لا يزال الجزائريون المغتربون يفضّلون تحويل معظم أموالهم عبر طرق غير رسمية إلى بلادهم، وهو ما يترجمه ضعف التحويلات السنوية المسجلة، في وقت كان يمكن لأموال الجالية الجزائرية المقيمة في المهجر أن تكون مورداً نقدياً بديلاً للجزائر التي تعيش ظروفا اقتصادية حرجة.
ولا توجد أرقام رسمية حول حجم التحويلات المالية السنوية للجزائريين المقيمين في الخارج، حيث تُخفي الحكومة البيانات الخاصة بهم، ولكنّ تحقيقا أجراه البنك الدولي بشأن تحويلات الجاليات المقيمة في الخارج من دول منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نشر الشهر الحالي، كشف أن تحويلات الجالية الجزائرية في المهجر للبلاد لم تتجاوز ملياري دولار خلال سنة 2016، وهو نفس الرقم المسجل في سنتي 2015 و2014، وهو ما يمثل 2% من الناتج الداخلي الخام لسنة 2016.
وجاءت الجزائر، حسب البنك الدولي، متأخرة عن كثير من الدول العربية، التي تصدّرتها مصر بـ16.16 مليار دولار، يليها لبنان 7.3 مليارات دولار، وتونس بـ8.1 مليارات دولار، والمغرب بـ7 مليارات دولار، والأردن بـ3 مليارات دولار.
ويربط خبراء اقتصاد والمتتبعون لشأن الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج ضعف التدفق المالي للمهاجرين الجزائريين نحو بلادهم بعدة عوامل، منها الاقتصادية بالدرجة الأولى، ومنها السياسية المتعلقة بنظرة الحكومة لهذه الفئة وما تحمله لها من مشاريع لاستقطاب أموالها.
إلى ذلك، يشير عضو الاتحاد العام للجزائريين في المهجر (جمعية غير حكومية تنشط في أوروبا)، بشير فطومي، إلى أن بدائية النظام المصرفي هي سبب عزوف الجزائريين عن تحويل أموالهم عبر القنوات الرسمية، وهو ما جعل البلاد تخسر مليارات الدولارات سنوياً، رغم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها.
ويعلل فطومي إحجام المغتربين قائلا لـ "العربي الجديد": "لكي يرسل أي جزائري مهاجر أموالا لعائلته أو لأي شخص في الجزائر عليه أن يرسل له أولا دليلاً يثبت مصدر تلك الأموال لكي يقدمها المرسَل له للمصرف الذي يحوز فيه حسابا، ثم بعد ذلك يقوم المصرف بتحويل المبلغ إلى الدينار، أي أنه يمنع أن يسحب المبلغ المُرسل بالعملة الصعبة، حسب قانون النقد الجزائري، وهذا في الحقيقة تعد على الحريات".
وأضاف فطومي أن "سنوات السبعينيات من القرن الماضي كان الجزائريون المقيمون في فرنسا يرسلون وحدهم ما قيمته مليار دولار (من الفرنك الفرنسي القديم) لأن النظام المصرفي كان أكثر مرونة من اليوم".
وبالرغم من الشكاوى المتعددة التي رفعها المهاجرون الجزائريون، خاصة المقيمين في أوروبا، إلا أن أصواتهم لم تجد أي استجابة من الحكومة، وهو ما يترجم حسب الخبراء غياب إرادة سياسية فعلية للتكفل بالجالية التي تعادل 12% من عدد سكان الجزائر.
ووفقاً للخبير الاقتصادي فرحات علي: "لا يمكن أن تسبق تونس على الأقل الجزائر في حجم التحويلات المالية للمهاجرين نحو البلاد، لأنه ببساطة عدد المهاجرين الجزائريين هو ضعف عدد المهاجرين التونسيين، إن لم نقل أكثر من ذلك، فالجزائر تحصي قرابة 7 ملايين شخص مقيم في الخارج، منهم نحو 5 ملايين يقيمون في فرنسا، لو فرضنا أن 5 ملايين من إجمالي المهاجرين البالغين يلتحقون بسوق العمل ويرسلون ألف دولار سنويا على الأقل، لوجدنا 5 مليارات دولار على الأقل تدخل البلاد سنويا".
