الفلسطينيون والبعث

08 ابريل 2015
تظاهرة تضامنية مع المخيم في الضفة الغربية (الأناضول)
+ الخط -
يختصر الفلسطينيون اللاجئون إلى سورية، معنى أن يكون الإنسان متروكاً وحيداً لمواجهة آلة قتل. ويُمثّل مخيم اليرموك رمز اللجوء الفلسطيني إلى سورية. منذ نهاية عام 2012، تحوّل المخيم إلى هدف لآلة القتل التابعة للنظام السوري. استُهدف المخيم بغارات الطائرات والبراميل المتفجرة والقصف المدفعي، لكن أسوأ ما عانى منه على الإطلاق، كان الحصار القاتل الذي قاده النظام والمليشيات المتحالفة معه، الفلسطينية وغير الفلسطينية. وصل عدد ضحايا الحصار والجوع إلى 164 ضحية منتصف فبراير/شباط الماضي، بحسب "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية".

لكن القتل لم يكن محصوراً بقذائف النظام. تعرّف أبناء المخيم إلى عدد المفقودين، بين صور "قيصر" التي كشفت آلاف ضحايا التعذيب في السجون السورية (قيصر هو أحد رجال النظام السوري الذي وثق صور قتلى التعذيب وانشق عنه وقدّم الصور إلى الأمم المتحدة). ومنذ أسبوع، بدأت تنظيم الدولة الإسلاميّة "داعش" هجوماً على المخيم. سانده النظام قصفاً، وجبهة النصرة عبر منع قوات من المعارضة السورية من مساندة قوات "أكناف بيت المقدس" التي تُدافع عن المخيم. قليلة هي الصور التي تصل من المخيم حالياً. لكن ما يصل يُظهر حجم دمار هائل، وإجرام لا سابق له. يختصر مخيم اليرموك، علاقة الفلسطينيين بالنظام السوري وما يمثله. هذا النظام، الذي حمل فلسطين كشمّاعة، مارس قتلاً وإجراماً متنقلاً بحق الفلسطينيين، من مخيم تل الزعتر شرقي بيروت عام 1976، إلى المعركة مع حركة فتح عام 1983 وما تلاها من لبنان وسورية من قتل واعتقالات لآلاف الفلسطينيين، والتي توّجت بحرب المخيمات.

ولم ينس هذا النظام، دعم انشقاقات صغيرة، في مختلف حركات المقاومة الفلسطينية، وهذه الانشقاقات كانت مبعثاً للإجرام بحق الفلسطينيين، ومن أبرز نتائجها تدمير مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين عام 2007، في طرابلس شمالي لبنان، بعد سيطرة مجموعة "فتح الإسلام" على مواقع "فتح الانتفاضة". واليوم، يُتوّج النظام السوري مسيرته في قتل الفلسطينيين والمتاجرة بالقضية، عبر فتح طريق لـ"داعش" من الحجر الأسود إلى المخيم.
المساهمون