الوضع البيئي على المحك

14 ديسمبر 2014
جهود كبيرة لكن مبعثرة (دي أغوستيني/Getty)
+ الخط -
قامت أول حكومة مركزية في العالم على نهر النيل. والجدل الدائر حول ما إذا كانت سودانية أم مصرية، لا ينتقص من حقيقة أنّ الأراضي الرطبة هي مهد الحضارات.

وما كان لقضايا الأراضي الرطبة أن تبرز إلى سطح الحوارات في الآونة الأخيرة، لولا ما اعتراها من تدهور قضى بتهديد التنوع الحيوي في الكثير من البلدان. ويعود ذلك إلى الضغط السكاني على سواحل البحار، ومنابع الأنهار، وغيرها من المجاري المائية، دونما إدارة رشيدة للموارد.

يؤكد الخبير البيئي، عاصم المغربي، أنّ هناك أكثر من تعريف للأراضي الرطبة، تشترك جميعها في أنها أراضٍ تغمرها المياه بصفة دائمة أو مؤقتة، وأنها تشكل مستودعاً للتنوع الحيوي. وتأتي في المرتبة الثانية بعد الغابات المطيرة في النظم الإيكولوجية الإنتاجية.

ويُرجع الخبير، معتصم نمر، أهمية الأراضي الرطبة في السودان لارتباطها بمعظم الأراضي الزراعية والغابات ومناطق المراعي، ومناطق إنتاج الأسماك، وغابات المانجروف، والسواحل البحرية.

وقد تم حصر 30 نوعاً من الأراضي الرطبة في السودان، تغطي 20% مما تبقى من مساحته بعد انفصال الجنوب. وتعترف اتفاقية رامسار للأراضي الرطبة التي وقع عليها السودان (1972) بخمس مجموعات رئيسية، من بينها البيئة البحرية (ساحل البحر الأحمر)، ومصبات الأنهار (الدلتا)، والبحيرات (العذبة والمالحة)، والبيئة النهرية، والمستنقعات التي تغمرها المياه في محمية الدندر (الميعات).

ورغم ما للأراضي الرطبة من قيم مباشرة تتمثل في إنتاج واستهلاك السلع والخدمات (الماء والأدوية والمواد الخام)، والمساهمة في التخفيف من حدة الفقر (زراعة، رعي، صيد)، والقيم غير الاستهلاكية كمواقع الترفيه والتراث، وإشاعة الجمال، والقيم غير المباشرة مثل وظائف النظم الإيكولوجية، إلا أن العلة تكمن في عدم وجود إدارة منفصلة تعنى بهذا الشأن. فهناك جهود كبيرة في هذا المجال لكنها مبعثرة، كما يؤكد الخبير أبو القاسم الجرافي.

يشار إلى أنّ هناك لجنة وطنية للأراضي الرطبة في المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية، يشارك من خلالها في الفعاليات العالمية. بيد أنّ التنسيق بين الجهات المشاركة في اللجنة ضعيف، ما جعل صوتها خافتاً. ويعزو عدد من الأعضاء الأمر إلى تهميش اللجنة، وضعف مواردها المالية.

ومن الواضح أنّ تجفيف الإدارات البيئية الفاعلة، يجعل الشأن البيئي كله على المحك. ولعلّ في تداول قضية الأراضي الرطبة والمهددات التي قد تلحق بالسودان بسبب النشاط الإقليمي المحموم في شأن السدود دقا لناقوس الخطر القادم.

(متخصص في شؤون البيئة)
المساهمون