الفقر ينعش تجارة الأعضاء البشرية في اليمن

22 سبتمبر 2014
من مظاهر الفقر في اليمن(أرشيف/Getty)
+ الخط -


صنفت اليمن ضمن أسوأ سبع دول عربية تشهد اتجاراً بأعضاء البشر في العالم، وفقاً لتقرير الخارجية الأميركية السنوي عن واقع هذه التجارة في العالم، في يوليو/تموز 2014. وبدأ الحديث عن وجود الظاهرة منذ عام 2009 من خلال منظمات مدنية، كشفت عن مافيا عربية للاتجار بالأعضاء البشرية تصطاد فقراء اليمن، الذين يقعون ضحايا قبل أن يدفعهم الفقر إلى التحول إلى سماسرة. 
ويؤكد رئيس المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، علي الجلعي، لـ"العربي الجديد"، تفشي حالات تجارة الأعضاء البشرية، أبرزها بيع الكلى، عن طريق عصابات منظمة تستدرج الضحايا، لتحقيق مكاسب شخصية، مشيراً إلى أنه تم رصد أكثر من ألف حالة من هذا النوع.
وقال رئيس المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، نبيل فاضل، لـ"العربي الجديد": "هناك سماسرة يمارسون بيع وشراء الأعضاء البشرية من أجل الحصول على مبالغ طائلة من دول عربية وأجنبية، مشيراً إلى "تحول ثمانين شخصاً من ضحايا الاتجار بالبشر إلى سماسرة بيد عصابات، من أجل حصولهم على مبالغ مالية تتراوح ما بين ألف وألفي دولار".
وقدر فاضل عدد الضحايا بنحو خمسة آلاف حالة. وأكد رصد ألف حالة من إجمالي الضحايا معظمهم تم اجراء عمليات لهم في مستشفيات بمصر، موضحاً أن مستشفى كبيراً في منطقة حدائق القبة في العاصمة المصرية القاهرة، يقف وراء أكثر من %90 من عمليات نقل الأعضاء ليمنيين. ويبلغ عدد مرضى الفشل الكلوي في اليمن عشرين ألف شخص وفقاً لتقرير صادر عن وزارة الصحة عام 2012 .
ويقول فاضل: "الكثير من حالات بيع الأعضاء تأتي من قبل شباب لا تتجاوز أعمارهم العشرين عاماً، هؤلاء الشباب لم يجدوا فرصة للعمل واضطرتهم الظروف لبيع أعضائهم".
وأشار إلى أن الصراعات الداخلية ساهمت في انتشار الظاهرة؛ بفعل النزوح الداخلي وزيادة معدلات الفقر الناتجة عن الحروب والأزمات.
وكشف فاضل عن إحالة مائة شخص من تجار الأعضاء البشرية إلى النيابة. وقال فاضل لـ"العربي الجديد": "للأسف النيابة أفرجت عنهم بحجة عدم وجود مادة قانونية تجرم الاتجار بالأعضاء البشرية".
ولا توجد إحصائية رسمية بعدد الضحايا، لكن مسؤول ملف مكافحة الاتجار بالبشر في البحث الجنائي بوزارة الداخلية، العقيد الركن محمد أحمد الصباري، أكد لـ"العربي الجديد" وجود 157 حالة فقط، وأن القانون اليمني لا ينص على تجريم الاتجار بالأعضاء البشرية، مما يدفع القضاة للإفراج عن بائعي الكلى.
وكانت الحكومة وتحت ضغط المنظمات المدنية أنجزت مشروع قانون لمحاربة الظاهرة بواسطة لجنة حكومية فنية لمحاربة الاتجار بالبشر ترأستها وزيرة حقوق الانسان، فقد أصدر رئيس الحكومة اليمنية محمد سالم باسندوة قراراً في أكتوبر/تشرين الأول عام 2012، بتشكيل لجنة وطنية فنية لمحاربة الاتجار بالبشر من 19 عضواً ترأستها وزيرة حقوق الإنسان، وأوكل إليها مهمة إعداد مشروع قانون لمحاربة الظاهرة، واستراتيجية شاملة لمواجهتها.
وقد استغرق إعداد مشروع القانون نحو عامين، إذ تم استقدام خبراء دوليين وتنظيم دورات متخصصة لأعضاء اللجنة في دول أجنبية، وفي يوليو/تموز الماضي وافق مجلس الوزراء اليمني على القانون قبل إحالته إلى مجلس النواب (البرلمان). ويكشف علي الجلعي، العضو في اللجنة الحكومية، عن أن "مشروع القانون يجرم الاتجار بالبشر، وأن العقوبة تصل إلى الإعدام".
واعترفت الحكومة اليمنية في عام 2012 لأول مرة بانتشار ظاهرة الاتجار بالأعضاء البشرية، فقد أكد تقرير قدمه وزير الصحة والسكان اليمني الدكتور أحمد العنسي، قيام عصابات بتهريب يمنيين من داخل البلد إلى مصر لغرض المتاجرة بأعضائهم البشرية.
ونهاية عام 2013، اتخذت السلطات اليمنية إجراءات للحد من عملية الاتجار بالأعضاء البشرية، فقد أصدرت وزارة العدل قرارات إلى جميع المحاكم بعدم الموافقة على أي تنازل أو تبرّع يتعلّق بالأعضاء البشرية، إلا بعد موافقة وزارة الصحة العامة. وكانت الأجهزة الأمنية في اليمن أكدت أنها ضبطت نشاط العديد من العصابات المنظمة تخصصت في الاتجار بالأعضاء البشرية، وبيع الأعضاء إلى دول عدة، أبرزها مصر.
وأعلنت الأجهزة الأمنية اليمنية أنها تمكنت خلال السنتين الماضيتين من ضبط شبكة كبيرة للاتجار بالأعضاء البشرية، وذلك عبر الإيقاع بالضحايا وتسفيرهم إلى القاهرة لاستئصال الكلى، مقابل مبلغ مالي لا يتجاوز ثلاثة آلاف دولار.
وأرجعت الأجهزة الأمنية تفشي الظاهرة نتيجة استغلال تلك العصابات للأوضاع المعيشية السيئة للضحايا.
وبحسب اعترافات حصل عليها رجال البحث الجنائي في اليمن من أحد أفراد الشبكة وهو يمني الجنسية، فإن العملية تجري بنقل الضحايا إلى القاهرة عن طريق سماسرة في اليمن. واعترف المتهم ببيع إحدى كليتيه بمبلغ سبعة آلاف دولار، قبل أن يتحول من ضحية الى سمسار مقابل عمولة ألف دولار أميركي عن كل شخص، وأشارت الاعترافات إلى أن أكثر من 400 يمني تم استدراجهم إلى مصر خلال العامين الماضيين.
دلالات
المساهمون