الفلسطينيون وخطوات ما بعد قرار الجمعية العامة: فرصة لحراك سياسي وقانوني

23 ديسمبر 2017
عباس وماكرون أثناء لقائهما أمس (باتريك كوفاريك/فرانس برس)
+ الخط -

بدا واضحاً أن السلطة الفلسطينية لن تتأخر في توظيف قرار الجمعية العامة، يوم الخميس الماضي، لصالح ممارسة المزيد من الضغط بخصوص القضية الفلسطينية والقدس المحتلة تحديداً، وهو ما ظهر في حديث الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أثناء زيارته فرنسا، أمس الجمعة، ولقائه رئيسها إيمانويل ماكرون.

في هذا السياق، جدّد عباس، رفضه وساطة الإدارة الأميركية، لأي عملية سلام بسبب خرقها للقانون الدولي، لكن هذه المرة من على منصة قصر الإليزيه في باريس. وقال: "128 صوتاً (دولة) دعمت مشروع القرار الخاص بالقدس في الجمعية العامة للأمم المتحدة"، مشيراً إلى أنه "بدأنا في مجلس الأمن ثم في الجمعية العامة مرتين وهذه الثالثة، وسنستمر في جهودنا". وأضاف أنه "هذه المرة متحدون من أجل السلام، وآمل أن يتعظ الآخرون، فلا يمكن أن تُفرض مواقف على العالم بالمال". وتابع خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع ماكرون، أنه "لن نقبل أي خطة من الولايات المتحدة بسبب انحيازها وخرقها للقانون الدولي، فمن ينتهك جميع القرارات الدولية لا أعتقد أنه قادر على إيجاد حل في الشرق الأوسط".

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتمعت مساء الخميس، تحت بند "متحدون من أجل السلام"، وحظي مشروع مضاد للقرار الأميركي حول القدس بأغلبية كبيرة في الجمعية العامة، إذ نصّ على "رفض أي تغيير على الوضع القانوني للقدس، وعلى اعتبار أية إجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس المحتلة لاغية وباطلة". ما عنى أن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مرفوض دولياً، وغير مقبول تنفيذه على الأرض. وقد حظي مشروع القرار بدعم 128 دولة، ومعارضة تسع دول فقط، فيما امتنعت 35 دولة عن التصويت. ووفق ما أظهرت لوحة التصويت التابعة للأمم المتحدة، فإن الدول التي عارضت مشروع القرار هي: غواتيمالا، وهندوراس، وجزر مارشال، وميكرونيزيا، وناورو، وبالاو، وتوغو، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.

واتضح أن الدول التي امتنعت عن التصويت 35 دولة هي: أفغانستان، وأنتيغواـ باربودا، والأرجنتين، وأستراليا، والباهاماس، وبنين، وبوتان، والبوسنة والهرسك، وكندا، وكرواتيا، وتشيكيا، والدومينيكان، وغينيا الاستوائية، وفيجي، وهايتي، والمجر، وجامايكا، وكيريباتي، ولاتفيا، وليسوتو، ومالاوي، ومالي، والمكسيك، وبنما، والباراغواي، والفيليبين، وبولندا، ورومانيا، ورواندا، وجزر سليمان، وجنوب السودان، وترينيداد توباغو، وتوفالو، وأوغندا، وفانواتو.



وعلّق مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للعلاقات متعددة الأطراف، السفير عمار حجازي لـ"العربي الجديد"، على خارطة التصويت قائلاً: "كان من اللافت ما قامت به توغو، وهي دولة إسلامية شاركت في قمة الدول الإسلامية في تركيا في 13 من ديسمبر/كانون الأول الحالي، لكنها صوّتت ضد القرار في الجمعية العامة. أما المفاجأة الإيجابية فكانت في امتناع كندا وأستراليا عن التصويت بالرغم من أنهما صوّتتا ضد فلسطين في الجمعية العامة قبلها بيوم، ومفاجأة أخرى كانت في امتناع المكسيك عن التصويت، وغياب أوكرانيا التي كان من الواضح أنها لا تريد تحدي أميركا وقررت الغياب". وتابع: "كان هناك غياب للعديد من الدول الأفريقية عن التصويت". وأضاف أن "العديد من خبراء القانون الدولي، رأوا أن كسب معركة التصويت في الجمعية العامة مساء الخميس، فتح المجال أمام القيادة الفلسطينية لخوض معركة سياسية وقانونية ودبلوماسية على مصراعيها، في ظل زخم دولي مساند للفلسطينيين ورافض للقرار الأميركي تجاه القدس".