وقال الخبير الجزائري لـ "العربي الجديد"، السلطات الجزائرية خلال المراحل التي مرت بها عقب الاستقلال لم تحمل نظرة لهذه الفئة من المهاجرين الذين لا تتذكرهم إلا في المواعيد الانتخابية، وأكبر دليل على ذلك أنه لا توجد وزارة تهتم بانشغالات الجالية إلى يومنا هذا".
وأضاف فرحات أنه "كان بإمكان الحكومات المتعاقبة على الأقل أن تسمح للمصارف الجزائرية بفتح شبابيك لها في فرنسا، حتى تستفيد البلاد من أمول المهاجرين الذين أصبحوا يموّلون السوق السوداء للعملة الصعبة، لأنها تقدم لهم أسعارا مرتفعة عن تلك المقدمة في السوق الرسمية، وبالتالي هناك غياب إرادة سياسية للتكفل بالمهاجرين الجزائريين والاستفادة منهم للحد من الأزمة المالية التي تواجه البلاد".
وتعاني الجزائر من ضائقة مالية حادة بسبب تراجع أسعار النفط منذ منتصف عام 2014، وتشير البيانات الرسمية، إلى سرعة تآكل احتياطي العملة الصعبة لدى البنك المركزي، وسط توقعات بلوغ العجز في الميزانية العامة 30 مليار دولار، وأكثر من 15 مليار دولار عجزاً في الميزان التجاري.
وأكد رئيس الوزراء، عبد المالك سلال، مطلع مارس/آذار الماضي، أن احتياطي البلاد بلغ 112 مليار دولار، بنهاية الربع الأول من السنة الحالية. وأوضح سلال أن الحكومة تتوقع نزول احتياطات البلاد إلى 96 مليار دولار، بحلول يوليو/تموز المقبل.
اقــرأ أيضاً
ولا توجد أرقام رسمية حول حجم التحويلات المالية السنوية للجزائريين المقيمين في الخارج، حيث تُخفي الحكومة البيانات الخاصة بهم، ولكنّ تحقيقا أجراه البنك الدولي بشأن تحويلات الجاليات المقيمة في الخارج من دول منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نشر الشهر الحالي، كشف أن تحويلات الجالية الجزائرية في المهجر للبلاد لم تتجاوز ملياري دولار خلال سنة 2016، وهو نفس الرقم المسجل في سنتي 2015 و2014، وهو ما يمثل 2% من الناتج الداخلي الخام لسنة 2016.
وجاءت الجزائر، حسب البنك الدولي، متأخرة عن كثير من الدول العربية، التي تصدّرتها مصر بـ16.16 مليار دولار، يليها لبنان 7.3 مليارات دولار، وتونس بـ8.1 مليارات دولار، والمغرب بـ7 مليارات دولار، والأردن بـ3 مليارات دولار.
ويربط خبراء اقتصاد والمتتبعون لشأن الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج ضعف التدفق المالي للمهاجرين الجزائريين نحو بلادهم بعدة عوامل، منها الاقتصادية بالدرجة الأولى، ومنها السياسية المتعلقة بنظرة الحكومة لهذه الفئة وما تحمله لها من مشاريع لاستقطاب أموالها.
إلى ذلك، يشير عضو الاتحاد العام للجزائريين في المهجر (جمعية غير حكومية تنشط في أوروبا)، بشير فطومي، إلى أن بدائية النظام المصرفي هي سبب عزوف الجزائريين عن تحويل أموالهم عبر القنوات الرسمية، وهو ما جعل البلاد تخسر مليارات الدولارات سنوياً، رغم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها.
