الكتابة والأخلاق: ذلك الخلل

15 ابريل 2015
سبهان آدم / سورية
+ الخط -

حين مُنحت لإزرا باوند جائزة "بولنجتون" عام 1949 عن ديوان "أغاني بيزا"، أثار القرار غضب نقاد كثر في أميركا، لأن الشاعر كان قد دافع عن الفاشية وساند موسوليني وهتلر في الحرب العالمية الثانية. وإثر ذلك، وجد النقاد الأميركيون أنفسهم في جدل نقدي حول مسألة التمييز بين علاقة الجماليات بالأخلاقيات السياسية للشاعر والفنان عموماً. سؤال بات يخصنا عربياً في السنوات الأخيرة.

حاول النقد الشكلاني ثم البنيوي تجنب مثل هذه الإشكاليات، التي بدت لهما في غير محلّها، وأنها لا تنتمي إلى مجال الأدب، والجماليات عموماً. ففي نظرهما، الشعر بريء من أي موقف أخلاقي أو سياسي يمكن للشاعر أن يتخذه في مساره الحياتي. وبالتالي، لا يُفقِد أي موقف الشعر قيمته.

لكن، ألا يشكل هذا نوعاً من تبرير انحرافات الشعر، خصوصاً حين يدوس على القيم الإنسانية؟ أليست خدمة تُسدى للسلطة – السياسية طبعاً – لممارسة سلطتها بعيداً عن أعين النقاد؟

لقد ذكر المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد حادثة رواها له أحد أصدقائه الذي كان يعمل في وزارة الدفاع الأميركية في فترة الحرب الفيتنامية، ومفادها أن هذا الصديق دخل مرةً إلى مكتب وزير الدفاع الأميركي، فوجد فوق مكتبه رواية "الرباعية الإسكندرية" للورانس داريل، ما جعله يتساءل: أليس هناك خللٌ ما حين نجد رواية جميلة فوق مكتب شخص وظيفته أن يأمر أسراب الطائرات الأميركية بقصف قرى فيتنام؟

* ناقد من الجزائر 

المساهمون