استضافت عمّان، اليوم السبت، فعاليات ندوة: "العلاقات العربية الإقليمية... الواقع والآفاق"، التي ينظمها مركز دراسات الشرق الأوسط، بمشاركة أكثر من 80 شخصية أكاديمية وسياسية أردنية وعربية.
ورأى المشاركون، خلال ندوة "العلاقات العربية - الإقليمية"، أن فقدان العرب زمام المبادرة وغياب مشروع عربي يواجه مشاريع القوى الإقليمية جعلاهم فريسة لتلك المشاريع بأبعادها السياسية والاقتصادية والأمنية، داعين إلى تبنّي مقاربة جديدة في العلاقات العربية - الإقليمية تغادر الهواجس التاريخية والمخاوف المذهبية و"أوهام السلام".
وركّزت الندوة على العلاقات العربية - التركية، والعربية - الإيرانية، والعربية - الإسرائيلية، والعلاقات مع إثيوبيا ودول الجوار الأفريقي، وانعكاساتها على الأمن والسلام، والصراع على المياه.
وانتقد رئيس الوزراء الأردني الأسبق، أحمد عبيدات، عدم قدرة العرب على متطلباتهم في إدارة علاقاتهم مع الدول الإقليمية، فعلى صعيد العلاقة مع تركيا قال "علينا أن نسأل أنفسنا أولاً ماذا يريد العرب من تركيا باعتبارها دولة من دول الإقليم الأساسية، وهي دولة لها حدود مع سورية والعراق، وتشكّل مسألة السدود التركية ومياه الفرات قضية جوهرية في علاقات الدول الثلاث، إذ يمكن أن تشكل الأنهار جسراً تقوم عليه مشروعات تنمية مشتركة تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار والسلام، وقد تصبح سبباً من أسباب النزاع".
وتابع: "يبقى السؤال الأهم في هذه العلاقة، هل نحمل التاريخ على ظهورنا أم ننظر إلى تركيا بمنظار استراتيجي يأخذ بعين الاعتبار الوضع الجيوسياسي وموازين القوى والمصالح الاقتصادية والإرث الثقافي المشترك؟".
وذهب عبيدات لاعتبار العلاقة مع إيران "وقد أصبحت قوة إقليمية لها حضور وطموحات، إن لم نقل أطماع" أكثر تعقيداً من العلاقة مع تركيا.
ودلل على الأزمة السورية كمؤشر على فقدان العرب زمام المبادرة، قائلاً "أما وقد تم تدويل الأزمة السورية، وأصبح قرار النظام السياسي والعسكري قراراً روسياً بامتياز، وقرار المعارضة بشقيها السياسي والعسكري قراراً أميركياً، علينا أن نعترف أن الدول العربية فقدت المبادرة منذ البداية، ولم تكن أصلاً تمتلك مشروعاً يواجه المشروع الإقليمي في المنطقة".
وحضّ على تبنّي استراتيجية جديدة للتعامل مع الحالة الإيرانية، وتقليل الخسائر في الجبهات المختلفة، جازماً بأن وقف الحرب في اليمن ووضع حد لنزيف الدم العربي أولوية للخروج من المأزق العربي.
وشدّد عبيدات على أن أسوأ خيار في التعامل مع إيران هو التعامل معها من منظور مذهبي، قائلاً "هذا الخيار شرك نصبته الدوائر الصهيونية للعرب والمسلمين".
ووضع عبيدات الكيان الصهيوني على رأس المخاطر التي تواجه العرب والإقليم، داعياً إلى أن تنصبّ العلاقة العربية مع الكيان على دعم صمود الشعب الفلسطيني المصمم في غالبيته على تحرير أرضه والمتمسك بحقوقه الثابتة، لا أن "تتواطأ الدول العربية مع العدو في محاصرة قطاع عزة وتجويعه وممارسة الضغط على الشعب الفلسطيني للتنازل عن حقوقه".
أما وزير الخارجية الأردني الأسبق كامل أبو جابر، فقد أكد أن اللوم الأكبر في خروج العرب من دائرة التأثير يتحملونه هم أنفسهم، قبل الغرب وإسرائيل.
وقال: "نشاهد كيف تفاوض دول الجوار مع بعضها ومع دول العالم على مستقبلنا وحياتنا ومواردنا"، محملاً غياب المشروع العربي المسؤولية الكاملة عن تمدد المشاريع الإقليمية، سواء لإيران أو تركيا أو إسرائيل، وحتى إثيوبيا، متسائلاً أمام هذا الواقع "هل نحن قادرون على حماية منطقتنا؟".
من جهته، رأى رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، جواد الحمد، أن الخلافات المستمرة بين مختلف الدول العربية، التي كان آخرها بين دول مجلس التعاون الخليجي، "شكّلت معول إضعاف وتشتيت للجهد العربي واستنزاف للطاقات والموارد بعيداً عن استثمارها في بناء علاقات عربية - إقليمية مستقرة وآمنة تحقق المصالح العليا لجميع الدول العربية".