحالية في العراق".
ووقّع على العريضة دبلوماسيون سابقون، منهم السفير البريطاني السابق في ليبيا أوليفر مايلز، والسفير البريطاني في مصر بين عام 1992 و1995 كريستوفر لونغ، وعمدة لندن السابق كين ليفينغستون، ووزير السجون السابق كريسبين بلانت، ومحامي حقوق الإنسان مايكل مانسفيلد، وعضو مجلس اللوردات عن الحزب الديمقراطي الليبرالي جيني تونغ، التي استقالت من منصبها ومن حزبها عام 2012، بسبب تصريحات مناهضة لإسرائيل.
اقرأ أيضاً: بلير وصل إلى القاهرة لبحث تطورات عملية السلام
وجاء في العريضة، أنّه "بعد مرور سبع سنوات على تسلّمه منصب مبعوث للجنة الرباعية للشرق الأوسط، والذي كان يهدف إلى إحداث تقدّم في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فشل في تحقيق ذلك، وحتى إنه فشل على صعيد التطوير الاقتصادي في مناطق السلطة. كما لا تزال العديد من الحواجز العسكريّة تقطع أوصال مناطق الضفّة الغربيّة، ولحقت أضرار اقتصادية كبيرة بقطاع غزة جراء الحرب عليه والحصار. كذلك لحقت أضرار اقتصاديّة بالضفّة الغربيّة جراء عمليات الجيش الإسرائيلي، وعدم التقدّم في العملية السلميّة".
واعتبر بلانت، الموقّع على العريضة، أنّه "حان الوقت لوضع حدّ لمهمّة بلير كمبعوث للرباعيّة، لأنّ بقاءه في منصبه بات كارثياً على الشرق الأوسط، في وقت تبدو فيه الحاجة ماسة للتوصّل إلى اتّفاق سلام شامل. ولذلك يجب تنحيته من منصبه". وتطرقت العريضة أيضاً إلى "دور بلير في ما آلت إليه الأوضاع الأمنيّة في العراق، بالإشارة إلى أنّ "غزو بلير للعراق عام 2003 هو المسؤول عن ظهور الإرهاب الأصولي، في أرض لم يكن موجوداً فيها سابقاً".
اقرأ أيضاً: بلير خلط الدبلوماسية بـ "البزنس" ففشل
اليوم، وبعد أن قرر بلير التخلي عن موقعه في الرباعية الأممية، اعتبر الكاتب في مجلة "فورن بولسي"، إلياس غرول، أن "بلير وطيلة ثماني سنوات من السفر الدائم إلى الشرق الأوسط والإقامة في القدس، والتجوال بالطائرات الخاصة، لم يحقق أي شيء سوى زيادة ثروته الشخصية". أما مجلة "فانيتي فير" الأميركية، فرأت "أن الإنجاز الوحيد الذي حقّقه بلير في مهمته تمثّل في نقل المكتب الخاص بمبعوث الرباعية من 15 غرفة في فندق فخم إلى مكتب دائم في مبنى أفخم في القدس". أما الكاتب البريطاني روبرت فيسك، فاعتبر في صحيفة "إندبندنت" أن "تعيين بلير كمبعوث للسلام في الشرق الأوسط كان بالأساس إهانة لكل من عارض غزو العراق عام 2003، وإهانة لمئات الآلاف الذين سقطوا هناك".
أما بلير، الذي حاز كتاب مذكراته "رحلتي" جائزة مجلة "ليتراري ريفيو" الأدبيّة لكثرة الأكاذيب التي تضمنها، فلا يتوقف عن التغني بإنجازاته كمبعوث للسلام في الشرق الأوسط من قبيل إيصال خدمة الهاتف الخليوي إلى الضفة الغربية، وإزالة الحواجز الإسرائيلية حول مدينة بيت لحم، مما ساعد على تنشيط السياحة هناك.
