إشادة جزائرية بأدوار الوساطة العمانية.. هل حمّلت الجزائر مسقط رسائل سياسية إلى طرفٍ ما؟
استمع إلى الملخص
- يعكس التقارب الجزائري العماني تقاطع مبادئ السياسة الخارجية، مع التركيز على عدم التدخل ودعم الحوار، مما يتيح لعمان دور الوسيط بين الجزائر والإمارات.
- تم توقيع ثماني اتفاقيات تعاون اقتصادي بين الجزائر وعمان، تشمل إنشاء صندوق استثماري مشترك لتعزيز الشراكات في الطاقة المتجددة والبتروكيماويات والزراعة والتكنولوجيا والسياحة.
أشادت الجزائر بدور سلطنة عمان في الوساطات وحلّ الأزمات في سياق زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لمسقط، ما عزز تقديرات سياسية بأن تكون الجزائر قد حمّلت مسقط رسائل سياسية إلى أطراف خليجية، تحديداً الإمارات، بفعل العلاقات المتوترة بين الجزائر وأبوظبي، التي عبّرت عنها وسائل إعلام جزائرية قبل فترة قصيرة، خصوصاً أنه بزيارة تبون لمسقط، يكون قد زار مجموع دول الخليج باستثناء الإمارات.
وأكد البيان المشترك الذي صدر خلال الزيارة التي تختتم اليوم الأربعاء، "الدور الهام والمحوري الذي تقوم به سلطنة عُمان في المساعي السلمية لخفض التوترات والدفع بالتفاهم والتعاون الإيجابي بين الدول في المنطقة والعالم". وأكد الجانبان "التعاون والتنسيق بين بلديهما في المنظمات والمحافل الإقليمية والدولية، بما يخدم مصالحهما ويسهم في تعزيز العمل العربي المشترك ودعائم الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم، مع تأكيد دعم الجهود الرامية إلى ترسيخ التوجهات السلمية وتعزيز ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة".
ويعتقد المحلل السياسي والباحث في مركز الدراسات بالرياض، يحيى بوزيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن ما يشجع على التقارب الجزائري العماني "تقاطع مبادئ السياسة الخارجية الجزائرية والعمانية في مقاربة الأزمات الإقليمية، من خلال تأكيد عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتأييد مساعي الحوار والوسائل السلمية في حل الخلافات"، إضافة إلى تمتعهما برصيد مهم من "المبادرة للوساطة بين الأطراف المتخاصمة، وهذا يتيح المجال لتنسيق وتعاون بين الطرفين الجزائري والعماني في مواكبة الجهود العربية لإدارة أزمات الإقليم".
وفي هذا السياق، تذهب بعض القراءات السياسية إلى احتمال أن تحمل الزيارة في سياقها أبعاداً سياسية تتصل بسعي الجزائر لدفع سلطنة عمان، باعتبارها طرفاً وازناً ومحايداً في مجلس دول الخليج، إلى حمل رسائل جزائرية إلى أطراف عربية بعينها، في إشارة إلى الإمارات التي تشهد علاقاتها مع الجزائر فتوراً وتوتراً صامتاً منذ فترة، عبّر عنه بيان سابق لمجلس الأمن القومي الجزائري اتهم أبوظبي تلميحاً بلعب دور في توترات المنطقة وسلوك عدائي تجاه الجزائر، وتوجيه وسائل إعلام رسمية ومقربة من السلطة في الجزائر اتهامات مباشرة لسفير الإمارات في الجزائر بالسعي لإثارة أزمات مع الجزائر. كذلك، كان الرئيس تبون قد جدد خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد الماضي، القول إن دولاً تقوم بإثارة الفتنة في السودان، في إشارة واضحة إلى الإمارات التي تشير ترجيحات إلى أنها تدعم قوات الدعم السريع.
وفي السياق، قال الباحث الجزائري في قضايا الشرق الأوسط والعلاقات الدولية، في جامعة السلطان قابوس بسلطنة عُمان، صلاح خيراني، لـ"العربي الجديد": "أعتقد أنه قد يكون هناك ملمح من أن الجزائر تريد من سلطنة عُمان بحكم الرمزية التاريخية والحظوة السياسية، أن تلعب دوراً ما في تقريب وجهات النظر بين الجزائر والإمارات، لتعود العلاقات إلى سابق عهدها بعد فتور تسبب فيه بعض الأطراف، لما لمسقط من ثقل وحظوة بالنسبة إلى حكام الإمارات، وإرادة الجزائر الدائمة في التقريب بين الأشقاء العرب وتوحيد الصف العربي، يحتم عليها إيجاد حل للقضايا العالقة والخلافات القائمة مع أبوظبي، خصوصاً أن سلطنة عمان متعودة على جهود ومساعٍ لتحقيق التقارب والتفاهم بين الاشقاء العرب".
وكان الرئيس تبون قد وصل مساء الاثنين إلى سلطنة عمان في أول زيارة لرئيس جزائري إلى مسقط منذ عام 1990، حيث أجرى سلسلة مباحثات مع السلطان هيثم بن طارق، وخلال الزيارة وُقِّعَت ثماني اتفاقات تعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والمالية والاستثمارات. كذلك تمت المبادرة لإنشاء صندوق استثماري عُماني جزائري مشترك، يُقام من خلاله شراكات ومشاريع مشتركة في مجالات الطاقة المتجددة والبتروكيماويات والزراعة الصحراوية والتكنولوجيا والسياحة وغيرها من المجالات الأخرى الواعدة.