تتصاعد حدّة الخلاف بين رئيس الوزراء السابق نوري المالكي والحالي حيدر العبادي، لتصل إلى ذروتها في ظل أوضاع أمنية متردية للغاية، الأمر الذي يضع حكومة العبادي على المحك ويهدد بسقوطها، مما استدعى تدخّلاً عاجلاً من قِبل إيران، التي تؤثر على الطرفين، لإيجاد حل للأزمة المتفاقمة.
وأخذ الخلاف بين الطرفين منحى خطيراً جداً، تمثّل بنزول أنصار المالكي إلى الشارع في محافظة البصرة، محاولين إسقاط حكومتها المحلية التي تدين بالولاء للعبادي، الأمر الذي دفع بالأخير إلى البحث عن حلول للأزمة.
ويتوجّه العبادي اليوم إلى طهران على رأس وفد عراقي رفيع المستوى، كما أعلن المتحدث الرسمي باسم مكتبه الإعلامي سعد الحديثي في بيان صحافي، مشيراً إلى أن "العبادي سيبحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها، كما ستركّز المباحثات على الملف الأمني العراقي والتعاون بين البلدين في مكافحة الإرهاب وخطر داعش على العراق وعلى المنطقة".
وقال مسؤول في "التحالف الوطني"، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأزمة التي تتصاعد حدّتها بين العبادي والمالكي، ومحاولات الأخير عرقلة عمل الحكومة وإفشالها، تأخذ منحى خطيراً قد يتسبب بانشقاق داخل البيت الشيعي، ككتلتين تتبع إحداهما المالكي والأخرى العبادي، وما لذلك من تداعيات خطيرة على المشهدين السياسي والأمني في البلاد".
وأشار إلى أن "العبادي اجتمع مع عددٍ من قادة التحالف الوطني، ومنهم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم، وقادة كتلتي الأحرار والفضيلة، وبحث معهم إيجاد حل للأزمة وأخذها على محمل الجد"، موضحاً أن "المجتمعين حذّروا من خطورة الانشقاق داخل البيت الشيعي وما لذلك من تداعيات سلبية على الشارع العراقي، وأجمعوا على ألا حل للأزمة من دون تدخل إيراني".
واعتبر المسؤول نفسه أن "إيران هي الجهة الوحيدة التي تمتلك تأثيراً كبيراً على الكتل الشيعية وتستطيع تمرير ما تراه مناسباً للأزمة العراقيّة"، مشيراً إلى أنّ "العبادي سيطالب خلال زيارته لطهران بتدخّل إيراني لكبح جماح المالكي وأنصاره، والحد من نفوذه المتزايد داخل التحالف الوطني".
وأكّد المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "العبادي لا يستطيع أن يقدم على أيّ تحرك ضد المالكي ما لم يحظَ بموافقة ودعم إيراني، خصوصاً مع النفوذ الكبير والمتزايد الذي يتمتع به المالكي".
اقرأ أيضاً: تحركات المالكي ضد العبادي تنطلق من البصرة
من جهته، رأى عضو تحالف القوى العراقية، أحمد سلمان، أنّ "الحكومة العراقية تكيل بمكيالين، ففي الوقت الذي ترفض فيه أي تدخّل خارجي في العراق، تطالب بتدخّل إيراني في كافة الأزمات وحتى من دون وجود أزمات". وأضاف سلمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "فتح الباب واسعاً أمام التدخّل الإيراني هو بحد ذاته أزمة للعراق، ومن ينتظر حلولا للأزمات العراقيّة من إيران فهو واهم، لأنّها هي أساس المشاكل والأزمات في العراق، ولولا تدخلها لما وصلت البلاد إلى ما هي عليه من تردٍ في كافة المستويات".
بدوره اعتبر الخبير السياسي عبد الغني النعيمي، أنّ "الاستنجاد بإيران ليس جديداً على الحكومة العراقيّة، فهي قد بُنيت بأيدٍ إيرانية، خلقت داخلها هفوات خطيرة لا يمكن حلّها إلا بتدخّل إيراني".
ورجّح النعيمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "تخيّب إيران مساعي العبادي، وألا تمنحه سوى الوعود التي لا تتحقق"، موضحاً أنّ "طهران لا تريد أن ينفرد العبادي ولا حتى المالكي بالحكم من دون وجود منافس خطير، لأنّها هي التي تضع المنافسين كورقة تهديد لمن يمسك الحكم في العراق، حتى إذا ما أراد أن يخرج عن المسار الذي رسمته له تضغط عليه بالمنافس فيعود إلى مساره". واستبعد النعيمي، "حدوث أيّ انشقاق داخل البيت الشيعي، لأن إيران لا تريد ذلك، لكن قد يحدث خلاف وهذا أمر وارد لكن في النهاية إيران لها القدرة على جمع هؤلاء القادة على كلمة واحدة".
اقرأ أيضاً: المالكي متّهم بمحاولات إفشال حكومة العبادي