العراق: تزايد المخاوف من تزوير الانتخابات البرلمانية

24 فبراير 2018
عملية العد والفرز اليدوية أكثر شفافية (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

نحو 80 يوماً تفصل العراقيين عن موعد فتح صناديق الاقتراع للانتخابات التشريعية العامة، التي تجري في مرحلة انتقالية هشة تمر بها البلاد، عقب حرب طاحنة استمرت لأكثر من ثلاث سنوات مع تنظيم "داعش"، خرج العراقيون منها منتصرين، لكن بكثير من الخسائر البشرية والمادية.

وتسود الأوساط السياسية والشعبية، على حد سواء، مخاوف من تزوير الانتخابات أو التلاعب بنتائجها، خصوصاً مع انتشار الجماعات والمليشيات المسلحة، التي تخوض الانتخابات، بالإضافة إلى سيطرتها على الملف الأمني في عدد كبير من المدن، إلى جانب القوات العراقية، فضلاً عن انتشار المال السياسي في المناطق الفقيرة جنوب العراق والمناطق المحررة في شمال وغرب ووسط البلاد، بالإضافة إلى مخيمات النازحين. وتفاقم ذلك ضبابية الآلية التي تم من خلالها اختيار أعضاء ومراقبي مفوضية الانتخابات في المدن، وسط اتهامات بأن معظمهم مؤدلجون وغير مستقلين وينتمون إلى أحزاب وكتل سياسية مختلفة.

ومن المقرر أن تجرى الانتخابات العامة في البلاد، التي سينتج عنها برلمان وحكومة جديدين، في 12 مايو/ أيار المقبل، بمشاركة 206 أحزاب وكيانات سياسية، وبأكثر من 7 آلاف مرشح، يتنافسون على 329 مقعداً في البرلمان. وتكشف مصادر داخل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عما تسميه محاولات جدية من قبل كتل وأحزاب سياسية لفرض سيطرتها على بعض مفاصل المفوضية، من خلال موظفين يتبعون لها أو أنهم خضعوا لإغراءاتها أخيراً، خصوصاً على مستوى مدراء فروع ومراكز ومراقبين ومدخلي بيانات ومدققين. وقال مسؤول رفيع المستوى في المفوضية إن موضوع شراء بطاقات التصويت من النازحين مقابل أموال أمر حقيقي وواقع، ولدينا في محافظة واحدة أكثر من 50 ألف بطاقة بيعت من قبل فقراء، واشتراها مرشحون أو أنهم اشتروا أصواتهم مسبقاً. ويؤكد المسؤول، لـ"العربي الجديد"، وجود "جهات سياسية متنفذة تحاول فرض سيطرتها على بعض المناطق المحررة، وإجبار المواطنين على انتخابهم بهذه الطرق، خصوصاً في محافظة الأنبار وفي مناطق جنوب العراق التي تشهد هيمنة من فصائل الحشد (الشعبي) على عدد منها".


وكشفت النائبة عن محافظة الأنبار، لقاء وردي، أمس الجمعة، أن عمليات تحديث سجلات الناخبين في الأنبار، منذ نحو ثلاثة أشهر، شكلية، وليست لها قيمة، كون من يقوم بتحديث بياناته ومعلوماته بعد 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 لا يمنح بطاقة ناخب وبالتالي لا يمكنه التصويت إلكترونياً، وعليه الإدلاء بصوته عبر البطاقة القديمة، التي هي أصلاً غير موجودة لدى كثير من المواطنين في محافظة الأنبار بسبب فقدانها أثناء فترة النزوح. وأضافت "هذا يعني أن أقل من 25 في المائة فقط من الناخبين في محافظة الأنبار يمكنهم التصويت إلكترونياً، وهؤلاء هم الذين حدثوا معلوماتهم قبل 9 نوفمبر" الماضي. ودعت "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إلى الإيفاء بوعودها من خلال تصويت جميع المواطنين إلكترونياً، لضمان انتخابات حرة ونزيهة ومنع محاولات بعض القوى السياسية تزوير الانتخابات لصالح مرشحيهم". كما دعت "بعثة الأمم المتحدة في العراق إلى الضغط على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من أجل توزيع بطاقات الناخب على جميع الذين حدّثوا معلوماتهم لضمان التصويت إلكترونياً".

ويقول عضو التيار المدني العراقي، قصي جار الله، لـ"العربي الجديد"، إن "البطاقات الانتخابية التي لم توزّع على أصحابها بعد، كشفت عن ثغرات خطرة، أبرزها أن هذه البطاقات تعود إلى أشخاص متوفين أو تكررت أسماؤهم، إذ تم توزيع بطاقتين على أعداد كبيرة من عناصر الجيش والشرطة، الأولى تعتبره مدنياً والثانية عسكرياً". وحذر "من استخدام الطريقة الإلكترونية في الانتخابات المقبلة، وذلك لعدة أسباب، أهمها أن عملية العد والفرز اليدوية أكثر شفافية ومصداقية من تلك التي تتم إلكترونياً"، موضحاً أنه و"على الرغم من أن عملية صدور النتائج قد تتم في غضون ساعات قليلة إلا أن عملية التزوير تصبح أسهل. فمثلاً لا يمكن لمراقبي الكيانات السياسية أو ممثليها الاطلاع على عملية العد والفرز، لأنها تتم داخل صندوق الانتخابات الإلكتروني، بالإضافة إلى أن التصويت الإلكتروني لا يضمن عدم حدوث تلاعب في نتائج العد والفرز، وهذا ما يؤكد أن الانتخابات المقبلة ستفتقر إلى الشفافية، وأن التزوير فيها أصبح أمراً واقعاً".

واتهم محمد خلف (59 سنة)، الذي يسكن في أحد مخيمات النازحين في الأنبار، أحزاباً بالتورط في استغلال حاجة الناس لشراء أصواتهم مسبقاً. وقال خلف، لـ"العربي الجديد"، إن "مسؤولين وجهات سياسية يستغلون مصيبتنا". وأضاف "أنا معلم متقاعد، وأعي جيداً ما يجري في هذا المخيم. هناك مسؤولون ينتمون إلى أحزاب يستغلون سلطتهم الحالية للترويج لأنفسهم عبر مساعدات هي بالأصل من ممتلكات الدولة، ويعتبروها منة علينا، وفي الختام يطلبون منا التصويت لهم. كما أنهم يخدعون النساء بأن هناك كاميرات عند الصندوق، لكشف من تكذب عليهم ولا تنتخبهم". وبيّن أن "أحزاباً أخرى وزعت سلالاً غذائية وبطانيات على من يملك بطاقة ناخب حصراً"، متسائلاً "إذا كانت هذه أفعال أحزاب تدعي أنها إسلامية، وشخصيات تدعي العشائرية والوطنية والنخوة، فكيف الحال لمن هم دون ذلك؟". وأشار إلى أن "هناك حالة تمرد بسيطة داخل المخيم، يقودها مثقفون، قد تكبر، وعنوانها لا انتخابات داخل المخيمات والعيشة على الله"، وفقاً لقوله.

المساهمون