03 نوفمبر 2024
اللجنة الدستورية وإرادة السوريين
انتهى الإعلام من تداول قضية بلدة خان شيخون السورية التي دخلتها قوات النظام بعد تدمير بيوتها وتهجير أهلها. وقضمت مناطق ريف حماه الشمالي، ومعظم الريف الجنوبي لإدلب، ثم بدأت التحرّكات السياسية بالقمة الثلاثية في إسطنبول منتصف سبتمبر/ أيلول الحالي بين الرؤساء الروسي بوتين والإيراني روحاني والتركي أردوغان، ثم اجتماعات الأمم المتحدة التي تستقطب عادة كثيرين من قادة الدول، ويجري الحديث بينهم عن الأوضاع المتدهورة في سورية، من دون أن تتوقف الهجمات الجوية على مناطق المعارضة في الشمال، والتي تشي بنوايا النظام في اجتياح مزيدٍ من المساحات، فهو يركّز على الريف الشرقي للاذقية ومحور جسر الشغور، ويتابع توجيه براميله المتفجرة إلى الريف الجنوبي لإدلب، وعينه على معرّة النعمان وما يحيط بها، وهو يرغب بالتقدّم وصولاً إلى جسر الشغور، لتأمين ثغور حاضنته الطبيعية في اللاذقية.
لم تسعف قمة اسطنبول بتأشير إلى ما يمكن أن يحدث، فتكرّرت فيها تأكيداتٌ سابقة عن وحدة سورية والحل السياسي. أما اجتماعات الأمم المتحدة فطغى عليها ملف العلاقات الإيرانية الأميركية، ولكنها حملت إعلاناً عاماً، بالاتفاق النهائي على تشكيل اللجنة الدستورية، بحيث يختم هذا الإعلان مخاضاً طويلاً، وهو الخطوة الأولى المفترضة للحل السياسي السوري المنشود.
في شوارع دمشق هناك ما هو أهم من أخبار اللجنة الدستورية، فلدى مواطن مناطق النظام هواجس بشأن قيمة العملة التي يسجل انخفاضها أرقاماً قياسية، حتى تجاوز سعر الدولار في بعض النشرات ستمائة ليرة سورية. ويتابع السوريون مسرحيات اعتادوا عليها، وهي حملات مكافحة الفساد، وقد حملت الحملة أخيرا عناوين شائقة باعتقال أسماء تُعتبر من عظام رقبة النظام، أو الحجر عليها، ولكن هذه الأخبار لم تُحسن أسعار الصرف المرتبطة فيما يبدو بأحداث اقتصادية وعسكرية تتجاوز توقيف ابن خال الرئيس أو ابن عمته. والمواطن الغارق في متابعة هذه الأخبار عبر وسائله الخاصة، وليس عبر وسائل إعلام النظام، همّه الأساسي، وقد بدأت مقدّمات الشتاء، تأمين الوقود ومستلزمات البرد في ظل فقدان أساسياتٍ كثيرة، وخبر تشكيل اللجنة الدستورية، سيمر عليه بسرعة من دون أن ينشئ موقفاً محدّداً لديه.
أما السوري الآخر الموجود خلف الحدود في مخيم ما، أو يصارع سلطات الهجرة ليضمن لنفسه مكاناً دائماً، آمناً ودافئاً، فحين يقرأ خبر الإعلان عن اتفاق تشكيل اللجنة الدستورية، ويسمع الأمم المتحدة تردّد أن هذه اللحظة السورية حاسمة بتسمية اللجنة، ورضى الجميع عنها، يمكن أن يتذكّر مشقة هجرته، وسلسلة معاناته الطويلة. ولكنه سيفضل بالتأكيد أن يتابع الركض هنا وهناك، ليضمن مكاناً له في أوروبا، أو ليؤمن رقعة أكثر تحصيناً في أحد المخيمات التي يقطنها، ويبقى خبر تشكيل اللجنة مجرّد كلام ينفع لتلوكه الإذاعات، وتعرضه الشاشات.