قد لا يتأسف الكثيرون - باستثناء الإسرائيليين - على رحيل بلير من الرباعية، لكن لا ينبغي للحانقين على الرجل الفرح طويلاً، لأن "اليساري السابق" أكد في خطاب الاستقالة أنه "لن يتخلى عن تقديم خدماته في الشرق الأوسط"، وربما يظهر مجدداً لدفع عملية التطبيع بين إسرائيل ومحيطها، ولا ضرر إن كان ذلك من باب "الأعمال الحرة" والاستشارات مدفوعة الأجر.
اقرأ أيضاً: اللوبي الإسرائيلي والانتخابات البريطانية
من أتون هذه الصورة، يقفز المبعوث الخاص للجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، توني بلير، ليعلن عن استقالته من مهمته. رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، الذي لم يسبق له أن اعترف بالفشل أو اعتذر حتى عن الكذب والتلفيق في أسباب غزو العراق عام 2003، لم يعترف هذه المرة بالفشل في تحقيق أي شيء طيلة ثماني سنوات من العمل في مهمة كان من المفترض أن تحرز تقدماً في مسار السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، واكتفى بتعليل الاستقالة بكثرة الأشغال وعدم التفرغ.
اقرأ أيضاً: اتهامات جديدة لتوني بلير بتضارب المصالح
على غير العادة، يبدو بلير صادقاً هذه المرة عندما يقر بأنّ كثرة الأعمال لم تعد تسمح له بالقيام بمهمته الأممية. فصاحب نظرية "الطريق الثالث" في السياسة، وجد ومنذ انتهاء مهامه كرئيس لحكومة بريطانيا عام 2007 طريقاً ثالثاً لتكديس الثروة عبر توظيف خبراته وعلاقاته لخدمة أهل السياسة والمال. ووصلت ثروته الشخصيّة إلى 70 مليون جنيه إسترليني (100 مليون دولار)، بحسب أحدث البيانات المحاسبيّة، التي سجّلها لدى السلطات الحكوميّة المعنيّة بالضرائب ومراقبة الشركات في لندن.
وكيف للمبعوث الخاص للرباعية أن يجد وقتاً لدفع عجلة السلام في الشرق الأوسط إلى الأمام، بينما هو مشغول في إدارة شركتيْه "ويند رش" و"فايررش" للاستشارات السياسيّة والتجاريّة، إلى جانب "مؤسّسة الإيمان" الخيريّة، ومؤسّسة "مبادرة الحكم في أفريقيا" غير الربحيّة. ومع عدم إمكانيّة التحقّق من إجمالي الأعمال التي تنفّذها شركات بلير، لكنّه بات معروفاً أنّه يعمل مستشاراً لحكومات وجهات رسميّة في فيتنام، والبيرو، وكازاخستان، والكويت، وكولومبيا، والبرازيل، وبورما، وجنوب السودان، ومنغوليا، وسيراليون، ورواندا، وليبيريا وغينيا. كما يعمل مستشاراً، غير معلن، لحكومات وجهات رسميّة في مصر، والإمارات، والسعوديّة، والكويت، ورومانيا، وتايلاند، وهونغ كونغ، والصين.
اقرأ أيضاً: بلير يستقيل من منصبه كمبعوث خاص للجنة الرباعية
وقد تنبهت مجموعة من السفراء البريطانيين السابقين، ومعهم عدد من الشخصيات العامة مبكراً إلى استغلال بلير منصبه الأممي لتحقيق المزيد من الثروة، مما دفعهم في شهر يونيو/حزيران الماضي، إلى توقيع عريضة تطالب بإقالة بلير من دوره كمبعوث للسلام في الشرق الأوسط. ووصفت العريضة، التي أطلقها سفير بريطانيا السابق لدى إيران السير ريتشارد دالتون، إنجازات بلير في المنطقة بـ"التافهة"، وانتقدت سعيه الدؤوب إلى جمع المال. كما اتهمته بمحاولة التنصّل من "المسؤوليّة عن الأزمة الحالية في العراق".
ووقّع على العريضة دبلوماسيون سابقون، منهم السفير البريطاني السابق في ليبيا أوليفر مايلز، والسفير البريطاني في مصر بين عام 1992 و1995 كريستوفر لونغ، وعمدة لندن السابق كين ليفينغستون، ووزير السجون السابق كريسبين بلانت، ومحامي حقوق الإنسان مايكل مانسفيلد، وعضو مجلس اللوردات عن الحزب الديمقراطي الليبرالي جيني تونغ، التي استقالت من منصبها ومن حزبها عام 2012، بسبب تصريحات مناهضة لإسرائيل.
