بانديت جِسراج.. انطفاء ذاكرة الأنغام الهندية

23 اغسطس 2020
بانديت جِسراج (1930 -2020)
+ الخط -

في 17 من الشهر الجاري، رحَل أحد أشهر موسيقيّي الهند، بانديت جسراج، وهو يدخل عقده التاسع، حيث وُلد في 1930، ورغم أن تكوينه الأصلي في سنيّ طفولته كان كعازف إيقاع إلا أنه قرّر أن يخوض تجربة الغناء في عام 1945 ليصبح – بداية من التسعينيات خصوصاً – أحد رموز الفن الموسيقي في بلاده. 

توفّي الفنان الهندي بسكتة قلبية في مستشفى في الولايات المتحدة الأميركية، التي بقي فيها منذ شهر آذار/ مارس الماضي لتلقّي العلاج، ثمّ عقّد انتشار فيروس كورونا إمكانية العودة فبقي فيها، ولم يكن يعلم أنه لن يعود إلى الهند حياً. 

قبل رحيله بسنوات، اعتبر بعض النقاد أن غياب جسراج عن الساحة الفنية ذات يوم يعني أن بعض المقطوعات الموسيقية الكلاسيكية الهندية لن تجد من يؤدّيها في المدى المنظور حيث يمثّل آخر المؤدّين الذين حفظوا كامل التراث الهندوستاني، والذي يعني تقريباً مادة موسيقية يمكن تشبيهها بما بلغته الموسيقى الكلاسيكية الغربية في السيمفونيات على مستوى التعقيد البنائي بتاريخ يمتدّ إلى ثلاثة أو أربعة قرون من التطوير المتواصل.

حظي جسراج بتقدير عالمي، منذ أن بدأ يحضر في قاعات ومسارح في أوروبا وأميركا الشمالية من سبعينيات القرن الماضي. وقد مرّت تجربته ومساحتها الشاسعة دون التفات في البداية، قبل أن يتحوّل منتصف التسعينيات إلى أهم الأسماء التي تمثل الفن الشرقي مع المنشد الباكستاني نصرت علي فتح خان.

ومع الاعتراف العالمي، كان الفنان الهندي يحظى بمكانة خاصة لها أجيال من الموسيقيين في بلاده، ورغم أنه كان يؤدّي أساساً ألواناً من الفنون الفولكلورية إلا أن المجدّدين في الموسيقى الهندية كان يعتبرونه رافداً لا يمكن عدم المرور به للوصول إلى أعماق الهوية السمعية للهند.

يذكر المقرّبون من جسراج أن الأداء الموسيقي لم يكن مرتبطاً لديه بالعروض والتمارين والتسجيلات، بل هو رياضة يومية لها طقوسها، حتى أن ابنته قد أشارت إلى أن والدها كان ليلة رحيله يغنّي واتصل ببعض تلاميذه في الهند وغنّى معهم بعض المقاطع. وتعود هذه العلاقة العميقة بالموسيقى إلى أصول الفنان حيث ينحدر من أسرة كانت تشرف على الإنشاد في معابد شمال الهند.

المساهمون