المياه الملوثة مأساة جديدة يعاني منها أهالي الرقة السورية

27 اغسطس 2018
حالات تسمم في مدينة الرقة (تويتر)
+ الخط -

تتجدد معاناة أهالي مدينة الرقة السورية يوماً بعد يوم، مع انتشار مخلفات الحرب والألغام في أرجاء المدينة، واكتشاف المزيد من المقابر الجماعية التي تحوي جثث أبنائها المتحللة تحت الأنقاض، ويضاف إلى كل ما سبق آفة الفئران التي تغزوها وتسبب الرعب لأهلها.

وأحدث ما حلّ بالرقة من مشاكل كانت المياه الملوثة التي تسببت في أزمة، خلال اليومين الماضيين، مع تسجيل أكثر من مائة حالة تسمم، تتراوح بين المتوسطة والخطرة، وقعت في حيّ الثكنة وسط المدينة.

ورجح أهالي المدينة أن تكون المياه هي السبب المباشر لحالات التسمم التي وقعت، رغم إشارة بعضهم إلى أنها نتيجة وجبات سريعة يقدمها أحد المطاعم الذي افتُتح حديثا في المدينة.

ويقول جابر أبو هادي (35 عاماً)، لـ"العربي الجديد": "نحن ناس عاديون لا يمكننا معرفة سبب التسمم، لكن من غير الممكن أن يكون سببها المطعم، وفي الوقت ذاته ليست المرة الأولى التي نعاني فيها من قضية مياه الشرب السيئة، فأحيانا كانت تأتينا برائحة كريهة أو تحمل تراباً، لكنها لم تتسبب في أي تسمم سابقاً، ومن الممكن أن يكون هناك خلل ما أدى إلى تلوثها بهذا الشكل".

ويردف أبو هادي "نقلت جاري إلى أحد المستوصفات، بعد شعوره بحالة قيء شديد وشحوب لون وجهه حتى صار أصفر، وكان يعاني من إعياء شديد وغثيان، ولم يعد يقوى على الحركة، ونرجو أن تكون حادثة التسمم قصة طارئة وتمر لأنها لو تفاقمت أكثر فهي مصيبة كبيرة".

ويخبر يزن الحسن (40 عاما) "العربي الجديد" قائلاً: "بغضّ النظر عن أسباب التسمم التي هي بالنسبة لنا سواء، لا أحد يبالي بما يحدث هنا، والمشافي لا تعمل، والحال ليس كما يشاع بأن الرقة تعيش نعيماً تحت سلطة قسد التي يرعاها التحالف الدولي، بل إن الخدمات لا تقارن مطلقاً بالمناطق الكردية أو مراكز سلطة المليشيا. نحن هنا نعيش على الهامش لا أكثر، وحيال العديد من الحوادث التي تمر بها المدينة ترفض قسد التحرك مطلقا ولا تهتم".

وبحسب حملة "الرقة تذبح بصمت"، فإن "قسد" أقدمت على فصل سبعة من كوادر التمريض في مستوصف حيّ المشلب، بعد اتهامهم بتسريب معلومات عن حالات التسمم التي وقعت في الحيّ، في وقت سابق، وبلغ عددها سبع حالات، مع تأكيد نشطاء في المدينة أن السبب المباشر لحالات التسمم هو اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي عند إقدام مجلس المدينة على عمليات صيانة منذ أيام، فسارع المجلس المدني في المدينة إلى النفي واعتبار الأخبار مجرد شائعات لا أكثر، مضيفين أن السبب هو مطعم الحاضري للوجبات السريعة.

وجاء في توضيح للمجلس، عبر موقعه الرسمي، أنه بعد الكشف الذي قام به علي المصطفى، رئيس مكتب الصحة على مطعم الحاضري، تبين أن كافة المعدات ولحوم المطعم كلها سليمة وجيدة، إلا أنه من باب الاحتياط أتلفت اللحوم الباقية وتم تغيير مياه الخزانات وكذلك الزيوت المستخدمة في المطعم. هذا الأمر بدوره يشكل إدانة للمجلس المدني الذي اتهم المطعم ورجح أنه مصدر التسمم، متجاهلاً مسألة المياه الملوثة.

وبالنسبة لكريم محمد (44 عاما) فيقول: "المشاكل لا تنتهي في المدينة، وهذه المشكلة لن تكون الأخيرة، وقسد تتهرب دائماً وتحاول الالتفاف والتغاضي عما يعانيه المدنيون".

ويضيف "الفساد يضرب كافة الهيئات المدنية التي تعود لقسد، من المشافي إلى المجلس المدني حتى الأمور الخدمية، وبالتالي لن يعترفوا مطلقا بأن سبب التلوث هو المياه، وسيضعون مئات الحجج والأعذار لتبرئة أنفسهم".
دلالات
المساهمون