ويعلل فطومي إحجام المغتربين قائلا لـ "العربي الجديد": "لكي يرسل أي جزائري مهاجر أموالا لعائلته أو لأي شخص في الجزائر عليه أن يرسل له أولا دليلاً يثبت مصدر تلك الأموال لكي يقدمها المرسَل له للمصرف الذي يحوز فيه حسابا، ثم بعد ذلك يقوم المصرف بتحويل المبلغ إلى الدينار، أي أنه يمنع أن يسحب المبلغ المُرسل بالعملة الصعبة، حسب قانون النقد الجزائري، وهذا في الحقيقة تعد على الحريات".
وأضاف فطومي أن "سنوات السبعينيات من القرن الماضي كان الجزائريون المقيمون في فرنسا يرسلون وحدهم ما قيمته مليار دولار (من الفرنك الفرنسي القديم) لأن النظام المصرفي كان أكثر مرونة من اليوم".
وبالرغم من الشكاوى المتعددة التي رفعها المهاجرون الجزائريون، خاصة المقيمين في أوروبا، إلا أن أصواتهم لم تجد أي استجابة من الحكومة، وهو ما يترجم حسب الخبراء غياب إرادة سياسية فعلية للتكفل بالجالية التي تعادل 12% من عدد سكان الجزائر.
ووفقاً للخبير الاقتصادي فرحات علي: "لا يمكن أن تسبق تونس على الأقل الجزائر في حجم التحويلات المالية للمهاجرين نحو البلاد، لأنه ببساطة عدد المهاجرين الجزائريين هو ضعف عدد المهاجرين التونسيين، إن لم نقل أكثر من ذلك، فالجزائر تحصي قرابة 7 ملايين شخص مقيم في الخارج، منهم نحو 5 ملايين يقيمون في فرنسا، لو فرضنا أن 5 ملايين من إجمالي المهاجرين البالغين يلتحقون بسوق العمل ويرسلون ألف دولار سنويا على الأقل، لوجدنا 5 مليارات دولار على الأقل تدخل البلاد سنويا".
وقال الخبير الجزائري لـ "العربي الجديد"، السلطات الجزائرية خلال المراحل التي مرت بها عقب الاستقلال لم تحمل نظرة لهذه الفئة من المهاجرين الذين لا تتذكرهم إلا في المواعيد الانتخابية، وأكبر دليل على ذلك أنه لا توجد وزارة تهتم بانشغالات الجالية إلى يومنا هذا".
وأضاف فرحات أنه "كان بإمكان الحكومات المتعاقبة على الأقل أن تسمح للمصارف الجزائرية بفتح شبابيك لها في فرنسا، حتى تستفيد البلاد من أمول المهاجرين الذين أصبحوا يموّلون السوق السوداء للعملة الصعبة، لأنها تقدم لهم أسعارا مرتفعة عن تلك المقدمة في السوق الرسمية، وبالتالي هناك غياب إرادة سياسية للتكفل بالمهاجرين الجزائريين والاستفادة منهم للحد من الأزمة المالية التي تواجه البلاد".
وتعاني الجزائر من ضائقة مالية حادة بسبب تراجع أسعار النفط منذ منتصف عام 2014، وتشير البيانات الرسمية، إلى سرعة تآكل احتياطي العملة الصعبة لدى البنك المركزي، وسط توقعات بلوغ العجز في الميزانية العامة 30 مليار دولار، وأكثر من 15 مليار دولار عجزاً في الميزان التجاري.
وأكد رئيس الوزراء، عبد المالك سلال، مطلع مارس/آذار الماضي، أن احتياطي البلاد بلغ 112 مليار دولار، بنهاية الربع الأول من السنة الحالية. وأوضح سلال أن الحكومة تتوقع نزول احتياطات البلاد إلى 96 مليار دولار، بحلول يوليو/تموز المقبل.