بينما تستمر بعض فصائل "الحشد الشعبي" في التمرد على قرار هيكلة الفصائل الذي أصدره رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، في مطلع يوليو الجاري، لم يتبق سوى 72 ساعة على انتهاء المهلة المحددة لهيكلة الفصائل وضمها إلى القوات المسلحة.
وكان عبد المهدي قد تراجع عن قرار اتخذه الأسبوع الماضي بسحب لواء الحشد الشبكي (التابع لمليشيا الحشد الشعبي)، الذي يتزعمه القيادي في الحشد وعد القدو، وهو أحد المشمولين بالعقوبات الأميركية، من مواقعه في منطقة سهل نينوى. وأثار تراجع عبد المهدي عن القرار شكوكا كبيرة في قدرته على تنفيذ قرار الهيكلة.
ويستمر عدد من الفصائل المسلحة مثل مليشيا كتائب حزب الله العراق، والنجباء، وسيد الشهداء، وحشد الشبك، في المماطلة في الاستجابة لقرارات الحكومة القاضية بهيكلة فصائل الحشد وإخضاعها ومقراتها وترسانتها العسكرية لسلطة الدولة، بينما تضغط قيادات في "الحشد" على عبد المهدي للتراجع عن القرار.
وقال مسؤول حكومي مطلع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قيادات في الحشد تمارس ضغوطاً على عبد المهدي هدفها استثناء فصائل بعينها من القرار تحت مزاعم أنها فصائل مقاومة إسلامية ذات طابع إقليمي ضمن محور المقاومة مع العدو الإسرائيلي ولا يمكن محاصرتها"، مبيناً أن "الضغوط لم تنحصر في دائرة قيادات الحشد فقط، بل إن هناك اتصالات من قبل مسؤولين إيرانيين في هذا الاتجاه".
وأكد أن عبد المهدي يحاول تنفيذ القرار، وأن هناك من يدعم ومن يعارض قراره في قوات الحشد الشعبي، مشيراً إلى أن استثناء بعض الفصائل من القرار سيعطي فرصة لمزيد من الفصائل للتمرد على قرارات الحكومة.
وقال النائب عن تحالف سائرون (بزعامة الصدر) جواد الموسوي، في بيان صحافي سابق، إنّ "أي فصيل من فصائل الحشد الشعبي سيتمرد على الأمر الديواني لرئيس الوزراء القاضي بضم جميع الفصائل إلى القوات المسلحة، فسيعتبر دلالة واضحة على الارتباط الخارجي والأجندات الخارجية لهذا الفصيل، مع وجود مصالح داخلية وسياسية مشبوهة يرغب هذا الفصيل في المحافظة عليها والاستمرار فيها".
ويقول رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، إن القرار المعروف باسم "المرسوم الديواني"، يهدف إلى إعادة ترتيب عمل "الحشد الشعبي"، وإخضاع جميع الفصائل لسلطة الدولة، بما في ذلك مقراتها وأسلحتها المتوسطة والثقيلة، وتسليم المناطق التي تسيطر عليها للشرطة المحلية وقوات الجيش، واعتماد تسميات ألوية وأفواج، بدلا من أسمائها الحالية.
وجاء قرار التراجع بعد رفض الفصيل المسلح القرار السابق لعبد المهدي بالانسحاب، وتمرده عليه، والذي قابله بتظاهرات رافضة للقرار، وضغوطات مارستها قيادات الحشد على عبد المهدي.
وبحسب النائب عن المكون الشبكي، حنين القدو، فإنّ "عبد المهدي عدل عن قراره الذي أصدره بسحب اللواء 30 في الحشد الشعبي من مواقعه"، معبرا، في بيان صحافي، عن شكره "للمرجعية الدينية في النجف وكربلاء لتدخّلها الإنساني في الموضوع، وطلبها من عبد المهدي إلغاء القرار والعدول عنه".
من جهته، أكد النائب عن المكون المسيحي، أسوان الكلداني، أنّ قرار سحب الفصيل جاء مستعجلا، مبينا، في تصريح صحافي، أنّ "منظمات أميركية مُنعت من العمل في سهل نينوى، وضغطت في وقتها لإصدار قرار سحب الحشد".
وقال مسؤول محلي في نينوى، لـ"العربي الجديد"، "طالبنا سابقا رئيس الحكومة بسحب الحشد من المحافظة، واستجاب لنا، لكنّ رفض الفصيل المسلح قرار الانسحاب يعد سابقة خطيرة وغير متوقعة من قبل رئيس الحكومة".
وأكد أن "القرار شكل صدمة بالنسبة لنا، وسيمنح فصائل كثيرة فرصة للتمرد على أي قرار يصدره عبد المهدي بسحبها أو الحد من تحركاتها"، مستغربا "كيف سيستطيع عبد المهدي تطبيق قراره بهيكلة الحشد الشعبي بشكل كامل، في حين لم يستطع سحب وتحريك فصيل واحد من مقراته؟".
وكان نائب رئيس الوزراء في حكومة حيدر العبادي، بهاء الأعرجي، قد شكك، في وقت سابق، في قدرة عبد المهدي على تطبيق قرار هيكلة الحشد، مؤكدا أنه لا يستطيع ذلك، لأنّ الحشد أقوى من الأحزاب، بل هو الأحزاب القوية.