الوظائف ليست للعامة في لبنان

01 أكتوبر 2015
الوظائف ليست للعامة في لبنان (فرانس برس)
+ الخط -
المشاكل في لبنان، تحتاج إلى كتب نظراً لكثرتها، بدءاً من الفساد البيئي ووصولاً إلى الطائفية الوظائفية. فلطالما كان القطاع العام الملجأ الأخير للشباب للحصول على وظيفة ثابتة، وبراتب تصاعدي، إن كان في السلك العسكري أو الإداري، وبتعويض نهاية الخدمة، الذي يضمن لهم حياة كريمة من بعد كفاح دام عشرات السنين.


إلا أن في لبنان الوضع مختلف، فعلى كل مواطن لبناني وتحديداً الشباب أن يتأكدوا إذا كانت طائفتهم تسمح لهم بتسلّم هذه الوظيفة بالدرجة الأولى، والإجابة عن السؤال الأساسي "شو هي طايفتك؟"، وتحديداً في الوظائف القيادية العليا، أي الفئة الأولى والثانية.

لقد نصّ الدستور اللبناني: "على أن تلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويُعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة الأولى والثانية، وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص أية وظيفة لأية طائفة مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة".

إلا أن هذه المادة ما زالت تُخرق، حتى اليوم، ووتعطى الأولوية لطائفة المرشح وعدم الاكتراث بالكفاءة والعلم. هذا بالإضافة إلى أن الاحتكار الطائفي وصل الى وظائف الفئة الثانية وحتى الثالثة، كما أن العنصر الشبابي في الإدارة معدوم، بحيث أن متوسط أعمار المديرين العامين الرسميين في لبنان هو 46 سنة.

يخبرنا "م.ا" أنه يمتلك خبرة واسعة في مجال الطيران وشهادات دولية في هذا الاختصاص وعندما حاول التقدم لمنصب "رئيس مجلس هيئة الطيران المدني اللبناني" كان الجواب وعوداً فقط، ولكن الصدمة الكبيرة كانت بمعرفة أن هذا المنصب محتكر من طائفة غير طائفته!، فما كان عليه إلا أن يستسلم أمام الواقع الطائفي المزري ويختار الهجرة ليُبدع في بلدٍ قدم له ما عجز وطنه الأم عن تقديمه..

أما "ف.ا" فيمتلك 21 سنة خبرة و شهادة دولية وقدم 3 مرات إلى منصب أستاذ ثانوي في ملاك وزارة التربية، إلا أن التركيبة الطائفية الوظائفية أطاحت بطموحه وشرعت له أبواب الهجرة.

بسبب قلة الإحصائات الرسمية، من الصعب إيجاد دراسة حديثة، إلا أن أجدّ دراسة في هذا المجال تشير الى أن عدد وظائف الفئة الأولى في الإدارات والمؤسسات العامة 144 وظيفة تتوزع كالآتي 71 وظيفة للمسيحيين و73 وظيفة للمسلمين، فللموارنة حصة الأسد (44 وظيفة)، السنة (29 وظيفة )، الشيعة (30 وظيفة) إلخ.. و بالرغم من العدد الكبير من الوظائف الحكومية وتعدّد دراجتها، إلا أن 70% منها شاغرة وتنتظر حكومة جديدة لعل سلة التعيينات تبصر النور.

ويا ليت الوضع ينتهي هنا! إلا أن واقع الوزارات والإدارات العامة يرثى له، فمنها ما يحتاج الى تعديل أو إلغاء، بحيث إنها لا تساعد إلا في هدر المال العام، مثل: وزارة المهجرين، ووزارة الإعلام، ومنها ما يحتاج الى تفعيل وإعادة تأهيل، نظراً لأهميتها كوزارة الشباب والمجلس الاقتصادي الاجتماعي.

ومن هنا نطرح العديد من الحلول: أولا إعادة النظر في جميع مراكز الدولة والتخلص من الإدارات الزائدة وتعديل قانون 247 الذي يعنى بالوزارات والمجالس.
ثانيا : تفعيل أجهزة الرقابة ورفع التعطيل السياسي عنهم كالتفتيش المركزي.
ثالثا: إنشاء لجنة وطنية تعنى بالوظائف القيادية العامة التي تضمن وصول الشخص المناسب في المكان المناسب مع مراعاة مبدأ المساواة بين المسلمين والمسيحيين.
أما أخيراً وليس آخراً القضاء على ظاهرة "التوظيف السياسي" و"المحسوبية" الذي يرهق المؤسسات العامة وينعكس سلباً عليها مثلما حصل مع كازينو لبنان وطيران الشرق الأوسط سابقاً.

(لبنان)
المساهمون