وحول أجندة عمل وزارة الخارجية الفلسطينية في الفترة المقبلة، أشار حجازي إلى أنه "بعد قرار الجمعية العامة بات المجال مفتوحاً وواسعاً أمام الجبهة القانونية الفلسطينية، وهي جبهة فيها كثير من الأمور التي يستطيع الفلسطينيون فعلها". وأردف أن "أهم شيء بداية هو مساءلة الاحتلال على كل جرائمه من خلال المنظومة الدولية ككل، ما يعني بالضرورة تفعيل عدد من الاتفاقيات والآليات الموجودة في هذه الاتفاقيات لوضعها موضع التنفيذ مثل قانون البحار، والتسلح والبيئة وغيرها".

وأوضح أنه "مثلاً في قانون البحار، نحن نقول إن حدودنا المائية يجب أن تحترم، وإن هناك محكمة مختصة بقانون البحار، واسرائيل تعتدي على الحدود المائية على فلسطين التي يجب أن يتم ترسيمها، فضلاً عن وجود آليات للشكاوى على الدول التي تنتهك القانون مثل الألغام والأسلحة والبيئة"، مشيراً إلى "ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي من زراعة الأغوار الفلسطينية بالألغام، ما يعتبر انتهاكا للقانون الدولي، لأنها أرض فلسطينية حسب قرارات الأمم المتحدة".



وذكر حجازي أن "من أهم ما ترتب على قرار الجمعية العامة، هو الضغط على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، لفتح تحقيق جدي في جرائم الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما أن الفلسطينيين قدموا جميع الأوراق اللازمة حول ملفات مهمة هي الاستيطان والأسرى والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة".

ولفت إلى أن "المشكلة تكمن في تلكؤ مكتب المدعية العامة بفتح تحقيق حتى الآن، على الرغم من كل الشواهد القانونية المنصوص عليها في ميثاق روما وآليات عمل مكتب المدعية العامة، إلا أنه حتى اللحظة ما زالت المدعية العامة عاجزة عن فتح تحقيق، لكن حالياً يمكن الدفع باتجاه فتح تحقيق استنادا إلى قرار الجمعية العامة مساء الخميس".

ودعا حجازي: "المدعية العامة فاتو بنسودا إلى فتح تحقيق حول جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أقرب وقت ممكن". وظهر أن أجندة الخارجية الفلسطينية لن تتوقف حول ما ذكر فقط، بل تعكف الوزارة على الحصول على رد من الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد سيل الشتائم والتهديد الذي وجهه للجمعية رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومندوب إسرائيل في الأمم المتحدة مساء الخميس.
وقال حجازي في هذا السياق: "أصبح لزاماً مساءلة الجمعية العامة بعد ما سمعناه من المندوب الأميركي ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أن التصويت على القرار مساء الخميس، كان مسرحية السخافات كما قال نتنياهو، فضلاً عن تصريح مندوب إسرائيل في الجمعية العامة، بأن هذا القرار مصيره إلى المزبلة مثل بقية القرارات التي تتحدث عن الحقوق الفلسطينية". وتابع أن "إسرائيل كل شرعيتها مستمدة من الألف إلى الياء من قرار الأمم المتحدة 181 وإعلان استقلالها ينص على أنه جاء استناداً إلى قرار الجمعية العامة، لكنها اليوم تريد قرارات على مقاسها وترفض أي قرارات لا تنسجم مع برنامجها الاستعماري العنصري". وأكد أنه "سنأخذ هذه التصريحات إلى الجمعية العامة ونطالبها بالرد عليها".



المساهمون