اقرأ أيضاً: بلير وصل إلى القاهرة لبحث تطورات عملية السلام
وجاء في العريضة، أنّه "بعد مرور سبع سنوات على تسلّمه منصب مبعوث للجنة الرباعية للشرق الأوسط، والذي كان يهدف إلى إحداث تقدّم في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فشل في تحقيق ذلك، وحتى إنه فشل على صعيد التطوير الاقتصادي في مناطق السلطة. كما لا تزال العديد من الحواجز العسكريّة تقطع أوصال مناطق الضفّة الغربيّة، ولحقت أضرار اقتصادية كبيرة بقطاع غزة جراء الحرب عليه والحصار. كذلك لحقت أضرار اقتصاديّة بالضفّة الغربيّة جراء عمليات الجيش الإسرائيلي، وعدم التقدّم في العملية السلميّة".
واعتبر بلانت، الموقّع على العريضة، أنّه "حان الوقت لوضع حدّ لمهمّة بلير كمبعوث للرباعيّة، لأنّ بقاءه في منصبه بات كارثياً على الشرق الأوسط، في وقت تبدو فيه الحاجة ماسة للتوصّل إلى اتّفاق سلام شامل. ولذلك يجب تنحيته من منصبه". وتطرقت العريضة أيضاً إلى "دور بلير في ما آلت إليه الأوضاع الأمنيّة في العراق، بالإشارة إلى أنّ "غزو بلير للعراق عام 2003 هو المسؤول عن ظهور الإرهاب الأصولي، في أرض لم يكن موجوداً فيها سابقاً".
اقرأ أيضاً: بلير خلط الدبلوماسية بـ "البزنس" ففشل
اليوم، وبعد أن قرر بلير التخلي عن موقعه في الرباعية الأممية، اعتبر الكاتب في مجلة "فورن بولسي"، إلياس غرول، أن "بلير وطيلة ثماني سنوات من السفر الدائم إلى الشرق الأوسط والإقامة في القدس، والتجوال بالطائرات الخاصة، لم يحقق أي شيء سوى زيادة ثروته الشخصية". أما مجلة "فانيتي فير" الأميركية، فرأت "أن الإنجاز الوحيد الذي حقّقه بلير في مهمته تمثّل في نقل المكتب الخاص بمبعوث الرباعية من 15 غرفة في فندق فخم إلى مكتب دائم في مبنى أفخم في القدس". أما الكاتب البريطاني روبرت فيسك، فاعتبر في صحيفة "إندبندنت" أن "تعيين بلير كمبعوث للسلام في الشرق الأوسط كان بالأساس إهانة لكل من عارض غزو العراق عام 2003، وإهانة لمئات الآلاف الذين سقطوا هناك".
أما بلير، الذي حاز كتاب مذكراته "رحلتي" جائزة مجلة "ليتراري ريفيو" الأدبيّة لكثرة الأكاذيب التي تضمنها، فلا يتوقف عن التغني بإنجازاته كمبعوث للسلام في الشرق الأوسط من قبيل إيصال خدمة الهاتف الخليوي إلى الضفة الغربية، وإزالة الحواجز الإسرائيلية حول مدينة بيت لحم، مما ساعد على تنشيط السياحة هناك.
قد لا يتأسف الكثيرون - باستثناء الإسرائيليين - على رحيل بلير من الرباعية، لكن لا ينبغي للحانقين على الرجل الفرح طويلاً، لأن "اليساري السابق" أكد في خطاب الاستقالة أنه "لن يتخلى عن تقديم خدماته في الشرق الأوسط"، وربما يظهر مجدداً لدفع عملية التطبيع بين إسرائيل ومحيطها، ولا ضرر إن كان ذلك من باب "الأعمال الحرة" والاستشارات مدفوعة الأجر.
اقرأ أيضاً: اللوبي الإسرائيلي والانتخابات البريطانية