29 سبتمبر 2017
الولد الفلسطيني المذبوح
استطاعت، في نهاية الثمانينيات، منظمة المجلس الثوري لحركة فتح (جماعة أبو نضال) أن تعزّز وجودها العلني في المخيمات الفلسطينية، بمساعدة نظام حافظ الأسد، بعد معركة مخيمات طرابلس، وإخراج ياسر عرفات وقواته بلا رجعة من لبنان عام 1983. وفي تلك الفترة، أصدر المجلس بياناتٍ متلاحقةً مصحوبةَ بصور لعشرات من عناصره، أعدمهم بتهمة التعامل مع المخابرات الأميركية والموساد والمخابرات الأردنية دفعة واحدة، أو بشكل منفصل. لم تكن أعمار هؤلاء العملاء، بحسب البيانات، تقفز عن العشرين. وقتها، تساءل الناس متى استطاع هؤلاء الصبية أن يتعاملوا مع هذه الأجهزة العدوة في هذا العمر المبكر؟
أتذكر اليوم هذا الحدث المؤلم من المعاناة الفلسطينية، وأنا أشاهد عملية ذبح بشعة لولد فلسطيني، اسمه عبد الله عيسى، بسكاكين عناصر حركة نور الدين زنكي، وهي من فصائل الجيش السوري الحر المعارض للنظام. ولدٌ لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، يلقى القبض عليه جريحاً، ويذبح بسكاكين باسم الشريعة، بتهمة التعامل مع النظام السوري والقتال ضد المعارضة، من غير أي محاكمة أو معرفة تفاصيل الدوافع التي أدت بهذا الطفل إلى الانخراط في حربٍ شرسةٍ كالتي تجري في سورية.
لم يكن هناك أدنى رحمة ولا أدنى مشاعر إنسانية، فراحت السكين تهوي على اللحم الطري أمام الكاميرا التي تخلّد لحظة الوحشية البشرية تجاه طفلٍ جريح، لا حول له ولا قوة. ما زاد تخليد هذه اللحظة تراجيديةً ردود الأفعال عليها، فقد لوحظ عدم الاهتمام الجدي من نشطاء الثورة السورية في اليومين التاليين للجريمة، وتأييد بعضهم لها، وكأن ذبح طفلٍ ليس شأناً ذا قيمة في مجريات ما يحدث من تعثر وانحرافٍ في مسار الثورة.
كتب كثيرون في السابق حول جرائم جبهة النصرة، لكن فصيل نور الدين زنكي الذي يعتبر من فصائل الجيش الحر لم يواجه نقداً يستحقه، غافلين عن أن أي نقدٍ لمسيرة الثورة لا يصب في مصلحة النظام، بقدر ما هو محاولة لتصحيح مسار الثورة من ناحية، وتجنب الهبوط في ممارساتٍ تقوم بها أجهزة النظام والمليشيات المذهبية التي تقاتل إلى جانبه. وإذا كان هذا الفصيل فعلاً من مكوّنات الجيش الحر، فكيف يمكن أن يقنع السوريين، وخصوصاً أولئك الواقعين في مناطق يسيطر عليها النظام حتى الآن، وتحديداً من الأقليات المذهبية. هل يطمئن الجيش الحر هؤلاء إلى مستقبلهم، فيما لو استطاع السيطرة على مناطقهم؟
من الشروط الإنسانية البسيطة في أي حربٍ أن يُعالج الجريح الأسير، وأن يُحاكم محاكمةً عادلة، وأن يحقّق معه لمعرفة دوافع انخراطه في القتال، وإن كان الحكم هو الإعدام، بحسب حجم الجريمة والأذى الذي ارتكبه، ألا يكون الموت ذبحاً، فهذه طريقة لا يلجأ إليها سوى السفاحين والبرابرة.
لم يحدث ربما أن ذُبح طفلٌ بهذه الطريقة الوحشية سوى على أيدي جماعاتٍ متوحشةٍ كالنازية، ففي فيلم "العدو على الأبواب" للمخرج جون جاك، ومن تمثيل إد هاريس وجود لو، قتل القناص النازي هاريس الطفل ساشا فيليبوف الذي كان يرصد تحركاته لمصلحة القناص الروسي، في أثناء حصار ستالينغراد، وعلقه على شجرة، كي يستدرج عدوه. قتلت أيضاً جبهة النصرة الطفل محمد القطاع عمداً، بسبب مفردةٍ اعتبرت كفراً، وهو يرفض بيع القهوة مجاناً لعناصر "النصرة" في حلب قبل ثلاثة أعوام. وفي فلسطين، قتل الإسرائيليون علناً الطفل محمد الدرة في غزة في الانتفاضة الثانية. وقبل عامين، أحرق مستوطنون يهود الطفل محمد أبو خضير، بعد خطفه وتعذيبه.