لا بد أن المجتمع الدولي الآن يشعر براحةٍ ما، وقد أزاح عن ضميره بعض العذاب، وهو يعلن أن اللجنة الدستورية أصبحت حقيقة واقعة بأسماء أفرادها المائة والخمسين. وقد يزيح القضية السورية لتصبح ثالثة أو رابعة في سلم أولياته، فاللجنة، أو العصا السحرية، ستقوم بعملها الآن، وستصدر الوثيقة القانونية المرجعية التي ستحكُم علاقات الشعب وسلطاته، وستبين كيفية انتقاء هذه السلطات، وسيذهب المواطن المفترض إلى أقرب صندوق ليدلي بأحلامه الوردية التي ستتحقق سريعاً. أما في الواقع، فالسوريون الذين داهمهم هذا الخبر يعرفون جيداً أن اللجنة الدستورية واجتماعاتها لن تغير شيئاً، والمواطن الآن بحاجة إلى ما هو أكثر إلحاحاً من كلام سياسي غير فعَّال. ولدى المهتمين من السوريين ملاحظات على اللجنة وعلى أشخاصها وعلى طريقة اجتماعاتها ورئاستها، ولدى آخرين هواجس المعارك القادمة في الشمال وفي الشرق. ولدى الكثيرين، وهمُ آلاف المعتقلين المنتظرين في السجون، ولدى الغالبية، خوف كبير وحقيقي من أن تتحول قضيتهم إلى بندٍ لتسوية حساباتٍ أخرى.
في شوارع دمشق هناك ما هو أهم من أخبار اللجنة الدستورية، فلدى مواطن مناطق النظام هواجس بشأن قيمة العملة التي يسجل انخفاضها أرقاماً قياسية، حتى تجاوز سعر الدولار في بعض النشرات ستمائة ليرة سورية. ويتابع السوريون مسرحيات اعتادوا عليها، وهي حملات مكافحة الفساد، وقد حملت الحملة أخيرا عناوين شائقة باعتقال أسماء تُعتبر من عظام رقبة النظام، أو الحجر عليها، ولكن هذه الأخبار لم تُحسن أسعار الصرف المرتبطة فيما يبدو بأحداث اقتصادية وعسكرية تتجاوز توقيف ابن خال الرئيس أو ابن عمته. والمواطن الغارق في متابعة هذه الأخبار عبر وسائله الخاصة، وليس عبر وسائل إعلام النظام، همّه الأساسي، وقد بدأت مقدّمات الشتاء، تأمين الوقود ومستلزمات البرد في ظل فقدان أساسياتٍ كثيرة، وخبر تشكيل اللجنة الدستورية، سيمر عليه بسرعة من دون أن ينشئ موقفاً محدّداً لديه.
أما السوري الآخر الموجود خلف الحدود في مخيم ما، أو يصارع سلطات الهجرة ليضمن لنفسه مكاناً دائماً، آمناً ودافئاً، فحين يقرأ خبر الإعلان عن اتفاق تشكيل اللجنة الدستورية، ويسمع الأمم المتحدة تردّد أن هذه اللحظة السورية حاسمة بتسمية اللجنة، ورضى الجميع عنها، يمكن أن يتذكّر مشقة هجرته، وسلسلة معاناته الطويلة. ولكنه سيفضل بالتأكيد أن يتابع الركض هنا وهناك، ليضمن مكاناً له في أوروبا، أو ليؤمن رقعة أكثر تحصيناً في أحد المخيمات التي يقطنها، ويبقى خبر تشكيل اللجنة مجرّد كلام ينفع لتلوكه الإذاعات، وتعرضه الشاشات.
لا بد أن المجتمع الدولي الآن يشعر براحةٍ ما، وقد أزاح عن ضميره بعض العذاب، وهو يعلن أن اللجنة الدستورية أصبحت حقيقة واقعة بأسماء أفرادها المائة والخمسين. وقد يزيح القضية السورية لتصبح ثالثة أو رابعة في سلم أولياته، فاللجنة، أو العصا السحرية، ستقوم بعملها الآن، وستصدر الوثيقة القانونية المرجعية التي ستحكُم علاقات الشعب وسلطاته، وستبين كيفية انتقاء هذه السلطات، وسيذهب المواطن المفترض إلى أقرب صندوق ليدلي بأحلامه الوردية التي ستتحقق سريعاً. أما في الواقع، فالسوريون الذين داهمهم هذا الخبر يعرفون جيداً أن اللجنة الدستورية واجتماعاتها لن تغير شيئاً، والمواطن الآن بحاجة إلى ما هو أكثر إلحاحاً من كلام سياسي غير فعَّال. ولدى المهتمين من السوريين ملاحظات على اللجنة وعلى أشخاصها وعلى طريقة اجتماعاتها ورئاستها، ولدى آخرين هواجس المعارك القادمة في الشمال وفي الشرق. ولدى الكثيرين، وهمُ آلاف المعتقلين المنتظرين في السجون، ولدى الغالبية، خوف كبير وحقيقي من أن تتحول قضيتهم إلى بندٍ لتسوية حساباتٍ أخرى.