متفوقة دراسيا وحاصلة على شهادة في الكيمياء وأخرى في الفكر الإسلامي، هي الأخت الكبرى وصاحبة الكلمة المسموعة بين ست من الإناث واثنين من الذكور، وسط أسرة لا تميز بين الذكر والأنثى، بل تدعم الفتاة دراسيا وتترك لها حرية اختيار الزوج.
الناشطة العراقية هناء حمود (47 عامًا)، ولدت في مدينة الهندية ضمن محافظة كربلاء جنوب العراق، وتخرجت من جامعة بغداد عام 1992، ثم تزوجت عام 1993 وأنجبت محمد ومينه، لكن القدر أخذ زوجها جراء القصف الأميركي للمدنيين عام 2003.
وتروي هناء حمود كيف كانت تدير أسرتها وتعمل في الوقت ذاته في وزارة الصناعة، وتقول: "كان زوجي يدعمني كثيرا رغم ظروف الحصار القاهرة وقلة المرتبات، إلا أنني استمررت في عملي حتى عام 2003، وبعد الاجتياح الأميركي للعراق استشهد زوجي، وظللت حبيسة الدار مدة سنة تقريبا، باعتباري الجريحة الأكبر. لم أكن أدرك أن السنين العجاف ستفرز ملايين النساء أمثالي".
وتتابع "بعد مرور سنة سوداء مظلمة في حياتي، استفقت على حقيقة دوري الجديد، وأيقنت حاجة ولديّ إلى أن أكون أمًا وأبًا لهما، ابني محمد تخرج من كلية الصيدلة جامعة بغداد ويشق حاليا طريقه العملي، وابنتي مينة طالبة في المرحلة الأولى في كلية الصيدلة من جامعة أوروك".
وتشير إلى انخراطها متطوعة في منتصف 2004 في منظمة المرأة الديمقراطية، تلتها المبادرة بتشكيل تحالف نساء الرافدين والعمل الميداني لتوعية النساء بحقوقهن وزيادة مشاركتهن في كافة المجالات، وتشجيعهن على المطالبة بدستور عراقي جديد.
وتابعت حمود حديثها لـ"العربي الجديد"، في عام 2006 قدت برنامج تمكين المرأة في تحالف نساء الرافدين، وكان لنا برنامج بناء في زيادة قدرات النساء القياديات الواعدات من وزارات الدولة وتمكينهن من الوصول إلى مواقع صنع القرار، إلى جانب حملة تضمين كوتا نسوية في قانون مجالس المحافظات، تكللت بالنجاح وأقرت بنسبة لا تقل عن 25 في المائة في قانون انتخابات 2006 لمجالس المحافظات.
ولفتت حمود إلى أن أصعب الظروف التي مرّت بها كانت الحرب الطائفية، والقتل على الهوية والتهجير من منطقتي السيدية إلى منطقة حي صدام مدة سنة كاملة حتى تحريرها من أيدي "القاعدة"، مشيرة إلى استمرار عمل تحالف نساء الرافدين في تلك الظروف، رغم تعرضها للاستجواب أحيانا.
وتعمدت حمود دراسة الفكر الإسلامي لتتعرف على فكر رجال الدين. كما ترأست بين عامي 2009 و20015 تحالف نساء الرافدين، وكانت تدير برامج تمكين المرأة بهدف دعم المرأة العراقية وتمكينها في مواجهة السياسات الخاطئة التي ينتهجها صناع السياسة في العراق.
وعملنا في تحالف مع النساء المهجرات قسرا بسبب دخول "داعش" للعراق، عبر أنشطة تستجيب لاحتياجاتهن أثناء الأزمات والنزوح. وفي عام 2014 شاركنا مع شبكة النساء العراقيات في كتابة تقرير الظل عن اتفاقية سيداو ومناقشته في جنيف، إذ أرسلت لجنة سيداو على أثره 64 توصية لدولة العراق لتنفيذها بحدود عام 2018. كما كنت من فريق إصدار تقرير رصد واقع تطبيق قرار مجلس الأمن 1325 بالتعاون مع شبكة النساء العراقيات.
وفي حزيران/يونيو 2016 انضممت إلى منظمة النجدة الشعبية العراقية PAO كمدير تنفيذي لمكتب بغداد، وبدأت في مجال عملي الجديد وهو التمكين الاقتصادي للنساء النازحات، وتحققت لنا نجاحات في تغيير الصورة النمطية للأعمال التي تمارسها النساء.
تدرك حمود، بأن قوة المرأة تحتاج رصيدا ثقافيا واقتصاديا "لذلك أشجع النساء اللواتي ألتقيهن على مواصلة التعليم والعمل". ولا تزال مستمرة من خلال شبكة النساء العراقيات ومنظمتي PAO في الضغط من أجل إقرار تشريعات قانونية عراقية منصفة للمرأة، ومنها قانون مناهضة العنف الأسري.