ذبحُ الطفل مسألةٌ يجب أن نتوقف عندها، لأنها ليست عابرة، فقد قدّم هذا الفصيل خدمةً عظيمةً للنظام، وسقط أخلاقياً في الحفرة التي كان من المفروض أن النظام قابع فيها منذ مقتل حمزة الخطيب وأطفال الغوطة.
أتذكر اليوم هذا الحدث المؤلم من المعاناة الفلسطينية، وأنا أشاهد عملية ذبح بشعة لولد فلسطيني، اسمه عبد الله عيسى، بسكاكين عناصر حركة نور الدين زنكي، وهي من فصائل الجيش السوري الحر المعارض للنظام. ولدٌ لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، يلقى القبض عليه جريحاً، ويذبح بسكاكين باسم الشريعة، بتهمة التعامل مع النظام السوري والقتال ضد المعارضة، من غير أي محاكمة أو معرفة تفاصيل الدوافع التي أدت بهذا الطفل إلى الانخراط في حربٍ شرسةٍ كالتي تجري في سورية.
لم يكن هناك أدنى رحمة ولا أدنى مشاعر إنسانية، فراحت السكين تهوي على اللحم الطري أمام الكاميرا التي تخلّد لحظة الوحشية البشرية تجاه طفلٍ جريح، لا حول له ولا قوة. ما زاد تخليد هذه اللحظة تراجيديةً ردود الأفعال عليها، فقد لوحظ عدم الاهتمام الجدي من نشطاء الثورة السورية في اليومين التاليين للجريمة، وتأييد بعضهم لها، وكأن ذبح طفلٍ ليس شأناً ذا قيمة في مجريات ما يحدث من تعثر وانحرافٍ في مسار الثورة.
كتب كثيرون في السابق حول جرائم جبهة النصرة، لكن فصيل نور الدين زنكي الذي يعتبر من فصائل الجيش الحر لم يواجه نقداً يستحقه، غافلين عن أن أي نقدٍ لمسيرة الثورة لا يصب في مصلحة النظام، بقدر ما هو محاولة لتصحيح مسار الثورة من ناحية، وتجنب الهبوط في ممارساتٍ تقوم بها أجهزة النظام والمليشيات المذهبية التي تقاتل إلى جانبه. وإذا كان هذا الفصيل فعلاً من مكوّنات الجيش الحر، فكيف يمكن أن يقنع السوريين، وخصوصاً أولئك الواقعين في مناطق يسيطر عليها النظام حتى الآن، وتحديداً من الأقليات المذهبية. هل يطمئن الجيش الحر هؤلاء إلى مستقبلهم، فيما لو استطاع السيطرة على مناطقهم؟
من الشروط الإنسانية البسيطة في أي حربٍ أن يُعالج الجريح الأسير، وأن يُحاكم محاكمةً عادلة، وأن يحقّق معه لمعرفة دوافع انخراطه في القتال، وإن كان الحكم هو الإعدام، بحسب حجم الجريمة والأذى الذي ارتكبه، ألا يكون الموت ذبحاً، فهذه طريقة لا يلجأ إليها سوى السفاحين والبرابرة.
لم يحدث ربما أن ذُبح طفلٌ بهذه الطريقة الوحشية سوى على أيدي جماعاتٍ متوحشةٍ كالنازية، ففي فيلم "العدو على الأبواب" للمخرج جون جاك، ومن تمثيل إد هاريس وجود لو، قتل القناص النازي هاريس الطفل ساشا فيليبوف الذي كان يرصد تحركاته لمصلحة القناص الروسي، في أثناء حصار ستالينغراد، وعلقه على شجرة، كي يستدرج عدوه. قتلت أيضاً جبهة النصرة الطفل محمد القطاع عمداً، بسبب مفردةٍ اعتبرت كفراً، وهو يرفض بيع القهوة مجاناً لعناصر "النصرة" في حلب قبل ثلاثة أعوام. وفي فلسطين، قتل الإسرائيليون علناً الطفل محمد الدرة في غزة في الانتفاضة الثانية. وقبل عامين، أحرق مستوطنون يهود الطفل محمد أبو خضير، بعد خطفه وتعذيبه.
ذبحُ الطفل مسألةٌ يجب أن نتوقف عندها، لأنها ليست عابرة، فقد قدّم هذا الفصيل خدمةً عظيمةً للنظام، وسقط أخلاقياً في الحفرة التي كان من المفروض أن النظام قابع فيها منذ مقتل حمزة الخطيب وأطفال الغوطة.