المعركة الثقافية والقضية المِحَك

25 يوليو 2019
ناجي العلي
+ الخط -

الثقافة هي إحدى الجبهات المركزية للصراعات السياسية الكبرى، لاسيما تلك المتعلقة بالتحرر وبالأرض، كما كان بالأمس شأن حرب التحرير في الجزائر واليوم حال القضية الفلسطينية التي لا يمكن الفصل فيها بين الجانب النضالي السياسي بمختلف تعبيراته والجانب الثقافي (التاريخ، الفنون، العادات والتقاليد، الأدب...).

فالنضال الثقافي ساحة مركزية لكسب معركة الوجود والوعي والشرعية. وعليه فإن المعركة السياسية في بعدها الثقافي ليست حكراً على المثقف كفرد فقط، بل ذات بعد جماعي أيضاً، وإن كان المثقف بوصفه كائناً ذا رمزية يلعب أو يُنتظر منه أن يلعب الدور الطلائعي في هذا المجال باعتبار أنه يمتلك كفاءة نوعية ورمزية تميّزه عن بقية أفراد المجتمع.

إلا أن أداء المثقف - وأداء الثقافة ككل - لا ينعزل عن ميزان قوى ذي طابع غير ثقافي ولكنه مؤثر في المجال الثقافي، وهو ميزان قوى ذو بعد سياسي ومالي وعسكري، محلي وعالمي. والمهم في الأمر أنه في غير صالح القضية الفلسطينية حالياً، مما يفسر، ولكن لا يبرر بالضرورة، انحسار صوت المثقف العربي إزاء القضية الفلسطينية.

فعلى الصعيد العالمي نعرف جميعاً دور النفوذ الصهيوني في جميع المجالات، مما يجعل دور المثقف العربي المغترب وبروزه محكوماً بمدى تعارضه أو توافقه مع مصالح الدولة الصهيونية على صعيد الخطاب السياسي والأيديولوجي. وهذا ما يفسر أن الوجود الكبير في الغرب لمثقفين عرب معروفين لم يعد بفائدة معادلة للقضية الفلسطينية، مع استثناءات قليلة، أبرزها على الأرجح تجربة إدوارد سعيد، أما الغالبية العظمى من المثقفين المغتربين المعروفين، مثل أمين معلوف والطاهر بن جلون وأمثالهم، فإن أسماءهم لم ترتبط حقيقة بموقفها من القضية الفلسطينية، القضية المحك بالنسبة للوبي الصهيوني العالمي.


* روائي جزائري

المساهمون